كتبت هبة السيد
الإثنين، 15 ديسمبر 2025 09:00 مأصبحت النفايات الإلكترونية واحدة من أخطر المشكلات العالمية في العصر الحديث، فالغالبية العظمى من الأجهزة التكنولوجية المستعملة، والمعروفة بـ"النفايات الإلكترونية"، يتم التخلص منها أو معالجتها في ظروف غير آمنة، وتشير التقديرات إلى أن نحو 78% من المنتجات الإلكترونية لا يعاد تدويرها بشكل سليم، بينما تتزايد كميات المخلفات عامًا بعد عام.
في عام 2024 وحده، أنتج العالم نحو 1.22 مليار هاتف ذكي، وعند إضافة مليارات أجهزة التلفزيون والحواسيب المحمولة والمكتبية، تتضح صورة سوق مشبع يغذي ثقافة "الاستخدام لمرة واحدة".
ووفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، من المتوقع أن تصل النفايات الإلكترونية إلى 80 مليون طن بحلول عام 2030، ويقول إريك إنجبريتسن، الرئيس التجاري لشركة SK Tes التي تدير 40 مركزًا عالميًا لمعالجة الأصول التكنولوجية، إن هذه الكمية "تكفي لملء 1.5 مليون شاحنة حمولة 40 طنًا، يمكنها الدوران حول الكرة الأرضية".
ويؤكد ذلك الحاجة الملحة إلى حلول مبتكرة لإدارة النفايات الإلكترونية، لا تكتفي بمعالجة الأزمة البيئية فحسب، بل تفتح أيضًا آفاقًا اقتصادية جديدة.
كذلك في المعهد التكنولوجي الدنماركي، يعمل باحثون على تطوير نظام روبوتي مدعوم بالذكاء الاصطناعي يمكنه مواجهة أزمة النفايات الإلكترونية، مع تحديث وتوسيع صناعة إعادة تأهيل الأجهزة التكنولوجية.
قدم المشروع ميكيل لابوري أولسن، مستشار تقنيات الروبوتات وباحث في مشروع RoboSAPIENS، الذي يهدف إلى تعزيز أمان التفاعل بين الإنسان والروبوت، ويعمل فريقه على تطوير روبوت قادر على أتمتة عملية إعادة تأهيل الحواسيب المحمولة، بما يخلق مصدر دخل جديد ويقلل من النفايات الإلكترونية.
ويضم النظام ذراعًا روبوتية، ومجموعة أدوات مخصصة، وكاميرا، وقد جرى تدريبه على استبدال شاشات الحواسيب المحمولة، وهي عملية يدوية شاقة تستغرق وقتًا طويلًا وتعاني الشركات المحلية من نقص العمالة القادرة على تنفيذها.
وقد نجح الفريق بالفعل في تدريب الروبوت على التعامل مع شاشات نموذجين من الحواسيب المحمولة، ويعمل حاليًا على توسيع قدراته ليشمل مزيدًا من الموديلات والعلامات التجارية.
ويعتمد الروبوت على الدمج بين الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية للتكيف مع أنواع مختلفة من الأجهزة، وإزالة الأغطية البلاستيكية، وفك المسامير، ونزع الشاشات بدقة، ويظهر مقطع فيديو حديث الروبوت أثناء تنفيذ هذه المهام، وفقا لما نقلته TheNextWeb.
ويقول أولسن: "يمكننا تقليل النفايات بشكل كبير إذا استبدلنا شاشة جهاز صالح للاستخدام بدلًا من التخلص منه بالكامل ثم إعادة بيعه."
وبحسب المنطقة ونوع الجهاز، يمكن بيع حاسوب محمول معاد تأهيله بنحو 200 يورو، في حين لا تتجاوز قيمة المواد الناتجة عن إعادة تدويره بالكامل عبر الطحن نحو 10 يوروهات فقط، وفقًا لأولسن.
ويضيف: "جوهر الفكرة هو أن استبدال عدد محدود من المكونات البسيطة يمكن أن يخلق قيمة كبيرة، بدل الاكتفاء ببيع المواد الخام"، لكن تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على مثل هذه المهام يظل تحديًا كبيرًا، فالروبوت قد يواجه صعوبات إذا تعرض لمواقف غير مدرجة في بياناته، حتى اختلاف لون المسامير قد يتطلب إعادة تدريب النظام.
لهذا السبب، يؤكد أولسن أهمية وجود العنصر البشري ضمن الحلقة التشغيلية، للتدخل عند ظهور مشكلات غير متوقعة، وتشير تقارير، من بينها دراسة لمجموعة Astute، إلى أن طنًا واحدًا من الهواتف الذكية المستعملة يحتوي على ذهب أكثر من طن من خام الذهب المستخرج من المناجم.
وبالإضافة إلى الذهب، تضم النفايات الإلكترونية معادن بالغة الأهمية مثل النحاس والفضة والبلاديوم والعناصر الأرضية النادرة، الضرورية لصناعة الأجهزة التكنولوجية الحديثة.
ورغم ذلك، لا يتم استغلال الجزء الأكبر من هذه النفايات، ويرى أولسن أن القطاع لم يعترف به عالميًا بعد كصناعة ذات قيمة اقتصادية كبيرة، رغم بدء بعض الشركات في إدراك إمكاناته.
كما تمثل التكلفة عاملًا آخر، إذ يقول أولسن إن "الروبوتات وأنظمة الأتمتة معقدة ومكلفة"، ويضاف إلى ذلك التنوع الهائل في الأجهزة والمكونات والحالات المختلفة للنفايات الإلكترونية، ما يصعب تصميم أنظمة روبوتية مرنة وقادرة على التكيف دون أعطال.
وتزداد صعوبة إعادة التفكيك مع تطور تصميم الأجهزة، حيث بات المصنعون يعتمدون على لصق المكونات بدلًا من تثبيتها بالمسامير، ما يعقد عمليات الإصلاح وإعادة التدوير دون إتلاف الأجزاء.
ورغم هذه التحديات، يبدي أولسن تفاؤله، مشيرًا إلى التقدم الذي تحرزه شركات محلية وأوروبية ودولية في مجالات إعادة التأهيل وإعادة التدوير.
وفي الدنمارك، تظهر شركات مثل Tier 1A وRefurb وGreenmind أن إعادة تأهيل الأجهزة يمكن أن تكون نموذج عمل قابلًا للتوسع، حيث تسعى بعض هذه الشركات إلى إعادة تأهيل ما يصل إلى 2000 جهاز يوميًا.
ويخطط فريق أولسن لتوسيع قدرات النظام الروبوتي ليتمكن من التعرف على عدد كبير من موديلات الحواسيب المحمولة، بهدف الوصول إلى نظام جاهز للإنتاج يدعم شركات إعادة التأهيل المحلية.
وفي المحصلة، تبدو الروبوتات مرشحة لإعادة تشكيل مستقبل إدارة النفايات الإلكترونية، من خلال أنظمة ذكية قادرة على التعرف على الأجهزة وفرزها وتفكيكها بدقة، ما يعزز السلامة والكفاءة، ويفتح الباب أمام استغلال "الكنز الخفي" الكامن في النفايات الإلكترونية.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
