عقارات / متر مربع

عبدالفتــــاح الجبـــالى : قراءة اقتصادية فى بيان الحكومة

قراءة اقتصادية فى بيان الحكومة
عبدالفتـــــــــــــاح الجبـــــــــالى

 

يعد بيان الحكومة الذى ألقاه د.مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس النواب، تطبيقا للاستحقاق الدستورى، بمثابة برنامج عمل مقترح خلال الفترة (2024-2025/ -2026 2027)، لذا جاء تحت عنوان “معا نبنى مستقبلا ” مستداما،

 

ومن هنا تأتى أهميته وضرورة قراءته بدقة والتعامل معه علميا وعمليا. لمعرفة إلى أى مدى يمكن أن يحقق الأهداف التنموية المنشودة للبلاد ورفع مستويات المعيشة.

 

وقد ارتكز البرنامج على أربعة محاور أساسية هى حماية الأمن القومى وسياسة الخارجية، وبناء الإنسان المصرى وتعزيز رفاهيته، وبناء اقتصاد تنافسى جاذب للاستثمارات، مع تحقيق الإستقرار السياسى والتماسك الوطنى

 

ورغم أهمية هذه المحاور فإننا سوف نتوقف عند المحور الإقتصادى وما يرتبط به من سياسات ليس فقط بحكم التخصص، ولكن لأهميته القصوى فى هذه الآونة. فى ظل مانعانيه منه من مشكلات اقتصادية حادة. وبالتالى لابد من قراءة البيان وبرنامج الحكومة فى ضوء خطة التنمية الاقتصادية والإجتماعية والموازنة العامة للدولة عن العام المالى 2024/2025 بإعتباره العام الأول للبرنامج وبدء العمل بهما بالفعل عقب إصدار القوانين المنظمة لذلك.

 

وقد تناول البيان الفلسفة الإقتصادية للحكومة وهى بناء اقتصاد احتوائى تنافسى وهى سياسة تختلف عن السياسات السابقة التى كانت قائمة على أساس التساقط من أعلى. ولا شك فى أن تعزيز النمو الإحتوائى يعنى ببساطة تجنب عدم المساواة المفرط فى توزيع ثمارالنمو والذى يعيق التنمية ويضعف التماسك الإجتماعى،

 

كما أنه يعمل على شمول التنمية لكل المواطنين وأرجاء الوطن، ويكون غنيا بفرص العمل. ولذلك تحدث البرنامج عن العمل اللائق بمعنى توفير فرص عمل مناسبة بدخل ملائم وتتيح الإستقرار فى العمل وسط ظروف عمل آمنة وحماية اجتماعية.

 

يضاف إلى ذلك تصحيح الإختلالات الهيكلية فى الإقتصاد القومى عن طريق زيادة نصيب قطاعات الزراعة والصناعة والإتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 38% عام 2026-2027، كما جاء فى البيان الذى ألقاه رئيس مجلس الوزراء أو 35.5% كما جاء فى وثيقة البرنامج.

 

من هذا المنطلق أيضا أشار البيان إلى العمل على المزيد من الشفافية عن طريق الإسراع بإصدار قانون حرية المعلومات وتحسين عمليات الموازنة من خلال نشر بيانات المخاطر المالية والمراجعة السنوية لحسابات المالية العامة.

 

وعلى الرغم من هذه الأهداف الطيبة فإنها غابت عنها آليات التطبيق للعديد من الأهداف، فعلى سبيل المثال يشير البيان إلى العمل على تحقيق معدل نمو 5.5% سنويا لاستيعاب نحو 858 ألف فرصة عمل. وهذا المعدل لايمكن تحقيقه إلا برفع معدل الإستثمار إلى أكثر من 17% بينما هو الآن 13%، وهو مالن يتأتى إلا بعلاج مشكلة تدنى معدل الإدخار المحلى الذى من المتوقع أن يبلغ 9.3% وفقا لخطة التنمية،

 

إذ أهمل البيان الحديث عن هذه النقطة تماما ولم يتحدث عن آليات تمويل الاستثمار وسبل تشجيع الإدخار المحلى.الذى يعد أحد أهم مصادر تمويل الاستثمارات، حتى فى ظل تدفق رءوس الأموال الأجنبية، بل إنه ضرورى لجذب هذه الأموال. وهو ما جعل المصرى يفرد له مادة خاصة هى المادة 39 التى أشارت إلى أن الإدخار واجب وطنى تحميه الدولة وتشجعه وتضمن المدخرات وفقا لما ينظمه القانون.

