فيديو / صحيفة اليوم

ما من طريق سهلة بالحياة


كثيراً ما تتراءى الحياة لكثيرين منّا، كرحلة شاقة، وطرق وعرة، ودروب شائكة، ومنحنيات زلقة، فالدنيا حقاً متاهة كبيرة، لا نجاة فيها لمسكين، أو عابر سبيل، إلا ما رحم ربي، فأحوال الدنيا متقلبة، ونعمها هشة، وظلالها في انحسار، وأيامها في أفول، أو هكذا قد تبدو، ومثلما يكون الناس طيبين في بلد ما، يكون هناك مثلهم في دول أخرى، «وفي الرحلة من المهد الي اللحد، نحلم أحلاماً، بعضها يصدق وبعضها يخيب»، كما قال الأديب الطيب صالح، وتظل الحقيقة المؤكدة في حياتنا أننا من لحظة ولادتنا، ونحن نعلم أننا سوف نموت، ويبدو أن الموت هو الذي يجعل للحياة قيمة ومعنى وهدف وربما طعم أيضا.
ولعل أجمل ما في الحياة هي الحياة نفسها، بكل تفاصيلها، والأجمل من ذلك كله لا يوجد دليل استخدام أو «كتالوج» للتعامل معها، وهي بذلك جديرة بالاهتمام.
وفي الحياة مفارقات كثيرة، منها المحزن ومنها المضحك، فقد قيل لطفل إياك أن تتخلي عن حلمك فظل نائماً حتى يكمله.
وفي إفريقيا قبيلة لديها عادة غريبة في السفر، إذ لم يكن أفراد هذه القبيلة يسافرون كجماعة أبداً، بل يسافرون فرادا، حتى لو كانوا جميعا من عائلة واحدة، فكل إثنين على الأكثر يمكنهم أخذ الحافلة أو ركوب القطار معاً، هذا يشبه بالضبط المثل الذي يقول «لا تضع كل البيض في سلة واحدة» ولم يخطر على بالي أن يطبق المثل على البشر أيضا.
لقد عشت في رَدَحٌ من الزمان، وتعلمت من أحبتنا المصريين الكثير، هم يقولون أن «ربك رب قلوب»، ويقولون أيضا أن «جبر الخواطر على الله»، ورأيتهم يسعون بصدق في جبر خواطر الغريب قبل القريب، أما هنا فقد وجدت الكثيرين ممن يفزعون في الملمات، ويجبرون الخاطر والكسر معاً، سواء بالكلمة أو الدعاء أو الفعل أو حتى المال، فما أجمل أولئك الذين يمدون يد العون، ويقيلون العثرات، ويلتمسون الأعذار، ويجبرون القلب بطيب الكلم والقول.
ونحن في السودان نقول «كان رزقك ضيق وسع ماعُونك»، الماعون هو الإناء، والمقصود من المثل الدعوة للتفاؤل والأخذ بالأسباب والتوكل على الله، ويعضد هذا المعني أكثر، مثل آخر يقول «يقيني بالله يقيني».
حقاً كم هم مدهشون أولئك البسطاء، الذين تجمعت لديهم حكمة العصور، وفلسفة الحياة، بكل ما تحويه، من صنوف وتجارب وأنماط.
وفي هذه الرحلة الطويلة المرهقة، قد يفقد البعض البوصلة ويضل الطريق، أو تدفعه الحياة قسراً في اتجاه غير الذي أراده حقاً، لكن الأسوأ من ذلك هو أن بعضنا لا يدري الي أين يذهب حقاً، والأعجب أن يصل الي مبتغاه، ولعل المثل الذي يقول «إذا لم تعلم أين تذهب فكل الطرق تفي بالغرض»، أصاب كبد الحقيقة.
والحقيقة أننا لطالما تشغلنا الحياة في أحيانا كثيرة بمعارك جانبية، وتنسينا الهدف والغاية، أو تدفعنا في اتجاه استخدم وسائل خاطئة، وقد نضع ثقل طاقتنا فيما يؤذى صحتنا النفسية والبدنية، ويوغر صدورنا، ويزيد من ران قلوبنا، ويعكر صفو الحياة، فلعل كل شيء مرهون بالطريقة التي نحيا بها.
وفي بلد عزيز آخر، التقيت بكثير ممن يتكبدون شظف العيش والفاقة، وهم راضون حقا بما لديهم وقانعون به، ولا يحاولون تغييره حثيثا، فما أجمل الرضى وتلك القلوب الرضية، وصدق الخليفة الراشد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حينما قال عن التقوى: «هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضى بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل»، فاللهم أرزقنا من واسع فضلك وجزيل كرمك ما يرضيك عنّا، وأرضنا بما رزقتنا من عمل وقول وحياة.
قد يفقد البعض البوصلة ويضل الطريق، أو تدفعه الحياة قسراً في اتجاه غير الذي أراده

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا