الارشيف / عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

محلل استراتيجي: النزاع النووي بين أميركا وكوريا الشمالية خطر حقيقي

  • 1/2
  • 2/2

في الوقت الذي تتركز فيه أنظار الكثيرين على التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بدءاً من الحرب في قطاع غزة، إلى المواجهة بين الولايات المتحدة وحلفائها، من ناحية، وجماعة الحوثيين اليمنية في جنوب البحر الأحمر، من ناحية أخرى، يتزايد خطر الترسانة النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، واحتمالات نشوب صراع مسلح في شمال شرق آسيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، قال المحلل الاستراتيجي والدبلوماسي الأميركي المخضرم، روبرت جالوتشي، إن «هناك تغيراً واضحاً في النهج الذي تبنته كوريا الشمالية خلال السنوات الأخيرة، مقارنة بنهجها طوال عقود سابقة». وانتقلت بيونغ يانغ من المفاوضات البطيئة في عهد إدارتي الرئيسين السابقين، بيل كلينتون، وجورج بوش الابن، إلى سلسلة استفزازات، من إغراق سفن وقصف جزر وإسقاط طائرات مروحية واختبار أسلحة نووية، لتجد واشنطن نفسها أمام وضع مختلف تماماً في شبه الجزيرة الكورية.

ولم تبدِ كوريا الشمالية طوال السنوات الثلاث الماضية أي اهتمام بالدخول في مفاوضات مطولة مع الولايات المتحدة. وبدلاً من الاستفزازات التي تستهدف جذب الانتباه وخلق أوراق مساومة، فإنها أجرت اختبارات لأسلحة باليستية طويلة المدى لمنع أي محاولة لتغيير نظام حكمها، والحصول على المواد اللازمة لتوسيع ترسانتها النووية، والتهديد باستخدام الأسلحة النووية «أولاً» في حال نشوب أي صراع.

ويضيف جالوتشي، الأستاذ البارز للدبلوماسية العملية في كلية «وولش سكول» للعلاقات الخارجية في جامعة جورج تاون الأميركية، أن «إدارة الرئيس جو واجهت عند وصولها إلى الحكم قيادة كورية شمالية قلقة، مع مشهد دولي سريع التغيّر. فكانت آسيا تشهد صعود النفوذ الصيني، وتراجع الدور الأميركي، في حين كانت أوروبا مسرحاً لعودة النفوذ الروسي، وصولاً للحرب في أوكرانيا».

سيناريوهات عدة

في الوقت نفسه، اختار الجيل الثالث من عائلة كيم الحاكمة في كوريا الشمالية المحافظة على العلاقات مع بكين، وتبني دورها الرئيس كدولة حليفة للصين، مع التحسين السريع لعلاقاتها مع موسكو. وفي ظل هذه الأوضاع يمكن توقع الأسوأ والتفكير في احتمال نشوب حرب نووية في شمال شرق آسيا خلال 2024، والبحث عن سُبل تجنب مثل هذا السيناريو الكارثي.

ويرى الدبلوماسي الأميركي، الذي عمل سفيراً متجولاً ومبعوثاً خاصاً لوزارة الخارجية الأميركية، أن مهمته التركيز بشكل أساسي على جهود منع الانتشار النووي والصواريخ بعيدة المدى في العالم، أن هناك سيناريوهات عدة يمكن أن تقود إلى تلك الحرب النووية في شمال شرق آسيا. ومن هذه السيناريوهات يوجد ما يُسمى «سيناريو تايوان»، وفيه ستتحرك ضد تايوان التي تعتبرها إقليماً منشقاً رداً على أي تحركات استفزازية من جانب القيادة التايوانية، لتتحرك واشنطن لدعم حليفتها تايوان.

وفي هذه الحالة يمكن أن تتحرك كوريا الشمالية، سواء بتشجيع من الصين أو من دونه، لدعم بكين، بتوجيه تهديدات نووية لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في شمال شرق آسيا، ما يعني أن الولايات المتحدة ستواجه دولتين نوويتين في مسرح واحد، إلا إذا اختارت روسيا أن تصبح الثالثة. في المقابل، فإن وكوريا الجنوبية - حليفتي الولايات المتحدة - غير نوويتين. وتعتمدان على واشنطن لمنع حدوث هذا السيناريو، الذي يجب التفكير فيه بجدية.

دعم الحلفاء

هناك سيناريو آخر أقل تعقيداً، وفيه ستقرر القيادة الكورية الشمالية استخدام ترسانتها النووية والصاروخية لإجبار جارتها الجنوبية على الخضوع للتوجهات السياسية والحدودية للشمال، وضمان ردع الولايات المتحدة عن التدخل دعماً لكوريا الجنوبية. ومن المهم في هذا السيناريو أو في أي سيناريو آخر مطروح، إدراك أن ما ستقوم به واشنطن، بالفعل، ليس هو النقطة المهمة، وإنما المهم هو ما تعتقد القيادة الكورية الشمالية أن واشنطن ستقوم به. فقد تعتقد بيونغ يانغ أن ترسانتها الصاروخية العابرة للقارات يمكنها ليس فقط ردع الولايات المتحدة عن محاولة تغيير نظام الحكم في البلاد، وإنما تقلص أيضاً قدرتها على دعم حلفائها في آسيا. وتصور كوريا الشمالية لهذه النقطة بالذات يمكن أن يحدد ما إذا كانت الحرب النووية ستنشب في آسيا أم لا.

ويقول جالوتشي، الذي يترأس الوفد الأميركي في مفاوضات الأزمة النووية الكورية الشمالية، عام 1994، إنه «إذا كانت الولايات المتحدة قلقة بالفعل من احتمال نشوب حرب نووية، فعليها التفكير في السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن تؤدي إليها، بعيداً عن مجرد فكرة مدى فشل الردع الأميركي لبيونغ يانغ».

وهناك احتمال وقوع حادث عارض أو قيام الجيش الكوري الشمالي بإطلاق صاروخ نووي دون إذن من القيادة العليا. فرغم كل شيء، تُعدّ كوريا الشمالية «جديدة على اللعبة النووية»، مقارنة بالدول النووية الأخرى. كما أن الحديث الكوري الشمالي الصاخب عن الاستعداد لاستخدام الأسلحة النووية، لا يجب أن يكون سبباً للثقة بأن احتمال حدوث هذا الأمر ضعيف.

الملاذ الأخير

ويكفي القول إن تنامي الترسانات النووية في شمال شرق آسيا، وفي بيئة يسيطر عليها التنافس وأحياناً العداء السياسي، يفرض على الإدارة الأميركية إعادة النظر في استراتيجيتها الإقليمية، والتفكير في مخاطر الاعتماد على سياسة «الدبلوماسية هي الملاذ الأخير»، والتفكير جيداً في العودة إلى المسار الدبلوماسي، رغم صعوبة تحقيق هذا الأمر خلال العام الجاري، في ضوء انشغال إدارة الرئيس بايدن بالانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل.

وأخيراً، يقول الدبلوماسي الأميركي، الذي شغل منصب عميد كلية وولش سكول للعلاقات الخارجية لمدة 13 عاماً، إنه «ليس من الخطأ التفكير في ما يمكن أن يجذب بيونغ يانغ إلى المحادثات مع واشنطن. والأمر بسيط لكنه ليس سهلاً. فعلى الولايات المتحدة السعي بإخلاص نحو تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية، وجعل هدف تفكيك ترسانتها النووية هدفاً أبعد مدى، وليس الخطوة الأولى في عملية التقارب. كما يجب أن يكون مطروحاً على مائدة المناقشات من البداية تخفيف العقوبات على كوريا الشمالية، وميثاق التدريبات العسكرية الأميركية - الكورية الجنوبية، وتحسين سياسات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، وهو أمر أبدت بيونغ يانغ استعدادها له في الماضي، كما أنه حيوي لتطبيع العلاقات».

وكما قال جالوتشي: «فالأمر قد يكون بسيطاً، لكنه ليس سهلاً».


. لم تبد كوريا الشمالية طوال السنوات الثلاث الماضية أي اهتمام بالدخول في مفاوضات مطولة مع واشنطن.

. هناك احتمال وقوع حادث عارض، أو قيام الجيش الكوري الشمالي بإطلاق صاروخ نووي دون إذن من القيادة.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا