19 فبراير 2025, 8:17 صباحاً
تتداعى الأحداث في أروقة السياسة والاقتصاد بينما يلوح في الأفق تحولٌ جريءٌ من الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب؛ الذي أعلن نيته فرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على واردات السيارات، وأشباه الموصلات والمنتجات الدوائية. في خطوة تهدف إلى إعادة تشكيل موازين التجارة العالمية، تسعى الإدارة إلى حماية الصناعات الأمريكية وتقليل العجز التجاري الضخم، لكن هذه الخطوة تحمل في طياتها تأثيرات عميقة قد تهز استقرار سلاسل الإمداد الدولية، وتثير موجة من ردود الفعل الحادة من الشركاء التجاريين.
تحديات عالمية
قرار فرض رسوم جمركية بنحو 25% على السيارات ليس مجرد إجراءٍ تجاري عابر، بل يُمثل تحولاً إستراتيجياً يستهدف ما سمّاه ترامب "المعاملة غير العادلة" لصادرات السيارات الأمريكية، خاصةً في ظل اختلاف معدلات الرسوم بين الأسواق العالمية. ففي حين يفرض الاتحاد الأوروبي تعريفة جمركية تبلغ 10% على واردات المركبات، تُفرض الولايات المتحدة رسوماً منخفضة نسبياً على سيارات الركاب (2.5%)، وترتفع إلى 25% على الشاحنات الخفيفة المستوردة من خارج المكسيك وكندا. هذه الفوارق قد تؤدي إلى اضطرابات في قطاع السيارات، مما يفرض تحديات على الشركات العالمية التي تعتمد على سلاسل توريد متشابكة تمتد عبر القارات.
وتُستهدف صناعة أشباه الموصلات والمنتجات الدوائية برسوم تبدأ من 25%، مع توقع زيادة تدريجية خلال العام. إذ صرح ترامب؛ بأنه يرغب في منح الشركات فترة زمنية كافية لإنشاء مصانع داخل الولايات المتحدة؛ ما يعكس إستراتيجية لإعادة توطين الإنتاج، خطوة قد تُحدث تغييراً جذرياً في توزيع مواقع التصنيع العالمي، لكنها أيضاً تحمل مخاطر ارتفاع التكاليف وتأخير تنفيذ الاستثمارات في الأسواق الخارجية، وفقاً لـ"رويترز".
حرب تجارية
وأثارت هذه التحركات ردود فعل متباينة من قِبل الأسواق الدولية والحكومات؛ إذ يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تصعيد في الحرب التجارية التي بدأت منذ تنصيب ترامب في ولايته الجديدة. فقد سبق للإدارة أن فرضت رسوماً على واردات من الصين، المكسيك، وكندا، إضافة إلى إجراءات على الصلب والألمنيوم، مما أسهم في تأجيج التوترات مع شركاء تجاريين رئيسين. وتنتظر الدول الأوروبية بشغف نتائج هذه الإجراءات، إذ يرى مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن خفض الرسوم الجمركية على السيارات الأمريكية قد يكون حلاً متبادلاً، رغم إنكار بعض الجهات الرسمية أي تفاهمٍ مسبقٍ بهذا الشأن.
كما حذّر عديدٌ من المؤسسات الاقتصادية العالمية من أن فرض هذه الرسوم قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلكين داخل الولايات المتحدة، إضافة إلى تعقيد سلاسل الإمداد واللوجستيات العالمية. وقد يؤدي ما يشبه الرد التجاري "المتقابل"، إلى تفاقم الوضع، مما يخلق بيئة من عدم اليقين تؤثر سلباً في الاستثمارات الدولية وتزيد من حدة المنافسة التجارية في أسواق عالمية مترامية الأطراف.
إجراءات تصاعدية
التوترات التجارية الناتجة من فرض رسوم جمركية جديدة ليست مجرد نزاعٍ بين أمريكا وبعض الدول، بل هي معركة إستراتيجية تسعى إلى إعادة توزيع موازين القوة الاقتصادية العالمية. ففي ظل هذا الإجراء، ستتأثر دول عدة تمتلك أسواقاً كبيرة للسيارات، وأخرى تعتمد على توريد المكونات الإلكترونية والدوائية، مما قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية على مستوى عالمي. كما أن التحركات الردّية من قِبل الدول المتضررة قد تُفضي إلى سلسلة من الإجراءات التصاعدية، تشكّل تحدياً حقيقياً لاستقرار التجارة الدولية.
وتبرز المخاوف من أن يؤدي هذا الإجراء إلى تغيير في هيكلة سلاسل التوريد العالمية، حيث يُحتّم على الشركات إعادة تقييم مواقع التصنيع والعمليات اللوجستية لتفادي الرسوم الجمركية المرتفعة. هذه التغييرات قد تكون بمنزلة فرصة لإعادة تنظيم الإنتاج، لكنها تحمل أيضاً عبئاً اقتصادياً كبيراً على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي قد تجد صعوبة في تحمُّل تكاليف الانتقال والتأقلم مع البيئة الجديدة.
إستراتيجية أكبر
يتضح من الخطاب الأمريكي أن هذه الإجراءات ليست مجرد سياسات اقتصادية بحتة؛ بل هي جزءٌ من إستراتيجية أكبر لإعادة رسم خريطة النظام التجاري العالمي. فقد اعتبر ترامب؛ أن فرض الرسوم الجمركية، الوسيلة الأمثل لتحقيق العدالة التجارية، إذ يرى أن التفاوت في تطبيق الرسوم بين الدول يُستغل على حساب الصناعات الأمريكية. وفي هذا السياق، تُبرز تصريحات ترامب؛ سعيه لإجبار شركائه التجاريين على خفض رسومهم، وفي حال رفضهم، قد يتم الرد بإجراءات مضادة تصل إلى مستويات مماثلة.
من الواضح أن قرار ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السيارات والقطاعات الحيوية الأخرى قد يُحدث اضطرابات كبيرة في التجارة الدولية، وقد يعيد رسم العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وبقية دول العالم. تتراوح التوقعات بين آفاق إيجابية تتمثل في تحفيز الصناعة الوطنية، وبين مخاوف من تفاقم العجز التجاري وتأجيج النزاعات الاقتصادية.
في ظل هذه الظروف المتقلبة، يبقى السؤال قائماً: هل ستتمكن الدول المتأثرة من تجاوز هذه الأزمة التجارية وتحقيق توازن جديد في العلاقات الاقتصادية العالمية؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.