نبيل عمر
الأزمة الغبية في مباراة القمة!
لا يمكن لأي إنسان أن يقرأ تعليق الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة على الفيسبوك دون أن يصفق ويؤيده تماما، بالرغم من ركاكة عبارات يبدو أنه كتبها على عجالة وبمشاعر متأججة، فهو يطالبنا جميعا بأن نقدر بلدنا مصر وحضارتنا وقيمتنا، ويحث كل من يعمل في مجال الرياضة سواء كان متطوعا أو بأجر، أن يعى أن بلدنا أكبر من الجميع، ويراعي ذلك بتحمل المسئولية وتطبيق القانون والحفاظ على المال العام.
بالطبع يطلق الدكتور أشرف صبحي تعليقه على أزمة مبارة الزمالك والأهلي الملغاة، التي أفسدت صورة كرة القدم المصرية وإداراتها والقائمين عليها أمام العالم كله، وإن لم يقل ذلك صراحة.
وأتصور أن كلمات الدكتور أشرف صبحي بصفته أعلى مسئول تنفيذي في الرياضة المصرية يجب أن تنتقل من صفحات التواصل الاجتماعي إلى “الواقع العملي”، خاصة وهي تتجاوز “الأوصاف المعنوية” للحضارة والقيمة إلى “وقائع مادية ” تمس المسؤولية والمال العام والقانون!
أذن نحن أمام وقائع وشبهات لا تفيد فيها الأوصاف المعنوية، وإن كانت تشي بفداحة الأخطاء التي اُرتكبت في حق “مصر الحضارة وأهلها”، وتصرخ فينا بأن القانون وحده هو الحكم في هذه الأزمة، فمن حق المصريين جميعا أن يعرفوا بدقة وبالتفاصيل المملة، ماذا حدث وكيف؟، ما الذي أوصل الأخطاء إلى هذه الدرجة المهينة لنا؟، هل هي متعمدة أم عدم كفاءة؟، وهل كان يمكن الحيلولة دون انزلاقها إلى هذا النقطة الحرجة؟
الأزمة لها أربعة أطراف مباشرة، وطرف خامس بمثابة مراقب سياسي، الأربعة هم: رابطة الأندية المصرية لكرة القدم، اتحاد الكرة ، والنادي الاهلي، ونادي الزمالك نا، الخامس وزارة الشباب والرياضة، المنوط بها حماية النظام الرياضي العام وفق قوانين الدولة المصرية، دون أن تتدخل في إدارة النشاط إلا ما يخص المنتخبات القومية، وأي أزمات تهدد هذا النشاط تهديدا يخل بالنظام.
في الحقيقة نظام كرة القدم في مصر، ومنذ سنوات طويلة، ملئ بالعورات والحفر والمطبات التي تفسد مساراته وتعوق استقامة عمله، لم يحاول قط اتحاد الكرة المصري أيا كانت أسماء من يقودونه أن يزيل هذه العورات والحفر والمطبات، ويعمل على إصلاح النظام من أساسه: نظام انتخابات مجلس إدارة الاتحاد، هياكل الاتحاد ولجانه وشروط عضويتها التي تضمن أداء عملها بكفاءة ونزاهة، مسابقاته وتطويرها واللوائح التي لا تقبل الكسر أو التأويل،
بل العكس هو الذي حدث، إذ أكسبوا الأحوال المعوجة “وجودا شبه شرعي”، يصعدون عليها أو يتحالفون حولها أو يلجأون إليها حسب انتماءات ومصالح خاصة أو يستخدمونها سلاحا في صراعات بين أندية القمة وأحيانا نادرة بين أندية القاع إذا لزم الأمر..وهكذا.
وللأسف تأسست رابطة الأندية المصرية المحترفة في هذه البيئة المعطوبة، ولم تكن هي نفسها “نقية” من المثالب والأغراض، ولكم أن تتصوروا “شكل” العلاقة بين الرابطة والاتحاد، ثم كيف تتعقد حين يكون رئيس الاتحاد شخصية لها حيثية إفريقية وعالمية، تُزيد من إحساسه بقيمة أفكاره وقدراته واختياراته وقراراته.
في هذه البيئة ساءت سمعة ثلاث لجان وتجرعت المرار: لجنة الحكام، ولجنة المسابقات، ولجنة التظلمات، ثلاث لجان تتعامل مباشرة مع “السلعة” التي تباع للجمهور، تحكيم المباريات وتنظيمها وتأجيلاتها وعقوبات اللاعبين والأندية، باختصار انهالت حجارة الجمهور الغاضب على رأس هذه اللجان الثلاثة!، خاصة لجنة الحكام التي نالت النصيب الأوفر من الغمز واللمز،
وبالفعل الحكام المصريون ليسوا أبرياء، هم الذين وضعوا أنفسهم في هذا المربع التعس، نعم لا توجد مباراة في كرة قدم دون أخطاء، وبعض أخطائها تقديرية حسب كفاءة الحكم وخبراته، لكن عددا ليس قليلا من الحكام المصريين كانت لهم قرارات متكررة “نفسية” وليست فنية ، سواء خوفا من جمهور، أو ولاء لناد أو حسابا لإدارته أو نكاية في ناد آخر، والذي زاد الطين بله أن هذه الانحيازات والشللية باركتها مواقف من “رؤساء” لجان التحكيم، في تعيينات حكام لمباريات بعينها أو ترقياتهم.
خسرت لجان التحكيم ثقة الجمهور، حتى في القرارات الصحيحة، ولم يحاول أعضاؤها أبدا استعادة هذه الثقة، بالرغم من وقوع مشاحنات وأحداث عنف في المدرجات، لأن “خاتم المصالح المادية” كان ينتقل بين أصابع الجميع، بالطريقة التي وصفها الرائع يوسف إدريس في قصته العبقرية “بيت من لحم”.
ومع احترامنا الشديد لكل جماهير الكرة المصرية إلا أن الأهلي والزمالك هما أصحاب الجماهيرية الأكبر، بغض النظر عن نسبة كل منهما، ومن هنا كان قرار الحكومة المصرية باستقدام حكاما أجانب لمبارياتهما معا، ثم سمح الاتحاد بذلك لأي ناد يطلب حكما أجنبيا.
صحيح لعب الناديان بضعة مباريات بحكام مصريين، تحت ضغوط شديدة، لكن أكثرها لم يكن مؤثرا على البطولة!
والسؤال: كيف صنعت رابطة الأندية قرعة مباريات الدور الثاني، دون أن تغذي برنامج الذكاء الاصطناعي “إياه” بمعلومات ضرورية تتيح له أن يرتب مباراة الاهلي والزمالك في الجدول بما يوفر وقتا كافيا لاستدعاء حكام أجانب؟
وإذا كان الاتحاد قد وافق رسميا على الحكام الأجانب، فلماذا لم يستكمل إجراءاته، وعاد إلى الحكام المصريين وهو يعلم بالوثائق كل الملابسات؟
وإذا كان الزمالك قبل أيام، قد قال في الحكام المصريين أكثر مما قاله مالك في الخمر، وفي مؤتمر صحفي صاخب، فما الذي تغير وعدل موقفه؟
نريد تحقيقا عاجلا مستقلا وشفافا، يشارك فيها قاض من الفيفا، حتى نتجنب تصعيدا قد يضر بالكرة المصرية، والمستندات موجودة والقرارات موجودة والشهود موجودون، وربما يكون هو أول خطوة لإصلاح عطن عاش طويلا!
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.