عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

الأوروبيون لا يدعمون «الناتو» بما يكفي

  • 1/2
  • 2/2

هل يدعم الأوروبيون حلف شمال الأطلسي (الناتو)؟ من المؤكد أنهم قلقون للغاية بشأن مستقبل الحلف. وإذا ما استمعنا إليهم وهم يعبرون عن ذلك، فإن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، في يناير المقبل، من شأنها أن تنذر بكارثة. ووفقاً لتصريح نموذجي من النخب الأوروبية نقله ماكاي كوبينز من مجلة «ذي أتلانتيك»، فإن «القلق هائل». فهم يخشون أن تتراجع الولايات المتحدة، العضو المهيمن في الحلف، عن دعمها للأمن الأوروبي - بالتراجع إلى الانعزالية، وتبني سياسات لينة تجاه روسيا، وتحويل الموارد العسكرية والطاقة السياسية إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة المهيمنة، أو أي مزيج من هذه السياسات.

ومن المؤكد أن ترامب سيستأنف انتقاد الحلفاء، بسبب استغلالهم المجاني للدفاع الذي توفره الولايات المتحدة، وسيوبخهم علناً، وفي وقت مبكر، وفي كثير من الأحيان، لإنفاق المزيد، تماماً كما فعل خلال فترة ولايته الأخيرة رئيساً.

إن أوروبا هي الخاسر الأكبر من الانتخابات الأميركية التي ستُعقد هذا الخريف، لكن بدلاً من التركيز على ما يقوله ترامب، أو ما يقوله الأوروبيون عما سيفعله، لماذا لا ننظر إلى ما تفعله أوروبا وكندا، وهي دولة أخرى متأخرة في مجال الدفاع. وقد ركزت البيانات والتصريحات العامة الصادرة عن قمة الذكرى الـ75 الأخيرة في واشنطن العاصمة على الجانب الإيجابي. وجاء في البيان الرسمي الصادر عن العواصم المتحالفة: «نرحب بأن أكثر من ثلثي الحلفاء أوفوا بالتزامهم تخصيص ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي السنوي، ونشيد بالحلفاء الذين تجاوزوا ذلك». وإذا قلبنا هذا البيان المتفائل، فهذا يعني أن مجموعة كبيرة من الحلفاء مازالت لا تنفق 2% أو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي على قواتها المسلحة بعد 10 سنوات من قرار زعماء الحلف أن جميع الأعضاء سيلبون هذا المعيار في غضون عقد من الزمان. وهذا يعني أنه حتى الآن، فشل الحلف.

وتجدر الإشارة إلى ما يمثله معيار منخفض بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع، وكيف أن علم الأرقام بنسبة 2% يحجب الحالة الحقيقية للاستعداد الدفاعي. ولنتأمل هنا أميركا في فترة الحرب الباردة كدليل تقريبي على مقدار ما قد تنفقه على حلف شمال الأطلسي في المنافسة ضد القوى العظمى المنافسة، فقد استثمرت الولايات المتحدة في المتوسط نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي في الدفاع سنوياً، على مدى 40 عاماً من المنافسة الاستراتيجية ضد الاتحاد السوفييتي. وقد ارتفع هذا الرقم بشكل حاد أثناء الحروب الإقليمية في كوريا وفيتنام. والواقع أن الاستعداد للحرب على أمل الحفاظ على السلام سيكلفك الكثير.

ويتعين على جميع أعضاء التحالف - بما في ذلك الولايات المتحدة - أن يتبنوا هذا الواقع الأساسي. ولا يشكل المبلغ الخام الذي ينفق على الدفاع مقياساً موثوقاً للقدرة على العمل، بل إنه مقياس لا يقول إلا القليل عن براعة القوات التي يتم جمعها وتدريبها وتجهيزها بهذا المبلغ. والواقع أن بعض المتنافسين - على سبيل المثال - يستخلصون الكثير من القيمة من الإنفاق المتواضع. وبعضهم الآخر أقل كفاءة في تحويل القوة العسكرية الكامنة إلى قوة عسكرية فعلية. والواقع أن اليابان مضطرة إلى الاكتفاء بما هو أقل، فهي تعيش في جوار صعب، لكنها مقيدة بإرثها العسكري. لكن لا يمكننا أن نستنتج من هذا إلا أن طوكيو لا تستفيد من كل هذا الجهد إلا إذا أجرت تقييماً شاملاً للقوة العسكرية اليابانية، لا يقتصر على تقييم العناصر المادية فحسب، بل أيضاً العناصر البشرية التي تشكل القوة المسلحة. وينطبق الشيء نفسه على أي قوة عسكرية، فالميزانيات لا تذهب إلى الحرب، بل تذهب إلى الجيوش البرية والبحرية والقوات الجوية.

فرصة نجاح

إن تقدير مقدار القوة العسكرية التي يحتاج إليها الحلفاء الأوروبيون من أجل الحصول على فرصة معقولة للنجاح ضد خصمهم الرئيس روسيا، من شأنه أن يكشف عن التكلفة التي قد يتحملونها من تكاليف الدفاع المشترك. والواقع أن الجيش الروسي - وليس أرقام الإنفاق العشوائية - يشكل المقياس الحقيقي لمدى كفاية حلف شمال الأطلسي في مجال التسلح.

لا أحد يستطيع أن يزعم أن أوروبا مستعدة لتحمل المسؤولية الأساسية عن دفاعها، لذا فإن كبار رجال الأعمال الأوروبيين محقون في القلق بشأن حجم الالتزام عبر الأطلسي للولايات المتحدة، والأعباء التي قد يفرضها الانسحاب على الوحدة الأوروبية للحلف. ولا يشكل انتصار ترامب أو هزيمته هذا الخريف بالضرورة عاملاً حاسماً، فعلى مدى أكثر من عقد من الزمان تعهدت ثلاث إدارات رئاسية مختلفة تمثل أحزاباً سياسية مختلفة بالتحول إلى آسيا، للحد من التحديات التي تفرضها الصين.

ولاشك في أن أسلوب ترامب مزعج في الشؤون الدبلوماسية، لكن ينبغي لنا ألا نخلط بين الأسلوب والمضمون لكون المحيط الهادئ الآن هو المركز الأساسي للاهتمام الأميركي، وهو توجه الحزبين في أميركا. لكن على الرغم من هذه الحقائق المزعجة، فإن إعادة التسلح الأوروبية كانت بطيئة، وذلك لأن إعادة التسلح تواجه رياحاً ثقافية معاكسة. ومثل الأميركيين، خدع الأوروبيون أنفسهم بأن سقوط الاتحاد السوفييتي، في عام 1991، كان يعني نهاية المنافسة الاستراتيجية والحرب، وبالتالي فقد انتهى تاريخ الصراع.

مشكلة أعمق

ويتطلب القضاء على مثل هذه المواقف الراسخة الوقت والجهد، حتى عندما يتغير الواقع الاستراتيجي حول المجتمع. لكن المشكلة قد تكون أعمق من ذلك في أوروبا، فقبل أكثر من 20 عاماً افترض روبرت كاجان، الباحث في مؤسسة بروكينغز، أن الأميركيين كانوا في الواقع من المريخ، بينما كان الأوروبيون من الزهرة، بسبب الكيفية التي تطورت بها الحرب الباردة في أوروبا. بعبارة أخرى، قام الأميركيون بأداء الجزء الأكبر من الوظائف الحربية اللازمة لدرء الشيوعية، وسمح السخاء الأميركي للأوروبيين بإنفاق أقل بشكل مزمن على الدفاع.

كان الحلفاء يسكنون عوالم مختلفة جذرياً مبنية على افتراضات مختلفة جذرياً. ووفقاً لكاجان، أصبح الأوروبيون يعتقدون أن الأمن هو شيء يوفره الآخرون وكأنه حق، وكان «الركوب المجاني» هو النظام الطبيعي للأشياء.

إننا نستطيع أن نعيش على كوكب الزهرة، ونبني أنظمة رعاية اجتماعية مترفة، ونعتنق أوهاماً سلمية، ما دام المريخ يحرسنا. وغني عن القول إن هذا الخط من الحجج لم يجعل الأوروبيين يحبون كاجان؛ لكنه يتفق مع ملاحظاتي الشخصية باعتباري محارباً قديماً في الحرب الباردة أمضى قدراً لا بأس به من الوقت في أوروبا وفي محيطها. كما تساعد العوائق الثقافية التي يرصدها كاجان على سبب تباطؤ الجهود الأوروبية لإعادة التسلح إلى هذا الحد في حين يتحول الإطار الاستراتيجي - ويتدهور - بسرعة فائقة.

هل يدعم الأوروبيون حلف شمال الأطلسي؟ استمعوا إلى ما يقولونه، وانظروا إلى ما يفعلونه!

• أوروبا هي الخاسر الأكبر من الانتخابات الأميركية التي ستُعقد هذا الخريف.

• الولايات المتحدة استثمرت في المتوسط نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي في الدفاع سنوياً.

• المحيط الهادئ الآن هو المركز الأساسي للغرض الأميركي، وهو توجه الحزبين في الولايات المتحدة.

جيمس هولمز رئيس قسم الاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية وزميل غير مقيم في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة جورجيا

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا