عقارات / متر مربع

نبيل عمر يتفحص ظاهرة : العرب وأمريكا دراما الزواج والصداقة

العرب وأمريكا.. دراما الزواج والصداقة!
نبيل عمر

فى الدراما كلما تعقدت العلاقات بين شخوص الموضوع وسخن الصراع وتفرعت تفاصيله، اكتسب العمل – سواء كان رواية أو مسرحية أو فيلما أو مسلسلا- زخما وقوة وإثارة، وهذا ما تتصف به العلاقات العربية الأمريكية، حالة درامية معقدة فى العلاقات الدولية، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، فإسرائيل منذ نشأتها اغتصابا على الأرض الفلسطينية، وهى تلعب دورا أساسيا فى شكل هذه العلاقة دفئا وبرودة، تواصلا وانقطاعا، تقدما وتراجعا،

 

وإن احتفظت دوما بدور المدللة، التى يمكن للصديق الأمريكى أن يضحى بعلاقاته الأخرى من أجلها، وفى الحقيقة لا يحتاج الصديق الأمريكى إلى أى تضحية، فالزوج طيب ومطيع ويتعايش مع الخيانة،لأنه يؤمن بالمثل الشائع «ظل قوة عظمى ولا سيف الزناتى خليفة»، ومهما انحرفت أمريكا فى تصرفاتها إلى حد العبث بمصالح العرب، يظل الارتباط الاستراتيجى متماسكا، مثل أى زواج أرثوذكسي، ما يجمعه الله لا تفرقه المصالح المتضاربة!.

 

والمدهش أن أمريكا الأكبر هو ربط ثياب العرب وثرواتهم بإسرائيل، حتى إنها اخترعت لهم «الإبراهيمية» ديانة جديدة، زاعمة أن السماء صاحبة الديانات الثلاث تباركها سواء كانت الروابط سرية أو علنية، والصديق الأمريكى يستميت فى دعوة العرب إلى العفو والتسامح عن العدوان والاغتصاب والقتل وجرائم الحرب التى تمارسها اسرائيل ضد بعض منهم فى فلسطين ولبنان وسوريا وغيرها، وفعلا نجحت فى إقناع بعضهم أن ما ترتكبه إسرائيل هو مجرد «دفاع» عن النفس، لتأمن شر المتمردين من العرب الذين يتربصون بهذه المسكينة التى وجب علينا تسليحها ضدكم،

 

مع أن شر هؤلاء المتمردين محدود على أرض الواقع، وثلاثة أرباعه دخان فى الهواء، وأن ما يقوم به بعضهم من عمليات هو رد على ظلم واحتلال وإذلال ودماء، وهم أشبه بطفل يقذف طائرة بى 52 بحجر ، فترد عليه بإلقاء كل ما تحمله من قنابل وصواريخ يصل وزنها إلى 34 ألف كيلو ، فتبيده هو والأرض والزرع والمبانى وسبل الحياة كلها!.

 

المدهش أن هذا المسلسل لم يتوقف عرضه من خمسينيات القرن العشرين، تحديدا منذ حرب السويس سنة 1956، حين ساندت أمريكا فى طرد العدوان الثلاثى من أراضيها، وبالمناسبة لم تفعل أمريكا ذلك حبا للعدل والصداقة، وإنما كان جزءا من عملية التسليم والتسلم من إمبراطوريات استعمارية غاربة هى وفرنسا، إلى إمبراطورية استعمارية بازغة هى الولايات المتحدة، وكانت السويس المرحلة الأخيرة من إجراءات نقل السلطات والنفوذ والمسئوليات دوليا!.

لكن أحداث المسلسل التقليدية المتوارثة جيلا بعد جيل أصابها ورم خبيث مفاجئ، أو انحراف فاضح لم يعمل له الزوج الهش حسابا، قطعا لا أقصد طوفان الأقصى، وإن كان حدثا محوريا، وتقييمه «الوطني» بمعايير النتائج والثمن فهو من حق أهل غزة وحدهم دون سواهم، ولا يحق لكائن مهما كان لا يعيش لاجئا محروما من وطن أن يُنَصب نفسه وصيا عليهم، والتاريخ لا يعرف وطنا تحرر دون قتال أيا كانت قوة العدو المحتل، أما تقييمه الاستراتيجى فهو من حق أهل المنطقة كلها، لأن الصديق الأمريكى ومدللته الإسرائيلية يسعيان إلى استغلال الفرصة وإعادة تشكيل المنطقة العربية على هواهما ومصالحهما فقط!.

 

وهنا أقصد «فَكُّورِة» الرئيس دونالد ترامب، ولا أظنها فكرة، بتهجير أهالى غزة إلى مصر والأردن وبلدان أخرى، لإنهاء الصداع التاريخى وحذف اسم فلسطين إلى الأبد.

 

هنا انتبه العرب إلى المخاطر التى تحيق بهم، فالقضية ليست تهجيرا لشعب بلا دولة، وإنما هى «صناعة» خطر ماحق دائم على أهل المنطقة كلها، المنطقة التى يظن بعض نخبتها السياسية والاقتصادية أن الخطر يلاحق فقط الدول التى تجاور إسرائيل المدللة، التى تحلم بأن تمد يديها وساقيها شرقا وغربا وجنوبا، فالسيد ترامب لا ترضيه المساحة التى اغتصبتها ويراها صغيرة جدا، ومن الواجب أن نسمح لها باغتصاب الجيران ايضا!.

نعم العرب فى مفترق طرق شديد المنحنيات، وعليهم أن يختاروا بأن يمضوا على الدرب السليم، أو يقلدوا جحا.

نعم القضية لم تعد تتحمل أنصاف الحلول أو الأبواب المواربة، قطعا لا نريد مواجهة مع الولايات المتحدة، نريد سياسة موحدة، منهجا متفقا عليه، موقفا جماعيا واضحا يدعو إلى السلام والدولة الفلسطينية دون تنازلات، تدرك الولايات المتحدة منه أنها أمام اختيار جاد بين مصالحها مع العرب ومصالحها مع إسرائيل، وأن العرب لا يفكرون فى أن تُفاضل بينهما، وإنما توازن، بما يعنى أنها تعلى من قيمة العرب.

 

وهذا يلزمه شرط وجوبى ألا يتصرف العرب دولا منفردة متنافسة فى الدور الدولى والدور الإقليمى على حساب «المصالح العليا للإقليم»، وإلا سيظل الصديق الأمريكى يعاملهم رعايا فى معيته، ولهم خريطة طريق، فى عبارة شهيرة لفيلسوف السياسة الأمريكية المعاصرة هنرى كيسنجر: أن تكون عدوا لأمريكا فأنت فى خطر، وأن تكون صديقا لأمريكا فأنت تلقى بنفسك إلى التهلكة، أى عداوة أمريكا خطر، لكن على الأقل تعرف مكانك، وصديقة أمريكا تهلكه بسبب الأساليب التى تعمل بها من أجل مصالحها!.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا