د. لويس حبيقة*
أهداف الرئيس ترامب كبيرة وعميقة، ليس فقط للولايات المتحدة، وإنما للعالم أجمع، يريد إيجاد حلول لمنطقتنا، لكن دون مراعاة لمواضيع التاريخ والحقوق والثقافة والجغرافيا، وبالتالي لا يمكن أن يصل إلى أهدافه، منطقة الشرق الأوسط قديمة ومن يحاول المشاركة في تطورها، عليه أن يدرس جيداً تاريخ الشعوب وعقليتهم وثقافتهم وتنوعهم، التي تختلف كثيراً عن مناطق أخرى. سياسات الرئيس ترامب الحالية وخاصة في موضوع فلسطين وتحديداً غزة يبعد المنطقة عن السلام بسبب الانحياز الكامل لإسرائيل، فهو يضرب بعرض الحائط كل المحاولات للهدوء والسلام من أي جهة أتت بمن فيهم الأصدقاء. مشكلة ترامب أنه لا يميز أيضاً جيداً بين حلفائه التاريخيين خاصة في أوروبا وأسيا وخصومه التاريخيين أي روسيا والصين.
الصديق في رأي الرئيس ترامب هو من يفيد أمريكا مادياً وبالدولار، والعدو هو من يأخذ المادة من أمريكا غصباً عنها وطبعا بالدولار، القيمة التي يتطلع إليها هي المادة وليس هنالك أي نظر للمواضيع الإنسانية والتاريخية والثقافية. أمريكا اليوم مختلفة جداً عن أمريكا الماضي ليس فقط في السياسة وإنما في العقيدة والعقلية، أي في ممارسة الحكم في الداخل وتجاه الدول الأخرى، في الاقتصاد مثلاً، للتعويض عن الإنفاق المادي السابق، لا بد في رأيه من فرض قيود وضرائب وتعريفات جمركية مرتفعة على الحلفاء قبل الخصوم حتى لو تأذى الأمريكيون أنفسهم عبر الأسعار والنوعية. التعريفات الجمركية المرتفعة تفرض على كندا والمكسيك ودول الوحدة الأوروبية أي على الحلفاء وبنسب عالية، وأيضاً على الخصوم كالصين وروسيا وغيرهما.
يقول ترامب: إن الحلفاء استفادوا عن غير حق من مساعدات أمريكا التجارية والأمنية والإنسانية السخية وعليهم تسديد تلك «الديون» سريعاً أمريكا خسرت أيضاً قلبها، ومن المنتظر أن توقف المساعدات والهبات إلى معظم دول العالم وفقرائها، بعض الدول العربية تعتمد على هذه المساعدات والهبات وبالتالي الضرر سيطالنا أيضاً، أمريكا خسرت قلبها وجزءًا من عبقريتها.
أما الطريقة التي يستعملها الرئيس ترامب لمخاطبة الحلفاء، ربما لا يستحقها الأعداء، أقترح مثلاً على كندا أن تصبح الولاية الأمريكية ال51 وبالتالي تتجنب العقوبات الجمركية، يعرف جيداً أن الكنديين يكرهون هذا الاقتراح وأنهم متعلقون بكندا وجناحيها الفرنسي والإنكليزي، أقترح على الدانمارك بيع «غرينلاند» بالرغم من أنها غير معروضة للبيع. أمريكا في الداخل تحتاج إلى الكثير من الاهتمام بالمناطق والفقراء والنزاعات الشعبية القوية الصامتة، وبالتالي التركيز على العلاقات الخارجية ليس في محله.
أما تأثير «إلون ماسك» فكان مهماً، لكن شخصيته كانت أقوى مما يمكن للرئيس تحمله، بعض أفكاره كان جيداً كتعزيز الإنتاجية والتنافسية واستعمال التكنولوجيا الحديثة في القطاع العام لوقف الهدر، تكمن المشكلة خصوصاً في السرعة التي يريدها في التنفيذ في غياب المشاورات الداخلية الكافية المسبقة دعماً للأفكار وللتنفيذ، إن فرض الإصلاحات من فوق ودون تأييد القاعدة لا ينجح، قوة ماسك فاقت قوة بقية الوزراء وبالتالي تجمعوا لدفعه إلى خارج الإدارة ونجحوا.
* كاتب اقتصادي لبناني
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.