عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

"لجان الحقيقة والمصالحة".. كيف تحقق العدالة لجرائم نظام "الأسد"؟

تم النشر في: 

12 يناير 2025, 2:03 مساءً

بعد أكثر من خمسة عقود من الحكم الاستبدادي، وسنوات من الحرب الأهلية المدمرة؛ تواجه اليوم تحديات غير مسبوقة في سعيها لتحقيق العدالة لجرائم نظام بشار الأسد؛ فمع سقوط النظام برزت آمال كبيرة بمحاسبة المسؤولين عن الفظائع التي ارتكبت بحق الشعب السوري، لكن الطريق إلى العدالة يبدو محفوفًا بالعقبات.

التحديات الكبيرة

وأول التحديات الكبيرة التي تواجه سوريا هي الانقسامات الطائفية العميقة؛ فمعظم المواطنين ينتمون إلى الأغلبية السنية التي ثارت وانتصرت على النظام، بينما كان النظام السابق يهيمن عليه العلويون. وهذا التحول في موازين القوى قد يزيد من التوترات الطائفية إذا تمت محاكمة مسؤولي النظام السابق بشكل انتقائي؛ فالمجتمع السوري الذي يعاني بالفعل من انقسامات حادة، يحتاج إلى عدالة شاملة تعيد بناء الثقة بين مكوناته المختلفة؛ وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

والنظام القضائي السوري الذي كان أداة بيد النظام السابق، يعد إحدى أكبر العقبات في طريق تحقيق العدالة. لسنوات، كان القضاء يخدم مصالح النظام؛ مما يجعله غير مؤهل للتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة والمعقدة. إعادة بناء نظام قضائي مستقل يتطلب إصلاحات جذرية ووقتًا طويلًا، خاصة في ظل ندرة الكوادر المؤهلة والقادرة على إدارة محاكمات عادلة.

وسوريا اليوم هي بلد مدمر. بعد سنوات من الحرب والعقوبات والفساد، تعاني المدن من خراب شامل، والبنية التحتية مدمرة، والملايين يعيشون في فقر. إعادة بناء البلاد وتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه؛ هي أولوية قصوى؛ فدون استقرار اقتصادي واجتماعي ستبقى جهود تحقيق العدالة مجرد بعيد المنال.

الوثائق المفقودة

إحدى العقبات الكبرى هي فقدان أو تدمير الوثائق، التي يمكن أن تكون أدلة في المحاكمات. بعد سقوط النظام تم تدمير أو نهب العديد من الأرشيفات والسجون؛ مما يُعقد جهود جمع الأدلة. هذا الواقع يجعل من الصعب إثبات التهم ضد كبار المسؤولين، خاصة في ظل عدم وجود نظام قضائي قوي يمكنه التعامل مع مثل هذه القضايا المعقدة.

ومئات الآلاف من السوريين لا يزالون في عداد المفقودين، وعائلاتهم تبحث عن إجابات. بالإضافة إلى ذلك هناك ملايين اللاجئين الذين يحتاجون إلى مساعدة في العودة وإعادة الإعمار. تحقيق العدالة يتطلب أيضًا معرفة مصير المفقودين وتحديد هوية الجثث المكتشفة في المقابر الجماعية. هذه المهمة ليست فقط قانونية، ولكنها أيضًا إنسانية.

الخطوات المطلوبة

لتحقيق العدالة يجب أولًا بناء مؤسسات تتمتع بثقة المواطنين. هذا يتطلب توفير الخدمات الأساسية وإعادة بناء البنية التحتية. إصلاح النظام القضائي هو خطوة أخرى حاسمة، مع إمكانية إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة أخطر الجرائم. جمع الأدلة وحماية الشهود يتطلب تعاونًا دوليًّا ودعمًا من منظمات حقوق الإنسان.

والعدالة يجب أن تهدف إلى المصالحة الوطنية وليس الانتقام. لجان الحقيقة والمصالحة، كما حدث في جنوب أفريقيا، يمكن أن تكون نموذجًا يُحتذى به. هذه اللجان يمكن أن تساعد في كشف الحقائق وتعويض الضحايا، وفي بعض الحالات منح العفو لمرتكبي الجرائم الذين يعترفون بذنوبهم.

وتحتاج سوريا إلى دعم دولي لإعادة الإعمار وتحقيق العدالة. العقوبات الدولية الحالية تعيق جهود إعادة البناء، ويجب إعادة النظر فيها لتسهيل عملية الانتقال. المجتمع الدولي يمكن أن يلعب دورًا رئيسيًّا في تقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية، ودعم الجهود المحلية لتحقيق العدالة.

الخطر الكامن

وإذا تأخرت عملية تحقيق العدالة، قد يلجأ المواطنون إلى الانتقام الفردي؛ مما قد يؤدي إلى مزيد من العنف والانقسامات الطائفية؛ لذلك يجب أن تكون عملية المساءلة شاملة وعادلة، وأن تأخذ في الاعتبار حقوق جميع الأطراف. العدالة البطيئة قد تقوض الثقة في النظام الجديد وتزيد من الشعور بالإحباط بين المواطنين.

وتحقيق العدالة في سوريا بعد عقود من القمع والحرب الأهلية، يتطلب وقتًا وإرادة سياسية وقدرًا كبيرًا من التعاون الدولي. ويجب أن تكون العدالة جزءًا من عملية أوسع لإعادة الإعمار والمصالحة الوطنية، مع ضمان أن تكون المحاكمات عادلة وشاملة، وأن تساهم في شفاء المجتمع السوري بدلًا من تعميق انقساماته.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا