شارل فؤاد المصري
يكتب عندما أغضبت الرئيس مبارك بسبب سعد الدين ابراهيم
في فترة ازدهار الصحافة ووصولها إلى القمة والاستقرار قبل احداث يناير 2011، كانت جريدة”المصري اليوم” أيضا في قمة تألقها، ولا ينكر هذا إلا جاحد أو ناقم وأيضا يبدو هذا جليا من أرقام التوزيع التي كان علي راسها احد اهم مديري التوزيع في مصر والوطن العربي ان لم يكن اهمهم علي الاطلاق الاستاذ مجدي الحفناوي وايضا استقرار الرواتب وصرف الأرباح سنويا بأرقام غير مسبوقة. كان المناخ العالمي والداخلي يساعد على ذلك، والمساحة تحتمل، والوضع يستوعب، والتحديات مختلفة .
كانت مهمة الصحافة بناء الوطن، سواء كانت صحافة “قومية” أقصد حكومية، أو صحافة معارضة حتى لو شكلاً، وأيضا صحافة رجال الأعمال التي يطلق عليها مجازا “مستقلة ” ولا أعرف مستقلة عن من؟ فالإعلام لمن يملكه. مبدأ بسيط كنا نقوم بتدريسه للطلبة وتدريبهم عليه لتصحيح مغالطات استقرت في الوجدان والممارسة .
على أية حال، لست في مجال تنظير أو اجترار الماضي. كل ما هنالك نحكي ذكريات لم نحكيها قبلاً، ليس إلا من باب الحكي فقط واستخلاص الدروس. وحكاية اليوم مر عليها سنوات طويلة و هي عن الدكتور سعد الدين إبراهيم رحمه الله .
لم ألتقِ الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، من قبل سوى مرتين .. المرة الاولي . وكانت أثناء حضوري المنتدى الاستراتيجي العربي، الذي انعقد في دبي عام 2006 عندما بادرت بمصافحته .
واكتشفت أن الرجل يعرفني جيداً ويلقبني بـ«الجندي المجهول» في «المصري اليوم» بحكم عملي آنذاك. وكنت قبل عدة أشهر قد كتبت أن سعد الدين إبراهيم لن يعود إلى مصر بعد البلاغات التي تم تقديمها ضده واتهمته بالخيانة بعد مقابلته الرئيس الأمريكي “جورج بوش ” .
كان الدكتور سعد الدين إبراهيم الحائز على الجنسية الأمريكية، خارجاً لتوه من القضية المعروفة آنذاك بقضية مركز ابن خلدون وسافر إلى الولايات المتحدة. وكان يكتب في “المصري اليوم” مقالا منتظما أسبوعيا يستحوذ على الجزء الرئيسي من صفحة الرأي اليسرى وهي الأكثر قراءة .
وقررت أن أجري معه حواراً صحفياً رغم المخاطر من جراء ذلك انذاك واتصلت به. ورحب بفكرة الحوار خاصة أن لديه ما يقوله بعيدا عن كتابة المقالات وقال لي منتظرك. فاعتقدت أنه في مصر، ولكن كان الرجل يقول إنه سينتظرني ويقصد أن أسافر له إلى أمريكا وكأن السفر إلى أمريكا من القاهرة مثل ذهابك من التحرير إلى العتبة
المهم قلت له سافرت إلى أمريكا من قبل والمشوار صعب رغم أنني لدي تأشيرة دخول متعدد لمدة 5 سنوات وقتها الا انني اعتذرت عن عدم السفر . واتفقنا أن نلتقي في منطقة وسط في أي مكان في أوروبا على اعتبار أن متوسط ساعات الطيران 4 ساعات وهو أمر هين بالمقارنة بالسفر إلى الولايات المتحدة.
وكانت الصدفة أنه سيحضر إلى برن في سويسرا لإلقاء محاضرة وبعدها سيتوجه للقاء زعيم أقباط المهجر المهندس عدلي أبادير في زيورخ. واتفقنا وسافرت إلى سويسرا وكانت المرة الثالثة التي أسافر فيها إلى هناك .
وفي يوم المقابلة ” وكانت هذه المرة الثانية “ذهبت إلى محطة قطارات زيورخ وانتظرت قدوم الدكتور سعد الدين إبراهيم من مدينة برن واستقبلته في محطة قطارات زيورخ وذهبنا إلى الفندق الذي أنا أقيم فيه وكان على بحيرة زيورخ مباشرة وطلبت طعام الغداء وأثناء ذلك أجريت الحوار معه وكان حوارا سياسيا ساخناً لما هو معروف عن د. سعد بجرأته .
بدأ الحوار وسألته. كان الرجل فرحاً عندما رآني واثنين آخرين كانا في استقباله لتوصيله إلى الفندق، الذي سنتناول فيه طعام الغداء قبل أن يلتقي «عدلي أبادير» زعيم أقباط المهجر وهو اللقاء الذي انفردت بنشره «المصري اليوم» وقتها وقبل أن يغادر بعدها متجها إلى بيروت لإلقاء بعض المحاضرات .
وأثناء الغداء الذي لم يستغرق سوى نصف ساعة دار حوار العشرين دقيقة كان لدي خلالها تساؤلات كثيرة. كيف تخرج مصرمن هذه الأزمة؟ كانت هناك بوادر أزمة مجتمعية عميقة بكل مفرداتها لاحت في الأفق. . أجابني :
نخرج من هذه الأزمة بتغيير “النظام ” أو أن يقوم النظام بتغيير نفسه من الداخل
سألته :ماذا تعني بكلمة من الداخل.. هل بالمشاركة مثلاً؟
ـ نعم بالمشاركة ويتمثل ذلك في أن يفتح الباب لذلك وقد تغيرت أنظمة كثيرة سلمياً بهذه الطريقة حتى لا يحدث له ما حدث للنظام الروماني في ظل «شاوشيسكو» الذي أصر على ألا يغير قيد أنملة أي شيء بعكس الأنظمة في أوروبا الشرقية ووسط أوروبا والاتحاد السوفيتي التي بدأت في التغيير تدريجياً. ولأن «شاوشيسكو» رفض ذلك سالت الدماء ونرجو ألا يحدث ذلك في مصر .. كان يقصد الرئيس مبارك وهي اجابة غير مفهوم ابعادها خاصة انه كان مقربا جدا منه ومن اسرته .
تم نشر الحوار وغضب الرئيس مبارك مني واتصل الدكتور زكريا عزمي بالجريدة وصب جام غضبه واتصل بأحد الملاك كيف يتم نشر مثل هذا الحوار. ولكن المالك باعني في أول ناصية وقال له ” ده الراجل بتاعكم ” ولا اعرف كيف ؟حتي الان فانا لم التق الرئيس مبارك سوي مرة واحدة في المؤتمر الاقتصادي لشمال البحر المتوسط وشمال افريقيا وبالصدفة “
وهذه قصة اخري ” ولكن رئيس التحرير دافع عن موقفه وموقفي. والسر الذي أذيعه لأول مرة بعد كل هذه السنوات أن سعد الدين إبراهيم قال نصا “أخشى أن يحدث لمبارك ما حدث لشاوشيسكو في رومانيا” ولكن تم تغيير هذه الجملة بعد مداولات رئيس التحرير معي لتخفيف وطاة صدمة المنشور واستقر بنا الحال على الجملة المنشورة وربك سترها .
وبعد سنوات عاد الدكتور سعد ابراهيم الي مصر وخرج في فيديو صوتا وصورة يعتذر للشعب المصري و للرئيس السيسي ويؤيده لفترة رئاسة جديدة .
رحم الله الرئيس مبارك ورحم الله الدكتور سعد الدين ابراهيم .
والي لقاء في حكاية جديدة من حكايات شارل
حفظ الله مصر .. حفظ الله القوات المسلحة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.