اقتصاد / صحيفة الخليج

انتعاش الاقتصاد الصيني يفوق التوقعات قبل تفاقم معاناة الرسوم الجمركية

تجاوز الاستهلاك والاستثمار والإنتاج الصناعي الصيني التقديرات لبداية العام، مما يشير إلى علامات مرونة الاقتصاد الذي لا يزال بحاجة إلى مزيد من التحفيز؛ حيث تهدد التعريفات الجمركية التي فرضها دونالد ترامب النمو.
وأشار هذا الارتفاع إلى أن توجّه بكين نحو النمو منذ أواخر سبتمبر/أيلول لا يزال يغذي الزخم لثاني أكبر اقتصاد في العالم. في الوقت نفسه، ظل سوق العقارات تحت الضغط وارتفعت معدلات البطالة، في إشارة إلى نقاط ضعف قد تنكشف إذا ألحقت الرسوم الجمركية الأمريكية المزيد من الضرر بقطاع التصنيع الصيني.
وأعلن المكتب الوطني للإحصاء، يوم الاثنين، أن مبيعات التجزئة سجلت أفضل قراءة لها في أول شهرين منذ أكتوبر/تشرين الأول، بينما تجاوز الناتج الصناعي متوسط ​​التقديرات في استطلاع أجرته بلومبيرغ للمحللين. وسجل نمو استثمار الأصول الثابتة أسرع وتيرة له منذ الارتفاع الذي تحقق في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024.
وقالت لين سونغ، كبيرة الاقتصاديين في بنك ING لشؤون الكبرى: «لا تزال هناك شكوك كبيرة، لكننا نشعر أن مخاطر الصعود والهبوط متوازنة تقريباً». حتى الآن، لم يُعجب المستثمرون بالبيانات التي بدت متفائلة. وتداولت الأسهم الصينية في نطاق ضيق، حيث انخفض مؤشر CSI 300 القياسي بنسبة 0.2% عند الإغلاق.
وواصلت سندات الصين لأجل 10 سنوات انخفاضها، مما دفع العائدات للارتفاع بمقدار سبع نقاط أساس لتصل إلى 1.895%. وسجلت العقود الآجلة لسندات الثلاثين عاماً أسوأ أداء يومي لها حتى الآن في عام 2025.
صدمة التعريفات الجمركية
تُقدّم هذه الأرقام أشمل صورة حتى الآن لأداء الاقتصاد الصيني منذ أن شنّ ترامب حرباً تجارية جديدة. ويُساعد برنامج مُوسّع لدعم المستهلكين والشركات التي تتاجر في المعدات القديمة على رفع الطلب، بينما يُعزز تكثيف الشحنات من قِبل المُصدّرين قطاع التصنيع.
ومع تركيز السلطات المتزايد على زيادة الاستهلاك - وهو أولويتها القصوى هذا العام - يتمثل الهدف في التحول مما وصفه أحد المسؤولين بنهج الصين السابق «المُركّز على العرض» إلى نهج قائم على العرض والطلب. في مؤتمر صحفي عُقد في بكين، يوم الاثنين، لعرض خطة لإنعاش الطلب المحلي، صرّح نائب رئيس أعلى هيئة للتخطيط الاقتصادي في الصين بأن الجهود الأخيرة ستعتمد أيضاً على تدابير تُحسّن دخل الأسر وتعزز قدرتها الشرائية.
وقال مسؤول في البنك المركزي شارك في الجلسة نفسها: «إن بنك الشعب الصيني يدرس أيضاً إمكانية مساعدة المستهلك من خلال تقديم المساعدة المالية وابتكار أدوات سياسية جديدة لزيادة الدعم منخفض التكلفة».
وصرح مسؤولون اقتصاديون كبار مؤخراً بأنهم أتاحوا مساحة واسعة للتحرك في مواجهة حالة عدم اليقين والمخاطر، بعد أن أعلنت الحكومة عن هدف نمو طموح لعام 2025 يبلغ حوالي 5% خلال الدورة السنوية للبرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الشيوعي، والتي اختتمت الأسبوع الماضي.
وكتب سونغ، من بنك «آي إن جي»، في مذكرة عقب نشر البيانات: «نادراً ما تفشل الصين في تحقيق هدفها للنمو، ونتوقع استمرار دعم السياسات للمساعدة في تعويض تأثير الرسوم الجمركية على النمو هذا العام»، وذلك في معرض رفعه توقعاته للنمو لهذا العام إلى 4.7% من 4.6% سابقاً. كما رفع الاقتصاديون في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بعد صدور البيانات، إلى 4.8% لعام 2025 من 4.3% سابقاً.
ويجمع مكتب الإحصاء الصيني بيانات شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط لتصحيح التشوهات الناجمة عن عدم انتظام توقيت عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.
ووفقاً لجاكلين رونغ، كبيرة الاقتصاديين الصينيين في بنك بي إن بي باريبا، فإن الشحنات الخارجية للصين دعمت الإنتاج الصناعي في بداية العام، في حين ساهم الطرح المبكر للحوافز المالية هذا العام في تسريع نمو استثمارات البنية التحتية. وبلغت الصادرات مستوى قياسياً بلغ 540 مليار دولار في أول شهرين من العام.
ومع ذلك، حذرت من أن تباطؤ قطاع العقارات المطول لا يزال يثقل كاهل الاقتصاد، وأن مشاكل الرسوم الجمركية تلوح في الأفق. وتقلصت مساحة مبيعات المنازل الجديدة مرة أخرى في الشهرين الماضيين، وانخفض استثمار تطوير العقارات بنسبة 9.8%، وفقاً لأرقام مكتب الإحصاء الوطني. قال رونغ: «سيظل قطاع العقارات عبئاً على الاقتصاد هذا العام». وأضاف: «بالنظر إلى المستقبل، سيتضح تأثير الرسوم الجمركية في الصادرات عاجلاً أم آجلاً، وستظهر مخاطر التراجع على الصادرات بالتأكيد».
ويُعدّ رفع الإنفاق الاستهلاكي أمراً أساسياً لمواجهة السياسات الأمريكية التي تُزعزع التجارة العالمية وتُسبب تباطؤاً في الصادرات الصينية، التي ساهمت بما يقرب من ثلث النمو الاقتصادي للبلاد في عام 2024.
تعزيز الإنفاق المحلي
وفي إطار الجهود المبذولة لتعزيز الإنفاق المحلي، وسّع صانعو السياسات في وقت سابق برنامج التبادل التجاري للسلع الاستهلاكية في الصين، وطبقوا تدابير لاستعادة ثقة الأسر.
وعكست أحدث البيانات الطلب على السلع المؤهلة للحصول على الدعم. وارتفعت مبيعات التجزئة لمنتجات تتراوح من الأثاث إلى الأجهزة المنزلية بشكل حاد. كما أنفق المصطافون ببذخ خلال عطلة رأس السنة الصينية التي استمرت أسبوعاً حتى أوائل فبراير.
في إطار جهود الحكومة للحفاظ على زخم تعافي إنفاق الأسر، كشف صانعو السياسات خلال عطلة نهاية الأسبوع عن خطة عمل خاصة تهدف إلى إنعاش الاستهلاك. وقد أعطت المبادئ التوجيهية التي نشرها مجلس الدولة (مجلس الوزراء الصيني) الأولوية لتدابير رفع الدخل، واستقرار أسواق الأسهم والعقارات، وتقديم حوافز لرفع معدل المواليد في البلاد.
ووفقاً للي تشونلين، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، قد توسع الصين أيضاً برنامجها لتبادل السلع والخدمات بعد مراجعة فاعلية التدابير الحالية أولاً. وصرّح لي في الإحاطة الإعلامية التي عُقدت يوم الاثنين في بكين حول خطة العمل، بأن ثقة الأسر والطلب لا يزالان ضعيفين في بيئة استهلاكية تحتاج إلى تحسين.
ولم يقدم لي ومسؤولون آخرون في المؤتمر الصحفي سوى تفاصيل إضافية قليلة عما ورد في الإعلان السابق.
تتوقع مجموعة سيتي جروب «فرصة لتطبيق السياسات» خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع خفض الاحتياطي النقدي الذي يتعين على البنوك الاحتفاظ به في الربع القادم، وخفض أسعار الفائدة في الأشهر الثلاثة التالية. ومن المرجح أن تستغل القيادة الصينية اجتماع المكتب السياسي منتصف العام؛ لتقييم التقدم المُحرز، على حد قولها.
وصرح اقتصاديون في مجموعة سيتي جروب، بمن فيهم شيانغ رونغ يو، في تقرير الاثنين: «قد تتجه الأنظار إلى دعم العقارات والاستهلاك، بالإضافة إلى إصلاح جانب العرض 2.0 لخفض الإنتاجية».
وأضافوا: «بالنظر إلى المستقبل، قد يضعف زخم النمو مع تزايد العوامل الخارجية المعاكسة». (بلومبيرغ)

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا