يواجه الاقتصاد الأمريكي مرحلة دقيقة من التباطؤ، وسط تحولات حادة في السياسة التجارية للإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب. وتوقّع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة انخفاضًا بنسبة 2.7% خلال الربع الأول من عام 2025، وهو ما يُعد أسوأ أداء ربعي منذ أزمة كوفيد-19 منتصف عام 2020، وفق ما نقلته شبكة CNN.
أول انكماش منذ سنوات
أكدت وزارة التجارة الأمريكية أن الناتج المحلي الإجمالي تراجع فعليًا بنسبة 0.3% خلال الربع الأول من 2025، مقارنة بنمو قوي بلغ 2.4% في الربع السابق. هذا التباطؤ فاق توقعات المحللين الذين رجّحوا نموًا بنسبة 0.8%، ما يجعله أول ربع سلبي منذ عام 2022.
ويأتي هذا التراجع الحاد في وقت حساس، حيث تتجه الأنظار إلى مدى تأثير سياسات ترامب الجديدة، لا سيما تلك المتعلقة بالتجارة والرسوم الجمركية، على أداء الاقتصاد الأمريكي في الشهور المقبلة.
اقرأ أيضاً: «مورجان ستانلي»: أمريكا الأكثر تضرراً من تعريفات ترامب الجمركية
تصعيد تجاري يربك الأسواق
شهدت الأشهر الأولى من ولاية ترامب الثانية موجة تصعيد جمركي أثارت قلق الأسواق. فقد أعادت الإدارة فرض رسوم واسعة النطاق على واردات صينية وأوروبية، ما أدى إلى زيادة التوتر التجاري العالمي ودفع المستهلكين والشركات إلى سلوكيات استباقية أربكت الحسابات الاقتصادية.
وبرغم ذلك، سعى ترامب إلى تبرير التباطؤ عبر منشور على وسائل التواصل قال فيه:
"ستزدهر بلادنا، لكن علينا التخلص من عبء بايدن... لا علاقة للأمر بالرسوم الجمركية، بل بالأرقام التي ورثناها. اصبروا، فالازدهار قادم!"
الفجوة التجارية تقود التراجع
أشارت بيانات وزارة التجارة إلى أن التراجع الاقتصادي يعود بشكل رئيسي إلى اتساع العجز التجاري، نتيجة اندفاع المستهلكين إلى الشراء المسبق لتفادي ارتفاع الأسعار بسبب الرسوم الجديدة.
اقرأ أيضاً: بما فيها الصين.. ترامب: اتفاقات الرسوم الجمركية ستُبرم مع كل الدول
فقد قفزت الواردات بنسبة 41.3% خلال الربع الأول، مقارنة بتراجع بلغ -1.9% في الربع السابق، بينما لم تسجل الصادرات سوى ارتفاع طفيف بنسبة 1.8%.
وقد أدى هذا التفاوت الكبير إلى أكبر مساهمة سلبية للعجز التجاري في الناتج المحلي منذ عام 1947، بحسب بيانات الوزارة.
تصريحات نافارو: “أفضل طباعة سلبية”
في تعليقه على التقرير، قال بيتر نافارو، المستشار التجاري البارز لترامب، إن هذا التقرير:
"أفضل طباعة سلبية رأيتها في حياتي. الأسواق يجب أن تنظر لما وراء السطح."
وأشار نافارو إلى ارتفاع الاستثمار المحلي باعتباره علامة إيجابية وسط الأرقام السلبية، رغم أن وزارة التجارة أوضحت أن جزءًا كبيرًا من هذا النمو جاء من قيام الشركات بتخزين البضائع تحسبًا للرسوم الجديدة.
إنفاق المستهلكين يتباطأ والحكومة تخفض نفقاتها
شكل التباطؤ في الإنفاق الاستهلاكي عامل ضغط إضافي على الاقتصاد، حيث تباطأ النمو في هذا المؤشر من 4% إلى 1.8%، في أدنى وتيرة منذ منتصف 2023، نتيجة تراجع الإنفاق على السلع.
من جهتها، خفضت الحكومة الفيدرالية نفقاتها بشكل حاد، لينخفض الإنفاق العام من 4% إلى -5.1%، ما أدى إلى تفاقم تأثير التباطؤ على النمو.
استثمارات الشركات تقفز رغم الضبابية
وعلى عكس الاتجاه العام، أظهرت الشركات ثقة واضحة، حيث ارتفع الاستثمار الخاص بنسبة 21.9% في الربع الأول، وهو أعلى مستوى منذ أواخر 2021، بينما ارتفع الإنفاق الاستثماري للشركات بنسبة 9.8% مقارنة بانخفاض سابق بنسبة -3%.
وصرّح ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض، قائلاً: "الزيادة في استثمارات الأعمال ليست ما تفعله الشركات عندما تكون قلقة. بل هي علامة على التفاؤل."
هل دخل الاقتصاد الأمريكي في ركود؟
رغم التراجع الواضح، لا يزال الاقتصاديون يترددون في إطلاق وصف "الركود" على الوضع الحالي. فالركود، كما تُعرّفه المؤسسات الأمريكية، يتطلب انكماشًا واسع النطاق يشمل سوق العمل، الاستهلاك، الصناعة، والاستثمار، ويستمر لأكثر من بضعة أشهر.
حتى الآن، لا تزال بعض المؤشرات – كالنمو الاستثماري – تظهر متانة نسبية، ما يعني أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال عند مفترق طرق، ولم يدخل بعد رسميًا في حالة ركود.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.