ماكس تشيرلي*
يتسبب النقص العالمي الحاد في رقائق الذاكرة في مشهد تنافسي عنيف وسط شركات الذكاء الاصطناعي والإلكترونيات الاستهلاكية حيث تتناقص الإمدادات وتتزايد أسعار المكونات الأساسية التي تسمح للأجهزة بتخزين البيانات.
وبدأت متاجر الإلكترونيات اليابانية بتحديد عدد محركات الأقراص الصلبة التي يمكن للمتسوقين شراؤها، ويحذر مصنعو الهواتف الذكية الصينيون من ارتفاع الأسعار.
وتسعى شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك مايكروسوفت وغوغل وبايت دانس، جاهدةً لتأمين الإمدادات من شركات تصنيع رقائق الذاكرة مثل ميكرون وسامسونغ إلكترونيكس وإس كيه هاينكس.
وربما تتجاوز تداعيات هذه الأزمة حدود التكنولوجيا إذ يحذر العديد من الاقتصاديين والتنفيذيين من أن استمرار النقص يُهدد بإبطاء مكاسب الإنتاجية القائمة على الذكاء الاصطناعي، ويؤخر استثمارات بمئات المليارات من الدولارات في البنية التحتية الرقمية. كما قد يتسبب ذلك في تفاقم ضغوط تضخمية في الوقت الذي تسعى فيه العديد من الاقتصادات إلى احتواء ارتفاع الأسعار والتعامل مع الرسوم الجمركية الأمريكية.
ولا يزال مصنعو الرقائق غير قادرين على إنتاج ما يكفي من أشباه الموصلات المتطورة لسباق الذكاء الاصطناعي وفي ذات الوقت يتسبب ابتعادهم عن منتجات الذاكرة التقليدية في تقليل إمدادات الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية والإلكترونيات الاستهلاكية ويُسارع بعضهم الآن إلى تصحيح مساره.
فقد تطور نقص رقائق الذاكرة الآن من مجرد قلق على مستوى المكونات إلى خطر اقتصادي كلي حيث بدأت تطفو على السطح تفاصيل الصراع العالمي بين شركات التكنولوجيا وزيادات الأسعار والتي أخرجها تجار التجزئة للإلكترونيات وموردي المكونات في الصين واليابان.
وتتكشف الأزمة مع تساؤل المستثمرين عما إذا كانت مليارات الدولارات التي ضُخّت في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي قد ضخّمت الفقاعة، ويتوقع بعض المحللين حدوث هزة ارتدادية، حيث لن يتمكن من تحمل زيادات الأسعار سوى الشركات الأكبر والأقوى مالياً.
وتطل مراكز البيانات من وسط هذه الأزمة كمشكلة جديدة لأن نقض الرقائق سيؤخر مشاريع مراكز البيانات المستقبلية، كما أن بناء القدرات الجديدة يستغرق عامين على الأقل لكن شركات تصنيع رقائق الذاكرة تحذر من الإفراط في البناء خوفاً من توقفها عن العمل في حال انحسار الطلب.
وخرجت توقعات بارتفاع أسعار الهواتف الذكية إذ يمثل الذكاء الاصطناعي ضغطاً إضافياً على سلاسل التوريد، وقد يتسبب التغيير الأخير الذي أجرته شركة إنفيديا على منتجاتها في جعل الوضع أكثر صعوبة حيث تتطلب مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، والتي تنفق عليها شركات التكنولوجيا العملاقة عالمياً مئات المليارات من الدولارات، رقاقات من موردين مثل إنفيديا التي تعتمد على العديد من المكونات والشركات المختلفة لإنشاء وحدات معالجة الرسومات المطلوبة.
وما يفاقم الوضع أن شركات أخرى، مثل «ايه ام دي» وشركات الحوسبة الضخمة مثل غوغل ومايكروسوفت، وغيرها من موردي المكونات، تعتمد جميعها على سلسلة التوريد هذه التي لا تستطيع أجزاء كثيرة منها مواكبة الطلب المتزايد، مما يُبطئ إنتاج مكونات أساسية للإلكترونيات الاستهلاكية الأكثر شهرة في العالم. وتشهد هذه المكونات ارتفاعات هائلة في الأسعار مما يُهدد بارتفاع أسعار المنتج النهائي، وقد يؤدي حتى إلى نقص في بعض الأجهزة حيث إن الزيادة السريعة في الطلب على الذكاء الاصطناعي في مراكز البيانات تؤدي إلى حدوث اختناقات في العديد من المجالات.
وبالفعل بدأت بعض الشركات بالشكوى من أن هناك نقصاً في مصنعي أشباه الموصلات، ورقائق الذاكرة، وأجهزة التخزين مثل محركات الأقراص الصلبة.
* كاتب عمود في «رويترز» متخصص في التقنية والذكاء الاصطناعي
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
