عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

زيلينسكي لن يتمكن من التفاوض حول السلام مع روسيا دون الغرب

• تيد شنايدر - باحث في السياسة الخارجية الأميركية عن «رسبنسبل ستيتكرافت»

تصاعدت الحرب حتى أصبحت بمثابة الكابوس بالنسبة لشعب أوكرانيا، حيث أصبح مئات الآلاف من جنودها قتلى أو جرحى، كما تعرضت البنية التحتية والبيئة في هذا البلد للتدمير. وتبدو فرص أوكرانيا في تحقيق أي من أهدافها المأمولة في تراجع، كما أن الكثير من الأراضي يجري خسارتها بصورة يومية. وإضافة إلى ذلك فإن العديد من الآليات التي أدت إلى نشوب هذه الحرب بات من الصعب الخروج منها.

وبالنظر إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي غمر الشعب الأوكراني بالوعود الوردية والإنجازات التي ستحققها الحرب، فقد بات على زيلينسكي إنهاء الحرب دون تحقيق النجاح الموعود، كما أنه عاجز عن إخراج شعبه من هذه الحرب التي قاد بلاده خلالها.

ولتشجيع الأوكرانيين وحلفاء بلاده وعد زيلينسكي بأن أوكرانيا لن تستعيد أراضيها التي خسرتها في هذه الحرب فقط، وإنما ستسترجع الأراضي التي خسرتها في حرب عام 2014، بما فيها دونباس وشبه جزيرة القرم، ولهذا فإن التفاوض على إنهاء الحرب التي لم تسترجع شيئاً وإنما أدت إلى مزيد من خسارة الأراضي، سيكون صعباً على زيلينسكي. والأسوأ من ذلك أن الرئيس الأوكراني سيكون من الصعب عليه التفاوض لإنهاء الحرب بعد أن تعهد بأنه لن يتفاوض مع روسيا طالما بقي الرئيس فلاديمير بوتين رئيسها.

القوميون اليمينيون

وحتى لو أعاد زيلينسكي تجميع صفوفه وألغى الحظر المفروض على التفاوض والحفاظ على أفضل السيناريوهات لأوكرانيا، فسوف يثنيه القوميون اليمينيون المتطرفون ذاتهم الذين أقنعوه بالتخلي عن برنامج السلام الذي قدمه خلال حملته الانتخابية قبل الحرب.

وتمكن زيلينسكي من هزيمة منافسه الرئيس السابق بيترو بوروشينكو بنتيجة كاسحة عام 2019 لأنه وعد بتنفيذ اتفاقيات مينسك التي تهدف الى إنهاء حرب دونباس التي اندلعت عام 2014، وبدأ التحرك نحو السلام مع روسيا، ولكنه ابتعد عن هذا البرنامج بسبب ردة الفعل العنيفة على ذلك وقلة الدعم من الغرب.

وتحدى الزعماء القوميون المتشددون زيلينسكي وحذروا من أن وقف إطلاق النار والوفاء بوعوده الانتخابية سيؤدي إلى احتجاجات وأعمال شغب. والأخطر من ذلك أنهم هددوا حياته. وهدد مؤسس منظمة «رايت سكتور» المتطرفة وشبه العسكرية دميترو ياروش، بأن زيلينسكي «سيفقد حياته» إذا أوفى بوعده الانتخابي، وسوف يتم تعليقه على الأشجار في شارع خريشاتيك إذا خان أوكرانيا وأولئك الذين ماتوا في الثورة والحرب. ومن المهم جدا أن يفهم ذلك.

ومن الممكن استبدال زيلينسكي برئيس لوقت السلم، ولكن بصلاحيات أقل، ولكن الانتخابات محظورة بموجب القانون الأوكراني خلال فترة الأحكام العرفية التي لاتزال سارية. وعلاوة على ذلك، كشف استطلاع أجري في فبراير 2024 أن 49% من الأوكرانيين يعارضون جداً الانتخابات في الوقت الحالي و18% يعارضونها، على الرغم من أن الاستطلاع يعاني من مشكلة منهجية تمثلت في أنه يستبعد على الأرجح سكان المناطق الشرقية وأولئك الذين غادروا أوكرانيا.

التفاوض لإنهاء الحرب

وباختصار، لن يقوم زيلينسكي بأي تحرك في الوقت الحالي، ولكنه سيكافح من أجل التفاوض على إنهاء الحرب دون مساعدة. ومع ذلك، يمكن أن تأتي مثل هذه المساعدة من الولايات المتحدة وشركائها في الغرب. وعلى الرغم من أن زيلينسكي قد لا يتمتع بالقوة السياسية اللازمة للتراجع بشكل واقعي عن وعوده المتطرفة أو النجاة من الانتقام القومي المتشدد، فإنه سيكون لديه فرصة أفضل لتمريرها إذا استطاع أن يقول إن القوى الغربية التي وعدت بدعم السعي لتحقيق تلك الأهداف كانت تضغط عليه للتفاوض على إنهاء الحرب. ومن الممكن أن تنتقل المسؤولية إلى الولايات المتحدة.

ولكن هل من الممكن أن تتحمل واشنطن المسؤولية؟ منذ البداية وصف الرئيس الأميركي جو الحرب في أوكرانيا بأنها «المعركة العظيمة من أجل الحرية: بين الديمقراطية والاستبداد»، وأصرت الولايات المتحدة على دعم الحرب ضد روسيا دفاعاً عما وصفته بـ«المبادئ الأساسية»، بما في ذلك أن كل دولة لديها «حق سيادي في أن تقرر بنفسها من تختار الارتباط به في ما يتعلق بتحالفاتها وشراكاتها».

ولهذا ربما يتم النظر إلى ذلك باعتباره ضربة لمصداقية بايدن، والهيمنة الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، واعترافاً بعدم القدرة على إخراج روسيا من أوكرانيا والدفاع عن حق الناتو في التوسع وحق أوكرانيا في الانضمام إليه.

وستكون المفاوضات لإنهاء الحرب طريقاً مرغوباً للخروج من أوكرانيا، وستكون المحادثات الدبلوماسية ممكنة كما أثبتت المفاوضات الناجحة في إسطنبول خلال الأسابيع الأولى من الحرب، والتي أدت إلى مسودة اتفاقية موقعة عن هذه المفاوضات، وهو ما أكدته مصادر مستقلة اطلعت على هذه المسودة. وكان من الممكن أن تؤدي مفاوضات إسطنبول إلى إنهاء الحرب، وقال الباحث دي فيلت من جامعة هوبكنز، والذي اطلع على المسودة «وافقت كييف وموسكو على شروط إنهاء الحرب. ولم يبق سوى بضع نقاط مفتوحة».

محادثات إسطنبول

وقال عضو فريق أوكرانيا المفاوض في إسطنبول أوليسكي اريستوفيتش إن محادثات إسطنبول كانت ناجحة وكان من الممكن أن توقف الحرب. وأضاف أن اتفاق إسطنبول كان قد تم إعداده بنسبة 90% وقال «بدأنا الاحتفال فرحاً».

ولكن هذه المحادثات الدبلوماسية هي التي تجعل مفاوضات المستقبل صعبة. وسيكون على أوكرانيا، والولايات المتحدة، بعد عامين من الحرب والقتل والتدمير وخسارة الأرواح، والأراضي، الموافقة على شروط هي في الأساس الشروط نفسها التي فازوا بها قبل الحرب.

وفي الواقع فإن العديد من جوانب أي حل دبلوماسي يجب أن تعالج القضايا الروسية الأوكرانية، مثل الأراضي، وحماية الأقليات العرقية في كل من البلدين، ولكن يجب أن يتم ذلك ضمن حل عالمي أوسع. وقد اقترح بوتين أخيراً أن المحادثات المستقبلية لا تشمل مجرد ترتيبات أمنية بين أوكرانيا وروسيا، بل وأيضاً بنية أمنية أوروبية شاملة. وقال بوتين في شهر مايو الماضي إننا منفتحون على الحوار مع أوكرانيا.

ويبدو أن توسع التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة والمعادي لروسيا يتحرك نحو اجتياح أوروبا حتى عتبة روسيا. وقد ساهم الإصرار على الدفاع عن تلك البنية الأمنية الحصرية في نشوب الحرب في أوكرانيا. ويمكن أن توفر معالجتها طريقة أكثر عملية ودائمة للخروج منها.

وبدلاً من توسع حلف شمال الأطلسي إلى حدود روسيا ويستبعدها ويتنافس معها في الصراع، فمن الممكن أن تذهب الدبلوماسية إلى بناء هيكل أمني أوروبي جديد شامل يشمل التعاون مع روسيا.

ومن الممكن أن يلغي هذا الهيكل الجديد حاجة أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وقد يلغي ذلك حاجة الولايات المتحدة إلى الالتزام بالضمانات الأمنية الثنائية التي تتردد في التوقيع عليها مع أوكرانيا، لأنها قد تجر الولايات المتحدة إلى حرب مع روسيا إذا هاجمت روسيا أوكرانيا مرة أخرى. ومن الممكن أخيراً أن يجلب الأمل في السلام إلى أوروبا وفي تحسين العلاقات عبر المحيط الأطلسي.

ويمكن أن تعفي هذه المفاوضات الدولية زيلينسكي من المسؤولية الشخصية، ويمكنها أن تكون القوة الكافية للدفاع ضد الاعتراضات القومية المتطرفة.

• بدلاً من توسع حلف شمال الأطلسي إلى حدود روسيا، من الممكن أن تذهب الطاقة الدبلوماسية إلى بناء هيكل أمني أوروبي جديد شامل يشمل التعاون مع روسيا.

• تحدى الزعماء القوميون المتشددون زيلينسكي، وحذروا من أن وقف إطلاق النار والوفاء بوعوده الانتخابية سيؤدي إلى احتجاجات وأعمال شغب.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا