25 فبراير 2025, 2:58 مساءً
انفض السامر عن منتدى الإعلام السعودي وبدأ كل شيء مشتبكاً، فهناك تكريم لمؤثر وهناك تكريم لصحفي، واختلط الحابل بالنابل، فلم يعرف أهل الحي هل المنتدى موجه للمؤثرين أم للإعلاميين، أم يُرضي كلا الطرفين. وإذا عدنا لقواعد الحقيقة فالمنتدى يجب أن يُوجه إلى المهنيين والدراسين والعاملين في حقل الإعلام فقط، ويكون هناك منتدى آخر للمؤثرين والمشاهير، من أجل إعادة صناعة المشهد الإعلامي لخدمة السعودية في المحافل العالمية.
وقبل أن أغوص في أعماق هذا الاشتباك وصراع الديكة، فلعلَّني أعود إلى مسألة الثقة في المعلومات في الغرب والشرق بين المؤثرين والصحافيين مثل نوع المعلومات، والمنصة التي يتم النشر من خلالها، وسياق المحتوى، وهناك اتجاهات يمكن ملاحظاتها بناءً على الأبحاث والدراسات الحديثة.
فمثلاً في الغرب لا يصدِّق المواطن الغربي سوى ما تقوله الصحافة، وصحيح بأن هناك تراجع في الثقة في الصحافة والصحفيين لكن المصداقية لازالت باقية وفقا لتقارير نشرتها Edelman Trust Barometer وReuters Institute Digital News Report والتي تشير إلى أنه في السنوات الأخيرة تراجعت الثقة بسبب عوامل منها انتشار الأخبار المزيفة والاستقطاب الإعلامي، لكن ذلك لم يؤثر بشكل عام في ثقة المواطن الغربي فهو يرى مثل BBC، The New York Times، The Guardian، Le Monde، Der Spiegel مراجع موثوقة للأخبار المهمة وخصوصا في مجالات السياسة والاقتصاد والأزمات.
بينما في وطننا العربي تدنَّت الثقة في الصحافة والصحافيين لعوامل مثل سيطرة الحكومات والأحزاب وظهور الانحياز الواضح تجاه القضايا المتشابكة، بل إنَّ الكثير من المنصات الإخبارية المحترفة لا تكترث في نشر المعلومات المغلوطة والكاذبة، والتجاوز فوق المعايير الصحفية المتعارف عليها، وكذلك تأثير منصات وسائل التواصل مثل تويتر والفيس بوك ومشاهير في التغطيات الإعلامية، وتراجع جودة المحتوى الإعلامي وأصبحت البوصلة ضائعة ومفقودة؛ ولذلك فلا نستغرب أن نجد تقريراً غربياً يستطيع هز منظومات كبرى في عالمنا العربي.
أما فيما يتعلق بالمؤثرين والمشاهير فإنَّ المواطن الغربي يمنحهم ثقة أعلى في المجالات الاستهلاكية والشخصية وخصوصا عند مراجعاتهم بخصوص المنتجات والخدمات، ولذا يبحثون عن الآراء في تيك توك، انستغرام واليوتيوب، وتتعدى الثقة إلى نمط الحياة والصحة والترفيه والرأي العام، وذلك لرغبة المواطن الغربي في الاطلاع على تجارب الآخرين. ولذلك يمكن تلخيص ثقة المواطن الغربي بالمؤثرين عندما يتحدث في تخصصه، ويظهر استقلالية ولا يبدو مدفوعا بمصالح تجارية، ولديه تجربة حقيقية
وفي عالمنا العربي فالمؤثر والمسوق يستطيع أن يلعب كل الأدوار فهو يستطيع أن يكون صحافيا من خلال الدخول عبر بوابة مصطلح (صانع محتوى)، ويستطيع أن يكون رئيس تحرير من خلال نشر المعلومات والأخبار الصحفية، ويستطيع أن يكون مُسوقاً ومُعلناً، مستفيداً من الرخص التي تصدرها وزارة الإعلام مثل رخصة موثوق، ولا يردع هذا المؤثر سوى القانون عندما يتجاوز كل الخطوط الحمراء وينشر معلومات مضللة وغير صحيحة؛ لذلك فالمواطن العربي يذهب ضحية بعض المؤثرين الذين يستغلونه أسوء استغلال.
إننا اليوم نتطلع إلى إعادة رسم السياسات الإعلامية، فالصحافي يبقى مهنياً ويعمل في التغطيات والحضور للمناسبات الإعلامية ويُعطى تمكيناً متكاملاً، وفي هذه الحالة فنحن نطوره ليكون صحافياً عالمياً يستطيع يوماً ما أن يكتب التقارير والأخبار ويصبح قائداً في الجيش المعنوي السعودي. وفي المقابل يعود المؤثر لمضمار الاستهلاك والتجارب الشخصية، ويعامل وفق أنظمة التسويق والإعلانات، وينشط في هذا السياق ليبقى للإعلام مضماره وللتسويق والإعلان مضمار آخر.
بقي القول، ينبغي أن يكون هناك مسار واضح بين المؤثر والصحفي، ففي وقت هناك منتديات إعلامية للعاملين في مهنة والإعلام من الطلبة والباحثين والدارسين، تكون هناك منتديات للمؤثرين في مجالات متنوعة مثل السياحة والسفر واستكشاف المدن، والتجارة والخدمات الاستهلاكية، كل ذلك من أجل أن نكون في كأس العالم ٢٠٣٤ مستعدين إعلامياً وإعلانياً لصناعة الصورة الذهنية المميزة عن المملكة العربية السعودية وإيقاف صراع الديكة بين المؤثرين والصحفيين.
ــــ
باحث دكتوراه في الإعلام الرقمي بجامعة كمبلوتنسي مدريد. إسبانيا
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة عاجل ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة عاجل ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.