عقارات / متر مربع

مصطفى عبيد يكتب: انصاف بأثر رجعي..

مصطفى عبيد يكتب:
انصاف بأثر رجعي..

[email protected]

أنا مع الإنصاف، ورد الاعتبار، ولو بأثر رجعي، وكل فعل، وكل طرح، وكل محاولة في هذا الشأن تستحق التقدير، والتحية، والتشجيع.

وخيرا فعل المنصفون في الساحة الأدبية عندما قدموا كتابات مغايرة غير نمطية استهدفت رد اعتبار لمظاليم من أهل الابداع، وهو ما ظهر مؤخرا في كتابين جميلين لكاتبين مبهرين انطلقا من قيمة العدالة ونشطا تحت تأثير شغف الكشف.

 

أما الأول فهو كتاب ” الكشف عن تشيكوف المصري” للروائي والناقد سامح الجباس، صاحب النص الجميل “جمعية كارهي سليم العشي” وغيرها من الابداعات، والذي يحاول من خلاله إعادة إكتشاف مبدع قصصي عظيم هو محمود البدوي (1908-1986).

كان شائعا وراسخا لدى الذهنية العامة أن يوسف إدريس(1927-1991) هو تشيكوف ، بمعنى أنه أول مَن طور القصة القصيرة، وسما به نحو سماوات الإجادة والإمتاع. ورغم إعترافنا بروعة ما قدمه يوسف إدريس من فن قصصي، إلا أن “البدوي” كان سابقا في صناعة وتطوير فن القصة، والأعجب أنه حاز لقب “تشيكوف مصر” قبل سنوات من إدريس. وكان نجيب محفوظ نفسه هو من أطلق لقب “تشيكوف مصر” على ” البدوي” ،لكن إنزواء ” البدوي” وميله للعزلة – مثل كثير من المبدعين الحقيقيين- أتاح ليوسف إدريس التالي له، والأقل منه إنتاجا أن يختطف اللقب منه.

 

بدأ “البدوي” مشواره في الثلاثينات وزار سيجموند فرويد في سنة 1934 وتأثر به، ودرس الطب، وكتب في موضوعات جديدة على القص العربي مثل علاقات الرجل بالمرأة وعالم الفلاحين، وترك 375 قصة قصيرة، بينما ظهر “إدريس” لاحقا في الخمسينات، ودرس الطب أيضا مثل تشيكوف، وترك لنا 103 قصة قصيرة واهتم أيضا بموضوعات الفلاحين خاصة المقهورين منهم، لكنه تميز باختيار عناوين لافتة وجديدة لقصصه.

 

وخلص سامح الجباس إلى أن انشغال يوسف إدريس بالسياسة، واقترابه من دوائر الضوء، أهلّه لخطف الأضواء من منافسه الذي كان يفضل الإنزواء. وفي المُجمل، فالكتاب يتضمن جهدا مُقدرا واستقراء عميقا ونقدا نافعا يستحق الالتفات والتقدير.

 

أما الكتاب الثاني فهو كتاب “سيد درويش.. المؤلف الحقيقي للنشيد الوطني” للكاتب النابه خيري حسن، وقد صدر قبل أيام عن سلسلة “كتاب اليوم”. وخيري حسن مُبدع جميل معروف بدأبه وسعيه واهتمامه بالتنقيب في الماضي، وله كتب مهمة ومؤثرة، تمتاز بالعذوبة.

 

وفي هذا الكتاب يحقق خيري حسن في جريمة سطو فني تاريخية، قام بها شاعر غنائي هو يونس القاضي (1888-1969) بسرقة كلمات نشيد “بلادي بلادي” من نص سابق وضعه الموسيقار سيد درويش، ونسبه لنفسه وسجله في جمعية المؤلفين والملحنين.

 

لقد تتبع المؤلف سجلات وزارة العدل، ومركز الدراسات القضائية، والشهر العقاري، ليؤكد عدم وجود أي وثيقة تثبت نسبة النشيد للشاعر يونس القاضي. كما لجأ المؤلف إلى أرشيف مجلة ” التياترو” المصرية سنة 1925 ليثبت فيه الكلمات الحقيقية للنشيد الذي يقول: بلادي بلادي/ لك حبي وفؤادي/ مصر يا أم البلاد/ أنت غايتي والمراد/ وعلى كل العباد/ كم لنيلك من أياد/ مصر أولادك كرام /أوفياء يرعوا الزمام/ وستحظى بالمرام/ باتحادكم واتحادي..”.

 

وجرت الجريمة عندما ترأس الشاعر يونس القاضي جمعية المؤلفين والملحنين خلال الفترة من 1926 إلى 1937، وادعى أنه مؤلف الأغنية بعد أن غير بعض الكلمات ليضيف ” مصر يا ست البلاد/ أنت غايتي والمراد/ أنت لي نعم الوطن/ اشترى صفو الزمن/ ادفع الروح له ثمن/ وعلى الله اعتمادي”. وفي الستينيات ادعى يونس القاضي أنه حرر وثيقة بتسجيل الأغنية قضائيا في 26 يناير 1926.

 

لكن شقاوة خيري حسن، دفعته للبحث والمراجعة ليكتشف أن 26 يناير 1926 الذي أشار إليه القاضي كتاريخ للتسجيل كان يوم جمعة تتعطل فيه كافة المصالح وعلى رأسها القضاء، كما أنه لم يجد أي وثيقة قضائية مسجلة بهذا التسجيل المزعوم.

 

وخلص إلى أن سيد درويش، لم يكن ملحنا فقط، وإنما كان في بعض الأحيان يؤلف الأناشيد خاصة الحماسية منها في وقت ثورة 1919، وكان هذا النشيد واحدا منها. ولاشك أن ذلك عمل عظيم يقدر.
والله اعلم

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا