في اكتشاف فلكي مذهل، كشف تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة ناسا عن صورة جديدة ومفصّلة لعنقود نجمي كروي قديم يُدعى NGC 1786، يقع على بعد 160 ألف سنة ضوئية داخل سحابة ماجلان الكبرى، إحدى المجرات القريبة من درب التبانة، لكن المدهش في الأمر لم يكن الصورة وحدها، بل ما كشفته من أسرار: العنقود يضم نجومًا من أعمار مختلفة، ما يُعيد النظر في نظريات تشكّل المجرات والنجوم الأولى.

كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن العناقيد النجمية القديمة المعروفة باسم العناقيد الكروية تحتوي على جيل واحد فقط من النجوم، تكون قد تشكّلت جميعها في وقت واحد منذ مليارات السنين، لكن بيانات هابل الملتقطة من NGC 1786 كشفت العكس: النجوم بداخله تتوزع على أكثر من جيل، ما يعني أن هذه التجمعات النجمية شهدت مراحل متعددة من تكوّن النجوم.

هذه النتائج جاءت ضمن برنامج علمي يهدف إلى مقارنة العناقيد النجمية القديمة في المجرات القزمة القريبة مثل سحابة ماجلان الكبرى، مع نظيراتها داخل مجرة درب التبانة.

بالنسبة لعلماء الفلك، فإن وجود نجوم متعددة الأعمار في عنقود قديم مثل NGC 1786 يمثل دليلًا جديدًا على أن تكوين النجوم في المجرات لم يكن دفعة واحدة، بل مرّ بمراحل متعاقبة، وربما من خلال اندماجات مع مجرات أخرى أو تدفقات مستمرة من الغاز.

ويوضح أحد علماء ناسا أن “هذه الدراسة لا تعكس فقط كيف تشكّلت سحابة ماجلان الكبرى، بل تعطينا أيضًا مفاتيح لفهم تاريخ مجرتنا – درب التبانة”.

تكشف هذه النتائج عن صورة أكثر تعقيدًا لتطور المجرات، حيث لم يعد يُنظر إلى العناقيد النجمية القديمة على أنها بقايا مجرّدة من الأحداث، بل كـ”كبسولات زمنية” تحمل طبقات من التاريخ الكوني، يمكن من خلالها تتبّع مراحل التكوين الأولى للنجوم.

وبينما يواصل تلسكوب هابل تقديم بياناته الدقيقة رغم مرور أكثر من 30 عامًا على إطلاقه، تستعد التلسكوبات القادمة مثل جيمس ويب لدفع حدود الفهم أكثر، والاقتراب من فجر الكون.

إن اكتشاف تعدد الأجيال النجمية في عنقود واحد يُعيد صياغة الطريقة التي نقرأ بها قصة المجرات، ويقترح أن الكون كان، منذ البداية، أكثر ديناميكية وتعددًا مما كنا نتصور.