عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

«القرض الحسن» يقود أقارب وأصدقاء إلى أروقة المحاكم

إقراض المال بحسن نيّة، دون ضمانات كتابية، سلوك شائع بين الأقارب والأزواج والأصدقاء، ينتهي، غالباً، باللجوء إلى المحاكم، حيث يؤدي استشعار الحرج في الأمور المالية إلى نشوب مشكلات بين الأهل والأصدقاء.

وقد تنجم عنه خسارة الأموال والمدخرات، امتناع بعضهم عن ردّ المبلغ، وإنكاره، أو اعتباره هبة، معتمدين على عدم وجود وثائق تثبته.

ورفضت محاكم الدولة عشرات القضايا المالية بين أقارب ومعارف، يتهم فيها طرف طرفاً آخر (دون دليل) بالحصول على سلفة، ورفض سدادها.

وتفصيلاً، أكد مستشارون قانونيون وأسريون، أن إعطاء أي أموال على سبيل القرض، سواء لأقارب أو أصدقاء، يعد تصرفاً نبيلاً، لابد أن يكون مستنداً إلى دليل كتابي موثوق، وشهادة شهود على معرفة بالطرفين. ولكنهم أكدوا ضرورة تحديد المبلغ وتاريخ الإقراض وموعد الاستحقاق، في المستند، محذرين من أن «دخول الأموال في العلاقات الإنسانية بين الأشخاص يؤثر غالباً في استمرارية علاقات الود والمحبة، لأن علاقة الزواج أو القرابة أو الصداقة تمنع المقرض من طلب ضمانات، وفي حال امتنع المقترض عن رد الأموال أو تباطأ في ردها، يعكر صفو العلاقة».

وقال المستشار الأسري محمد سعيد، إن إقراض المال من دون ضمانات يمنح المقترض الضوء الأخضر لعدم التفكير في رد المبلغ الذي حصل عليه في موعد محدد، لأنه يفترض دوماً أن المُ لا يحتاج إلى المبلغ. ومع الوقت، يعتبره هبة لا يجوز المطالبة بردها.

وحث على «تجنب كثير من الانزعاج الذي يصاحب مساعدة صديق للخروج من أزمته، من خلال التواصل الواضح وتحديد التوقعات والإطار الزمني لرد الأموال».

وأشار إلى أنه «في حال أعطى شخص مبلغاً مالياً لقريب أو صديق له، ينبغي تحديد موعد نهائي للسداد، وتسجيل الدين في مستند»، لافتاً إلى أن «هذه الخطوة تجنب الطرفين الوقوع في المشكلات، حيث يكون المقترض على دراية بموعد السداد، سواء كان سيتم سداد الدين على أقساط أو دفعة واحدة».

وشرح أن غياب ارتباط قانوني بين المُقرض والمقترض، يشجع الأخير على عدم أخذ مسألة رد القرض على محمل الجد، فيضعه في آخر سلم أولوياته، خاصة أنه لن يواجه أي مشكلات في حال لم يسدده.

وأكدت المستشارة القانونية، عبير أحمد، أن عمليات الإقراض الودي منتشرة في كل مجتمع، ويغلب عليها الركون إلى الثقة، إذ «يرى كثيرون أن تدوين تفاصيلها يضفي على العلاقة طابعاً رسمياً جافاً، أو غير ودي، ولا يتناسب مع مستوى العلاقة».

وقالت: «هذا الأمر حساس للغاية، لأن هناك مدينين ينكرون أنهم حصلوا على أموال على سبيل السلفة. ولهذا، يتوجب أخذ ضمانات كافية بغض النظر عن قيمة السلفة ودرجة قرابة الشخص المستدين».

وأفاد المستشارون القانونيون والأسريون بأن الشخص الذي يقترض من بنك يقدم ما يفيد قدرته على سداد القرض، ويوقع على عقد يتضمن المبلغ وطريقة السداد، لذا، في حال قرر شخص اقتراض المال من صديق أو قريب له، فعليه تحرير سند أو شيك مصرفي للطرف الآخر، لأن ذلك يمنع الخلافات.

وشهدت محاكم الدولة، أخيراً، قضايا كثيرة رفعها أفراد، يتهمون أقارب لهم وأصدقاء أو أزواجاً سابقين باقتراض أموال دون مستند، ورفض إعادتها، ومنها دعوى قضائية أقامتها امرأة طالبت فيها طليقها بسداد 198 ألف درهم، قالت إنه اقترضها منها خلال قيام العلاقة الزوجية، لمروره بظروف مالية صعبة.

وشرحت أنه دعاها إلى الاقتراض من بنك وتسليمه المبلغ، ولدى مطالبته بسداده ماطل، ولم يستجب. لكن محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية رفضت الدعوى، بعدما حلف المتهم اليمين الحاسمة، ونفى انشغال ذمته بأي مبالغ مالية للمدعية.

