الارشيف / عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

كير ستارمر.. محام صارم قلب حزب العمال البريطاني رأساً على عقب

  • 1/2
  • 2/2

الرجل الذي اختاره الناخبون البريطانيون لتولي زمام الأمور في المملكة المتحدة في السنوات المقبلة هو رجل منهجي وحذر، حتى عندما يتعلق الأمر بتسليط الضوء على أصوله المتواضعة. ويسخر الفريق المحيط برئيس الوزراء الجديد، كير ستارمر، والصحافيون الذين يتابعون مسيرته المهنية من العبارات التي كررها المرشح بشكل ممل أثناء الحملة. والعبارتان الأكثر تكراراً هما: «كان والدي صانع أدوات» و«شاحنتنا الصغيرة». ولا يتم اختيار هذه الذكريات عشوائياً، فالأولى تذكر الطبقة العاملة الإنجليزية الفخورة بما تنتجه بأيديها، والثانية تشير إلى المنزل النموذجي لأي عائلة بريطانية من الطبقة المتوسطة الدنيا.

وعندما فاز ستارمر، (61 عاماً)، بزعامة حزب العمال في أبريل 2020، كان الحزب في حالة خراب، وكان سلفه جيريمي كوربين قد عانى من هزيمة حاسمة أمام المرشح المحافظ، بوريس جونسون، في انتخابات 2019.

وكان الأمر متروكاً للوافد الجديد لوضع حد لعصر مضطرب ومربك، حيث أحيا الحزب ونشط ملايين الناخبين الشباب بتحوله الجذري إلى اليسار، ولكن في المقابل، أخاف ملايين الناخبين من الطبقة المتوسطة. وأضرّت الطريقة التي تعامل بها كوربين مع خروج من الاتحاد الأوروبي - القضية الأكثر أهمية التي تواجه جيلاً - بحزب العمال. وقد نجح ستارمر، الذي كان المتحدث باسم الحزب لكل ما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمدافع الرئيسي عن إجراء استفتاء ثانٍ في تأمين زعامة الحزب في أسوأ وقت يمر به.

وعلى الرغم من أنه وعد في البداية بعدم الانحراف عن المسار الجذري الذي نهجه سلفه، فإن زعيم حزب العمال الجديد كان واضحاً جداً بشأن كيفية تغيير الحزب للتركيز بشكل أقل على الاحتجاج في الشوارع، والمزيد على الطموح إلى الحكم. وفي غضون أربع سنوات فقط، نقل المقترحات السياسية للحزب نحو الوسط. ووفقاً لأنصاره كانت هذه نسخة «القرن الحادي والعشرين» من المسار الناجح الذي سلكه سلفه توني بلير مع حزب العمال، عندما جاء إلى السلطة في 1997.

وقال المؤرخ والمحامي ووزير الدولة في حكومة الظل لحزب العمال، نيك توماس سيموندز «بعد هزيمة عام 1983، كان علينا أن نمر بزعامة نيل كينوك وجون سميث وأخيراً توني بلير»، متابعاً «أربعة عشر عاماً للوصول إلى موقف تمكنا فيه من استعادة السلطة مرة أخرى». وأردف سيموندز «تمكن كير ستارمر من القيام بذلك في ثلاث سنوات، وهو أمر رائع حقاً، ولو أخبرتني بعد هزيمة عام 2019 أن حزب العمال سيحقق تقدماً بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي اليوم، لما صدقت ذلك».

جانب إنساني

هناك ظرفان يساعدان في تحديد الجانب الإنساني لسياسي يطلق عليه الكثيرون اسم «الروبوت»، دون أدنى جرعة من الكاريزما. وعانت والدته جوزفين ستارمر معظم حياتها من مرض «ستيل»، وهو نوع نادر ومؤلم من التهاب المفاصل الذي أبقاها في المستشفى لفترات طويلة. وكانت ناخبة متحمسة لحزب العمال، وتوفيت قبل أسبوعين من تولي ابنها مقعداً في مجلس العموم لأول مرة في عام 2015.

وقال ستارمر في إحدى المقابلات، حيث تحدث عن حياته الخاصة «كانت الأدوية القوية والمرض في السنوات الأخيرة من حياتها (والدته)، يعني أنها لم تستطع المشي، ولم تستطع تحريك أطرافها، ولم تستطع التحدث، ولم تتحدث أبداً إلى أبنائي، وفي انتهى بها الأمر ببتر ساقها».

وتزوج كير ستارمر من فيكتوريا التي تعمل في الصحة المهنية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وهو أب لطفلين يبلغان من العمر 16 و13 عاماً، ويعيش حتى الآن في كينتيش تاون، شمال لندن. وفي الساعة السادسة مساء كل يوم جمعة، باستثناء حالات الطوارئ التي لا يمكن تجنبها، يترك جانباً قيادة حزب العمال ويعمل كأب وزوج. إنه تذكير إيجابي بالحياة قبل السياسة، على الرغم من أنه كان ملتزماً دائماً بالخدمة العامة. وباعتباره محامياً في مجال حقوق الإنسان، شارك في جميع الدعاوى القضائية اليسارية الكبرى ضد الثورة «الليبرالية الجديدة» التي قادتها مارغريت تاتشر. ولم تتلاش أبداً الشائعة التي تقول إن الكاتبة هيلين فيلدينغ استلهمت شخصية ستارمر الشاب عندما ابتكرت شخصية «مارك دارسي» في مذكرات بريدجيت جونز. وبصفته رئيساً لدائرة الادعاء العام (منصب يعادل منصب المدعي العام للدولة)، والذي كان في أغلب فترة ولايته في ظل حكومة محافظة، فقد غذى الصحافة الشعبية ومنح نفسه دعاية من خلال عناوين رئيسة تزعم أنه صارم في التعامل مع الجريمة.

السيطرة على الحزب

لا شيء يحافظ على وحدة الحزب السياسي أكثر من رائحة النصر القريب. ولم يغفر الجناح اليساري لحزب العمال لستارمر الطريقة القاسية التي تخلص بها من سلفه كوربين، الذي اتهمه بالتسامح مع معاداة السامية، الاتهامات التي وجهها بعد ذلك ببطء وبرودة ضد جميع حلفاء كوربين. ولكن الزعيم الجديد كان قادراً على السيطرة على الحزب وتجنب التمردات الداخلية في لحظات حساسة، مثلاً عندما أثار انتقاده الخجول الأولي للقصف الإسرائيلي في غزة استقالة العديد من أعضاء الحزب المحليين وممثليه، وقام ستارمر بتصحيح المسار وتقويمه.

«البلاد أولاً، والحزب ثانياً».. مقولة كررها ستارمر بلا انقطاع خلال الأشهر الأخيرة في كل مرة تعرض فيها لانتقادات بسبب قرار تكتيكي لم يوافق عليه الجناح اليساري لحزب العمال. وكانت رسالة إلى الناخبين البريطانيين المعتدلين الذين كانوا دائماً يشككون في التطرف الخفي لحزب العمال.

وكان نهجه العملي مفيداً في التغلب على عقبات السنوات المضطربة في المعارضة، وسوف يتعين عليه أن يستخدمها في الحكم، لأن الشكوك العامة لدى البريطانيين والغضب المكبوت لدى المحافظين لن يمنحاه لحظة من الراحة.

• بصفته رئيساً لدائرة الادعاء العام فقد غذى الصحافة من خلال عناوين تقول إنه صارم مع الجريمة.

• ستارمر كان واضحاً جداً بشأن كيفية تغيير الحزب للتركيز بشكل أقل على الاحتجاج في الشوارع.


حياة عائلية مضطربة

انتخب كير ستارمر كنائب في البرلمان البريطاني عندما كان في الخمسينات من عمره، بعد مسيرة مهنية ناجحة كمحامٍ، ومع ذلك كان لديه اهتمامٌ سياسي واضح وكان لديه أيضاً نزعة يسارية في شبابه.

وكثيراً ما يردد ستارمر أن جذوره من الطبقة العاملة، فقد كان والده يمتهن الخراطة في أحد المصانع، بينما عملت والدته ممرضة. وكانت الأسرة من أشد المؤيدين لحزب العمال، واختارت له أن يحمل الاسم نفسه لأول زعماء العمال وهو كير هاردي الذي كان من عمال مناجم الفحم.

وعاش ستارمر حياة عائلية مضطربة، إذ عانت والدته طوال معظم حياتها من أحد أمراض المناعة الذاتية الذي أقعدها بالنهاية وجعلها لا تقوى على المشي والكلام، ثم اضطر الأطباء إلى بتر ساقها. وفي سن السادسة عشرة، انضم إلى كوادر الشباب بالفرع المحلي لحزب العمال في منطقته، كما قام لفترة من الوقت بكتابة وتحرير مجلة «البدائل الاشتراكية».

كان ستارمر أول فرد في عائلته يرتاد الجامعة، ودرس القانون في جامعتي ليدز وأكسفورد البريطانيتين، ثم عمل كمحامٍ متخصص في شؤون حقوق الإنسان. وخلال تلك الفترة من حياته، كافح لأجل إلغاء عقوبة الإعدام في بلدان إفريقية وبمنطقة البحر الكاريبي. وترافع أيضاً في قضية شهيرة في التسعينات عن اثنين من الناشطين البيئيين في نزاع مع سلسلة مطاعم معروفة للوجبات السريعة (ماكدونالدز) في تهمة التشهير.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا