عرب وعالم / السعودية / عكاظ

الجديدة.. اختبارات تؤكد الاستحقاق

يعيش العالم منذ الثامن من ديسمبر دهشتين؛ الأولى حيال تسارع أحداث عمليات «ردع العدوان» العسكرية التي أدت إلى سقوط النظام البائد في 12 يوماً، والدهشة الثانية حيال سرعة التراكم التنظيمي والالتفاف الشعبي لبناء الدولة الذي تنجزه الحكومة السورية، وانخراطها في المنظومة العربية والدولية بحكمة وروية، وهذان أمران يبعثان على طمأنة العالم بعهد جديد من السلم والتعايش والرخاء لكل السوريين ولدول الجوار والمحيط العربي والمجتمع الدولي.

في حين إن اتخاذ تدابير بسط سيادة الدولة على كافة أراضيها ظلت متروية نظراً لتحديات تواجهها الحكومة السورية، إلا أن هناك حالة منطقية وراء التروي تجد مكانها في الوضع السوري الراهن.

الحالة الأولى: تواجد قوات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري والمنطقة العازلة ومحيطها، والقيادة الإسرائيلية الحالية تبحث عن مبررات لشن هجمات جوية وصاروخية على البنية التحتية المدنية من مرافق وطرق ومرافق والمياه، بعد أن ضربت المرافق والقواعد العسكرية للجيش السوري منذ الثامن من ديسمبر الماضي. وفي هذا التروي حكمة لتفويت الفرصة على الاحتلال الإسرائيلي في الاعتداء على مقدرات الدولة السورية وشعبها.

الحالة الثانية: حساسية بسط سيادة الدولة في بعض المناطق المتوجسة من مغبة ولائها للنظام البائد، وبالذات على الساحل السوري ومحافظة السويداء، أو لا تزال تحمل السلاح كما في الجنوب السوري وتراهن على مقايضته بمكتسبات في فترة لاحقة، وهو تروٍ محمود أثمر في جمع الكلمة، وكبح التعسف ضد الحكمة الجديدة، وتأليف الشعب لتهيئة مناخ إيجابي للفترة الانتقالية.

الحالة الثالثة: بغض النظر عن الانتشار المحدود للقوات اللبنانية مؤخراً إلا أن المنطقة كانت عمليات لوجستية لحزب الله اللبناني، ومصانع المخدرات ومراكز التعبئة والتوزيع للمخدرات والأعمال الإجرامية الأخرى، وللتروي في هذه المنطقة حكمة كبيرة، حيث تزخر بأعداد كبيرة من القرى والبلدات المنتشرة، حفاظاً على الأرواح والممتلكات، ولبدء مسار دبلوماسي مع الحكومة الجديدة في لبنان، والتوافق على الأهداف المشتركة من الانتشار في المناطق الحدودية.

وبفضل حكمة التروي في بسط سيادة الدولة على كافة الأراضي السورية والتدرج في ذلك، أمكن لقوات الحكومة السورية السيطرة على مقاليد الأمور في هجمات فلول النظام البائد المنظمة والمتزامنة على مرافق الدولة وقوات الأمن التي تجري من السادس من هذا الشهر مارس آذار الجاري، في عدة نواحٍ، أولاً: الناحية الشعبية، حيث اجتمعت القوى الوطنية المحلية في الساحل السوري ومحافظة السويداء، وأعربت عن رفضها التام لممارسات فلول النظام البائد، وطالبت بمحاسبتهم، وتدخل الدولة لحماية المدنيين والممتلكات. وهذا بحد ذاته هو تراكم جديد لبناء الدولة يوحد خيارات جميع الشعب السوري نحو المصير المشترك والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

وثانياً: كسبت الحكومة السورية احترام المجتمع الدولي عندما استطاعت القوات الأمنية والعسكرية تدارك الموقف وإيقاف الهجوم المنظم والمتزامن الذي نفذته الفلول، واسترداد المقرات والحواجز الرئيسية في مدن الساحل السوري بعد 12 ساعة فقط، لتثبت للمجتمع الدولي والمراقبين أن لا مراهنة على أمن الداخل السوري بأي ثمن، والاستعداد على الضرب بيد من حديد فيما يتعلق بأمن المجتمع السوري والدولة السورية.

وثالثاً وأخيراً: أن الحكومة السورية حافظت على تواصل مع الأشقاء العرب وموافاتهم بمستجدات الأحداث، وعن الشخصيات التي تقف وراءها، لمنع تعكير صفو العلاقات العربية أو دس المعلومات المغلوطة في عواصم القرار العربي.

وكما يبدو أن هذا الاختبار الجديد للحكومة السورية، يوحد الشعب السوري على عكس الحسابات الخاسرة لفلول النظام البائد، ويدعم مصداقيته العربية والدولية، ولكنه في نفس الوقت يضع المزيد من التركيز على ضرورة العدالة الانتقالية، حيث نال الشعب السوري تعاطفاً دولياً لم يشهد له مثيل في القرن الواحد والعشرين، واكتسبت استحقاقات «حماية المدنيين السوريين» لدى المجتمع الدولي مفهوم الفورية والضرورة مع كل خيبة وإحباط للمجهود الدبلوماسي والإنساني، وتنظر محكمة العدل الدولية ملفات كبرى، تدين النظام البائد بانتهاكات «اتفاقية مناهضة التعذيب»، وهناك عقوبات دولية من ضمنها عقوبات «قانون قيصر» الأمريكية السارية المفعول في الاتحاد الأوروبي، لا تزال قائمة، سيتطلب المواءمة داخلياً للتعاون الدولي مع هذه الملفات في بنية الحكومة الانتقالية وتمهيداً للدستور فيما بعد أن تشتمل على المحاسبة وتحقيق العدالة للشعب السوري.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا