22 أبريل 2025, 9:58 صباحاً
منذرةً بتحول عميقٍ في استراتيجيات الدفاع والأمن عبر الأطلسي، أقلعت مقاتلتان حديثتان من طراز يوروفايتر تايفون في وقت سابق من هذا الشهر من خطوط إنتاج شركة ليوناردو الإيطالية في تورين، متجهةً شرقًا نحو الكويت في رحلة جوية استغرقت ست ساعات، ولم تكن هذه مجرد عملية تسليم عسكرية روتينية، بل كانت إشارة واضحة على أن أوروبا بدأت تعيد تموضعها على الساحة الدفاعية العالمية، فالكويت هي أول مشترٍ أجنبي يقتني هذه الطائرات النفاثة الأسرع من الصوت من الشركة الإيطالية التي تعد جزءًا أساسيًا من ائتلاف أوروبي يضم عمالقة الصناعات الدفاعية في بريطانيا وألمانيا وإسبانيا.
وتتزايد التوقعات بإبرام المزيد من الصفقات المماثلة في المستقبل القريب، حيث تجد القارة العجوز نفسها مدفوعةً نحو تعزيز قدراتها الدفاعية الذاتية وتخفيف اعتمادها على الولايات المتحدة، ولا سيما في ظل السياسات التي اتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تميزت بتجاهل التحالفات التقليدية والمطالبة بزيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
تزايد الطلب
وشهد الطلب على الأسلحة والمعدات العسكرية في أوروبا طفرة غير مسبوقة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، ولم تتراجع وتيرة هذا الطلب منذ ذلك الحين. ولم يقتصر الأمر على تلبية الاحتياجات الدفاعية الداخلية، بل بدأت الدول الأوروبية، مع زيادة إنتاجها وتحسين جودة أسلحتها، تتطلع إلى التوسع في الأسواق العالمية وبيع منتجاتها الدفاعية لمختلف الدول حول العالم، مستفيدةً من البيئة الجيوسياسية المتغيرة.
ويمثل التركيز المتزايد حاليًا على إنتاج الأسلحة تطورًا لافتًا ودليلاً على تحول جيلي واسع النطاق في القارة الأوروبية، وبعد نهاية الحرب الباردة، شهدت أوروبا تقليصًا كبيرًا في حجم جيوشها ونفقاتها العسكرية، مفضلةً توجيه استثماراتها نحو القطاعات الاجتماعية والبنية التحتية المدنية، أما اليوم، فتبدو الأولويات قد تغيرت بشكل جذري، مع إدراك متزايد للحاجة إلى بناء قوة عسكرية قادرة على حماية المصالح الأوروبية في عالم أكثر اضطرابًا.
فرصة أوروبية
ويرى مسؤولون كبار في قطاع الصناعات الدفاعية الأوروبية، مثل جيانكارلو ميزاناتو الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لائتلاف يوروفايتر حتى ديسمبر الماضي، أن السياسة التي انتهجتها إدارة ترامب، التي اتسمت بالتوتر والضغط على الحلفاء الأوروبيين، قد خلقت فرصة غير مسبوقة للشركات الأوروبية، ويتوقع ميزاناتو أن تشجع هذه السياسة المزيد من الجيوش في العالم على البحث عن بدائل للمعدات الأمريكية الصنع والتوجه نحو شراء الأسلحة الأوروبية، وبالفعل، تدرس كل من بولندا وتركيا حاليًا إبرام صفقات بمليارات الدولارات لشراء طائرات يوروفايتر تايفون، بدلاً من خطط سابقة لتوسيع أساطيلهما من المقاتلات الأمريكية.
ولا تقتصر آفاق النمو لصناعة الدفاع الأوروبية على الدول التي تسعى إلى تنويع مصادر تسليحها بعيدًا عن الولايات المتحدة، بل تشمل أيضًا الدول التي تشهد توترات أمنية متصاعدة وتتطلع إلى تحديث جيوشها. إن قدرة أوروبا على تقديم تقنيات متقدمة وخيارات متنوعة في مجالات الطيران القتالي، الأنظمة البحرية، الدفاعات الجوية، والأسلحة البرية تجعلها منافسًا قويًا في السوق العالمية، خصوصًا مع تزايد الحاجة إلى هذه القدرات في مناطق مختلفة من العالم.
وتشير كل هذه التطورات إلى أننا قد نكون على أعتاب عصر جديد في صناعة الدفاع الأوروبية، عصر يتسم بالاعتماد على الذات والتوسع في الأسواق الخارجية، وان التحول من الاعتماد شبه الكامل على المظلة الأمنية الأمريكية إلى بناء قدرات دفاعية مستقلة ليس مجرد خيار استراتيجي، بل ضرورة تفرضها المتغيرات الدولية والسياسات المتقلبة للقوى الكبرى، ويبقى السؤال : إلى أي مدى ستنجح أوروبا في ترسيخ مكانتها كقوة عسكرية وصناعية مستقلة على الساحة العالمية؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.