14 أبريل 2025, 11:25 صباحاً
في تصعيد لافت خلال أسابيع قليلة، استعرضت الصين قوتها العسكرية البحرية بشكل غير مسبوق في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فمن مناورات بالذخيرة الحية على مرمى حجر من تايوان وأستراليا وفيتنام، إلى اختبار سفن إنزال جديدة مصممة لتسهيل هجوم برمائي واسع النطاق، وصولاً إلى الكشف عن قواطع كابلات بحرية فائقة التطور قادرة على شلّ شبكات الإنترنت لدول بأكملها - وهي قدرة فريدة لا تعترف أي قوة أخرى بامتلاكها - تبعث بكين برسائل قوة متعددة الأوجه لجيرانها ولمنافسها الأكبر عبر المحيط الهادئ.
استعراضات عسكرية
هذه الاستعراضات العسكرية المتزايدة، والتي شملت تدريبات في مضيق تايوان باتت تحاكي سيناريوهات غزو فعلي، لا تهدف فقط لتأكيد الهيمنة الإقليمية، بل يراها محللون بمثابة اختبار دقيق لمدى استعداد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرد، خصوصًا وأن تركيز واشنطن انصب مؤخرًا على الحرب التجارية مع بكين، مع صمت نسبي تجاه التحركات العسكرية المقلقة في مياه المنطقة، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وبدأت واشنطن مؤخرًا في رفع صوتها، حيث أدانت الخارجية الأمريكية "الأنشطة العسكرية العدوانية والخطاب" الصيني، لا سيما التدريبات قرب تايوان. وجاء ذلك عقب زيارة وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، الذي سعى لطمأنة حلفاء مثل اليابان والفلبين بأن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عنهم، مؤكدًا عدم تغير الموقف الأمريكي التقليدي تجاه تايوان، وأن الصين تبقى "التهديد الأكبر" في نظر البنتاغون.
قلق الحلفاء
لكن هذه التطمينات الرسمية قد لا تكون كافية للحلفاء القلقين الذين يترقبون موقفًا واضحًا من دونالد ترامب نفسه. فالرئيس، المعروف بتقلب مواقفه وتجاهله أحيانًا لنصائح كبار مستشاريه، لم يكشف عن أوراقه بعد فيما يتعلق بتايوان، ونهجه غير المتوقع في ملفات كبرى كالحرب التجارية أو مفاوضات أوكرانيا لا يوحي بوجود استراتيجية ثابتة طويلة الأمد.
ويرى مالكولم ديفيس، من المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية، أن "الصينيين يراقبون إدارة ترامب عن كثب ليروا إلى أي مدى يمكنهم دفع الأمور". ويتوقع ديفيس أن هذا الاختبار سيؤدي إلى مزيد من التوتر في البحار المحيطة بالصين، مع تصعيد محتمل للتدريبات في مضيق تايوان واستهداف دول ذات نزاعات حدودية مع بكين كالفلبين واليابان.
تصعيد محتمل
ويتجاوز التصعيد مجرد استخدام خراطيم المياه ليصل إلى تكتيكات أكثر عدوانية مثل "صدم السفن"، بهدف "ترهيب مانيلا وإجبارها على قبول المصالح الصينية"، حسب ديفيس. هذا الوضع يكشف عن انقسامات داخل الإدارة الأمريكية نفسها حول مدى عمق التدخل العسكري المطلوب في المنطقة، وحول حدود الدفاع عن تايوان.
ويشير موظف سابق في الخارجية الأمريكية إلى وجود "معسكرات متنافسة" داخل الإدارة، أشبه بـ "بلاط ملكي"، تتصارع للتأثير على قرار ترامب، لا سيما الانقسام بين مسؤولي الأمن القومي التقليديين وأنصار "أمريكا أولاً" بشأن تايوان. ويبقى موقف ترامب الشخصي غامضًا، وإن كان توجهه نحو عقد "صفقات كبرى" تجمع بين الاقتصاد والجيوسياسة، كما يظهر في تعامله مع ملف أوكرانيا، يثير احتمالات مقلقة.
القدرة التنافسية
وإذا نجح بوتين في مقايضة حوافز اقتصادية بأراضٍ أوكرانية مع ترامب، فقد ترى بكين فرصة لتطبيق نفس المنطق على تايوان، وهو احتمال يسبب "قلقًا عميقًا" لدى حلفاء واشنطن في المنطقة، كما تؤكد جيني شوش-بيج من مجموعة آسيا. ورغم نفي السفارة الصينية سعيها لمثل هذه الصفقة، إلا أن مجرد طرح الفكرة يثير ريبة دول جنوب شرق آسيا.
وفي خضم هذه التجاذبات، يرجح أن ينصب تركيز ترامب على الحفاظ على القدرة التنافسية الأمريكية في مواجهة تفوق الصين في مجالات حيوية كالذكاء الاصطناعي، الروبوتات، المركبات الكهربائية، وتقنيات الجيل السادس للاتصالات (6G). لكن غياب استراتيجية أمريكية متماسكة طويلة الأمد تجاه الصين يمثل إشكالية كبرى.
ومع استمرار هذه التحركات الصينية في ظل الغموض الذي يكتنف الموقف الأمريكي تحت إدارة ترامب المحتملة، ومع تردد الحلفاء في تفسير نوايا واشنطن، يبقى السؤال الملح يدور في الأفق: إلى أي مدى ستدفع الصين حدود المواجهة في مياه آسيا، وكيف سترد الولايات المتحدة وحلفاؤها على هذا الاختبار المتصاعد للقوة والإرادة؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.