08 يناير 2025, 7:29 مساءً
لا تخلو حياتنا من الكبد، ولكن هل يعني ذلك أن الله سبحانه وتعالى خلقنا للمعاناة؟
بالطبع لا، وإلا لما كانت الطيور تغرد، والزهور تتشكل بألوان زاهية وصور باهية، والنبات يتسابق نحو السماء صعودًا ليخضر معه الكون، وأنواع الفواكه شتى بمذاقات وألوان مختلفة، والسماء تتزين بمسرح إبداعي متناغم كل فجر وكل غروب.
وتتباين المشاعر، وتزهو الخيرات والمتع في حضرة مَن نحب.. وإنما هي مراحل وفصول وعقبات، يغمرنا الكبد في نواحٍ كثيرة منها، ولكل منا فَلك يدور فيه، ودوائر يحيا فيها، إن هي تشكلت كما يجب توازنت الحياة.
ولكن قد لا يحدث ذلك دائمًا، وتختل الموازين؛ فتضيع نقطتك المركزية! عندها تشعر بأن الأمور تبدو أصعب، والرؤية مشوشة، والمسؤوليات لم تعد تحت السيطرة، ويصبح الكبد لصيقًا بك، وقدرًا يلازمك دون مغادرة!
إنه نسق الحياة الذي يحكمنا، انخفاضات وارتفاعات متتالية في الراحة والمزاج والتوازن والضغوط.. ومهما انخفض منسوب القلق، وتخلصت من ترسباته بفعل سفر أو فسحة أو حدث جميل مؤقت، سرعان ما يعاود الارتفاع بذلك الدفق القاتل من التوتر والإجهاد حتى يخنقك؛ لأنه ببساطة يتشكل بفعل عاداتك اليومية.
إن تفاصيل يومياتك الصغيرة هي التي ترسمه، حتى يغدو لوحة قاتمة، تظلل رؤيتك، وتحجب مداك؛ لتسكن حبيسًا في كبد أنت من خلقته لنفسك!
راجع يومياتك البسيطة، واجعل من بينها عادات أساسية، تخلو بها مع ذاتك بوعي، وتفعل فيها شيئًا حقيقيًّا لنفسك:
- كتابة تطرح فيها دواخلك على السطور؛ لتراها أمامك بوضوح.
- تأمُّل في اللحظة واستيعاب كامل لمشاعرك فيها.
- المشي على أرصفة جديدة ومساحات مفتوحة يمنحك مسارات فكرية جديدة، ويعيد رسم خطوط هادئة لمشاعرك المضطربة.
- أحاديث دافئة لا تفكر قبل أن تتكلم فيها مرتين، ولا تلوم نفسك بعدها عشر مرات.
- كوب قهوة في يقظة ذهنية تستشعر فيها كل رشفة.
- رياضة تجدد فيها مسارات دمك وثنايا جسدك؛ لتتنفس خلاياك وعقلك.
- خلوة تعيد فيها ترتيب أولوياتك، وتتفكر في مرحلتك الحالية.
- سجدة غامرة، تطيل فيها وتنسى الوقت، وتتذكر فيها أن الله قريب ليسمع مناجاتك بدون حاجز ولا وسيط، وتستودع أمانيك فيها بكل يقين.
محطات مثل تلك لا تهملها، واجعلها تتزايد؛ فإنها مصدر قوة وبلسم لصعوبات الحياة، وإكليل النجاح، وخزان الوقود الإضافي الذي يسعفك حين يفرغ خزانك الأساسي، وتوشك على التوقف!
وهي بوابة لتزكية النفس، وسبيل الفلاح كما قال تعالى في محكم تنزيله {قد أفلح مَن زكاها}.
إنها الأدوات التي تجعل الكبد في الحياة مؤقتًا وعابرًا، عندما نقرر أن نخوضه ونتكيف معه بدلاً من الاستسلام واليأس والقنوط والتوقف!
تذكَّر تلك المعابر دائمًا مهما كثرت مشاغلك ومسؤولياتك وارتباطاتك الاجتماعية والعائلية والحياتية، واجعل تلك العادات أولوية يومية لتعيدك دائمًا "لنقطتك المركزية" مهما ابتعدت عنها لوهلة؛ لتحصل على النماء والاستمرار والازدهار الذي ينتظرك.. فبدون ذلك الالتقاء والحضور مع ذاتك، والوجود المنتظم في نقطتك المركزية، ستضيع أيامك بلا معنى، ويضيع جهدك بلا إدراك، وتنساب بين خطط الآخرين بدون كيان واضح لنفسك، وستغرق في حياة لا تعرفها، وتجرفك دون وعي ودون حضور، بنصف شعور، وربع معنى، وقليل من الامتنان، وكثير من التوهان.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.