كما اتهمت امرأة طليقها بالامتناع عن رد مبلغ 1.4 مليون درهم، قيمة مشاركتها في شراء فيلا وعقار في دولة أوروبية، مشيرة إلى أن المدعى عليه كان زوجها، وخلال قيام العلاقة الزوجية اشترى فيلا، وحصل على قرض، وقد سددت هي جميع الأقساط البنكية الخاصة بالقرض، من خلال إيداع مبلغ القرض في حساب المدعى عليه البنكي لثماني سنوات. وكانت قيمة القسط الواحد 8000 درهم شهرياً. كما سددت نفقات مختلفة إضافية بلغت 433 ألف درهم، وقضت المحكمة برفض الدعوى لخلو الأوراق من أي بينة تثبت واقعة الدين أو السلف التي ادعتها المدعية.

ورفضت المحكمة أيضاً دعوى أقامها شاب ضد شقيقته، للمطالبة بإلزامها أن تؤدي له 102 ألف و500 درهم متبقية من قرض حصل عليه لمصلحتها.

وقال إنها سددت سبعة أقساط، ثم توقفت عن السداد، وعند مطالبتها بالمبلغ ماطلت، ولم تسدد التزاماتها. وردت المدعى عليها بأن المبالغ المحولة منها كانت لمساعدته وليست كما يدعي.

وفي قضية ثالثة، اتهم شاب صديقاً له باستخدام بطاقته البنكية، وسحب أكثر من 96 ألف درهم، ورفض سدادها، مشيراً إلى أنه سلمه بطاقته البنكية نظراً لحاجته للمال، بسبب علاقة الصداقة بينهما.

وقال إنه تعهد بسداد قيمة مسحوباته، التي بلغت خلال شهر مبلغ المطالبة، ولكنه لم يسدد المبلغ. ورفضت محكمة أول درجة الدعوى، مشيرة إلى عدم تقديم المدعي أي بينة تثبت واقعة الدين، وأيدت محكمة الاستئناف في أبوظبي رفض الدعوى.

كما أقامت فتاة دعوى قضائية ضد زميل لها في العمل، طالبته فيها بأداء 350 ألف درهم، مشيرة إلى أن المدعى عليه استدان المبلغ منها، بموجب تحويلات بنكية لحسابه وحساب أخيه.

وقالت إنه امتنع عن السداد عند مطالبتها إياه برده. ولكن المحكمة رفضت الدعوى لخلو الأوراق مما يساند المدعية في طلباتها.

وقضت المحكمة برفض دعوى قضائية أخرى، أقامها رجل مطالباً فيها آخر برد 72 ألف درهم، كان قد حولها لحسابه كقرض حسن، إلا أن المدعى عليه امتنع عن سداد المبلغ، على الرغم من تعهده برده عند طلبه، وأشارت المحكمة إلى أن المدعي لم يقدم دليلاً على صحة ما يدعيه.


ضوابط شرعية

دعا أستاذ الثقافة والمجتمع في الجامعة الكندية بدبي، الدكتور سيف راشد الجابري، إلى محاربة الاقتراض، وتدريب النفس على الادخار، لمواجهة أي طارئ، لافتاً إلى أهمية إعمال العقل وحسن التصرف في احتياجات الفرد اليومية والمستقبلية، ليصبح أكثر تفهماً لظروفه الآنية وتطلعاته المستقبلية، وأن يضع لنفسه قسطاً من دخله للادخار.

وقال: «عند التوافق بين زوجين أو قريبين أو صديقين على قرض من المال، يظن كلّ منهما في الآخر الخير، دون التحقق من الضابط الشرعي في هذه المسألة، مع أن هذا الأمر مهم، وهو أن المقترض عليه أن يعطي المقرض الأمن والأمان، سواء عن طريق الشهود أو عن طريق المكاتبة، إذ أمر الله سبحانه وتعالى، بالمكاتبة عند هذه القروض، حفظاً لأمانة العلاقة بين الناس. وجاء في القرآن الكريم: «يا أيّها الذينَ آمَنُوا إِذَا تدايَنتم بِديْن إِلَىٰ أَجل مسمّى فَاكتبوه».

وأوضح أن الاستدانة من أحد أفراد الأسرة أو من صديق، تعد بمثابة قرض غير رسمي، لا تحدده مدة زمنية لرده، حيث يتفق الطرفان عادة على المبلغ دون مناقشة موعد الرد وعواقب الامتناع، ونتيجة لغياب وثائق رسمية تلزم الطرفين باحترامها، غالباً ما يجد المقرض نفسه في وضع محرج، وليس أمامه غير طريقين، إما التنازل عن المبلغ، أو اللجوء للقضاء في محاولة لإثبات حقه.

الموقف القانوني

أكد مستشارون قانونيون أن المستقر في قضاء المحكمة عند نظر قضايا المطالبات المالية، أن التحويل المصرفي الثابت بكشف الحساب لا يدل على وجود مديونية ولا يُثبتها، لكون التحويلات ليست دليلاً على الاستدانة، وإنما المستقر عليه أنه نقل مال من شخص لآخر.

وقالوا إن على من يدعي سبباً غير ذلك تقديم دليله، مشيرين إلى أن المدعي يقع على عاتقه عبء إثبات حقيقة ما يدعيه، وأن المدعى عليه لا يلتزم إثبات أنه ليس مديناً للمدعي، لأن الأصل هو براءة الذمة ما لم يُثبت الخصم المُدعي بانشغالها بالمبلغ المُطالب به.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا