لم يكن يدرك الأب «ش.م» أن سعاله المتكرر سيحمل له أسوأ خبر في حياته، جلس في غرفة المستشفى الصغيرة، يترقب كلمات الطبيب التي نزلت عليه كالصاعقة: «أنت مصاب بسرطان البلعوم في مرحلة متقدمة».
وللحظة، شعر أن الأرض تميد تحت قدميه، وأن كل الأحلام التي بناها لأسرته تتهاوى واحداً تلو الآخر، وواجه الأسئلة الكثيرة، كيف سيواجه المرض؟ وكيف سيحمي زوجته وطفليه من قسوة الحاجة بعدما أثقلت تكاليف العلاج كاهله، وسرقت من بيته الصغير ضحكاته وطمأنينته؟
ظل طوال حياته أباً مكافحاً، يعمل موظفاً متواضع الراتب في إحدى مؤسسات القطاع الخاص. لم يكن يملك الكثير، لكنه كان يملك قلباً كبيراً، وحلماً بأن يوفّر لزوجته وطفليه حياة كريمة ومستقبلاً آمناً، كان يعود إلى بيته كل مساء منهك الجسد، لكنه مليء بالرضا، فابتسامة ولديه وهي تضيء المكان كانت كافية لتنسيه كل هم.
حالته، سرطان البلعوم الفموي في مرحلة متقدمة، كافية لتزلزل كيان الأسرة، وأن تحول حياتها إلى جحيم، حيث تحولت أيامه إلى سلسلة لا تنتهي من جلسات علاج كيميائي مرهق، ومع كل جلسة، كان يفقد جزءاً من قوته، فيما كانت الفواتير الطبية تكبر ككرة ثلج تستنزف ما تبقى من طاقته وحياته.
مع مرور الوقت، لم يعد الراتب البسيط يكفي لتغطية تكاليف العلاج، وتراكمت الديون، وتضاءلت الخيارات، ولأن المصائب لا تأتي فرادى، وجدت الأسرة نفسها مضطرة لاتخاذ قرار موجع: أن يترك الطفلان مدرستهما مؤقتاً ليبقيا إلى جانب والدهما في رحلة صراع مريرة مع المرض. كان قراراً كاسراً للقلب، فالأب الذي طالما حلم بمستقبل مشرق لابنيه، كان يرى الآن أحلامهما تتبدد أمام عينيه.
وسط هذه العتمة، ومع اليأس الذي بدأ يتسلل إلى القلوب، تقدمت الأسرة بملف عاجل إلى جمعية بيت الخير، عبر مشروعها الإنساني «علاج» وبعد دراسة دقيقة للحالة الطبية والاجتماعية، جاء الخبر الذي قلب الموازين، الجمعية اعتمدت 382 ألف درهم دعماً سخياً لتغطية الجزء الأكبر من الخطة العلاجية.
كانت لحظة فارقة.. لم تكن مجرد مساعدة مالية، بل كانت حياة تُعاد، وأملاً يتجدد. عاد الأطفال إلى مقاعد الدراسة بابتسامة، واستطاع الأب أن يواصل رحلة علاجه بثقة أكبر، وقد خفّ عن كاهله ثقل الديون والخوف.
ليست هذه القصة إلا واحدة من آلاف القصص، التي تكتبها بيت الخير يومياً بأفعالها، إذ تنفق أكثر من 20 مليون درهم سنوياً على علاج المرضى، من المواطنين والمقيمين، لتثبت أن الإنسانية لا تعرف جنسية ولا تفرّق بين إنسان وآخر. تبقى في المشهد صورة خالدة: أبٌ يقاوم المرض بإيمان، أسرة تستعيد ابتسامتها، وجمعية جعلت من قيم التراحم والتكافل جسراً يعبر به المحتاجون من قسوة المحنة إلى دفء الحياة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.