 

وينطبق نفس القول على الثروة المعدنية، خاصة أن مصر تملك وفرة هائلة من هذه الثروة وبجودة عالية مثل الرمال السوداء والبيضاء والذهب والفضة والحديد والمنجنيز.. الخ، وكلها تدخل فى معظم الصناعات، لذلك فإن وضع استراتيجية كاملة لحسن استخدام هذه الثروات يساعد فى تعظيم العائد منها ويزيد القيمة المضافة ويدعم الموازنة العامة للدولة ويحافظ على حق الأجيال القادمة.

 

وفى هذا السياق نطرح قضية مهمة تتعلق بتصدير هذه المواد وأيضا البترول والغاز كمواد خام، وهى موارد ناضبة لن تتجدد وبالتالى يجب استثمارها أفضل استثمار ممكن عن طريق استخدامها كمدخل فى الصناعات التحويلية وليس التصدير، لأن التصدير لا يخرج عن كونه بيعا لمورد غير متجدد. وبعبارة أخرى لا يجوز تصدير هذه المواد إلا بعد استنفاد الإحتياجات المحلية منها.

 

كما يجب أن يتحول عائد تصدير هذه المواد إلى الإستثمار وتكوين رأس المال الثابت لتعويض تصديرها كمادة خام، وذلك حفاظا على حق الأجيال القادمة فى هذه الثروات.

 

ولذلك نختلف مع ماذهب إليه البرنامج من عدم استغلال الحصيلة المتوقعة من بيع الأصول والأراضى، فى إنشاء شركات جديدة مملوكة للدولة، وتحويل هذه العائدات إلى الموازنة العامة للدولة لخفض الدين العام، وهو ما يتعارض مع مبدأ أساسى من مبادئ المالية العامة والقاضى بأنه لا يجوز تسييل أصل لتمويل إنفاق جار، وبالتالى تحول الاهتمام من العمل على حسن استغلال هذه الأصول لتضيف طاقة إنتاجية للمجتمع إلى التخلص منها بالبيع لسد عجز الموازنة مباشرة دون التفكير فى الإصلاح الجذرى لها،

 

وهذه مشكلة كبيرة ومن الأخطاء التى يجب العمل على تلافيها، كما انه يهمل حق الأجيال القادمة فى ثروات البلاد. ناهيك عن تناقضه مع ما ذهب إليه البرنامج من تحويل 1% من العائدات للموازنة ومن ثم أين سيذهب باقى الحصيلة؟ وفى هذا الإطار نلحظ أن البرنامج يهدف إلى خفض خدمة الدين لأجهزة الموازنة إلى 42.6% من المصروفات العامة، والأدق هو الإستخدامات العامة لأن خدمة الدين التى هى عبارة عن الفوائد وهى باب من أبواب المصروفات، والأقساط والتى هى باب من أبواب الإستخدامات.

 

كذلك يشير التقرير إلى تعظيم موارد المحليات من خلال قدرتها على فرض الضرائب والرسوم المحلية، دون الرجوع إلى المستويات المركزية، وهى مسألة تتعارض مع الدستور الذى نص على أنه لا ضريبة إلا بقانون. إن المطلوب هو تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة لاحداث تغيير إقتصادى واجتماعى شامل، يهدف إلى تحقيق زيادة مضطردة ومستمرة فى الناتج، واحداث تحول جذرى يؤدى إلى القضاء على التخلف ويزود المجتمع بآليات التقدم والنهضة. وبالتالى رفع مستوى الرفاه الإقتصادى والإجتماعى لجميع الأفراد.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا