تخيّل طالبًا يدخل مدرسته كل صباح، فيستقبله أينشتاين بابتسامة حكيمة، أو تحاوره الموناليزا بلغة اللون، أو تطل عليه رموز الفن والعلم والفكر من جدران مدرسته… هنا، لا يكون الجدار مجرد حدّ مكاني، بل وسيلة تعليم صامتة، تنطق بالمعرفة والجمال معًا. لو انتقلت هذه التجربة من أسوار المنازل إلى أسوار المدارس، فلن نكون أمام مشروع تجميلي فحسب، بل أمام فعل تربوي وثقافي عميق الأثر.
تحويل أسوار المدارس إلى جداريات فنية عالمية يعني نقل الفن من حصة محددة إلى فضاء يومي مفتوح. الطالب لا يتلقى الدرس فقط داخل الصف، بل يراه، ويعيشه، ويتأمله في محيطه البصري. الصورة هنا تصبح مدخلًا للتساؤل، واللون محفزًا للتفكير، والوجه المرسوم بوابة لحكاية علمية أو إنسانية أو تاريخية.
هذه الجداريات يمكن أن تؤدي دورًا مزدوجًا؛ فهي من جهة ترفع الذائقة البصرية، وتعزز الحس الجمالي لدى الطلاب، ومن جهة أخرى تغذي المعرفة، وتربطهم برموز إنسانية أسهمت في تشكيل العالم. حين يرى الطالب شخصية علمية أو فنية مرسومة بأسلوب معاصر، يشعر أن المعرفة ليست بعيدة أو معقدة، بل قريبة، حية، وقابلة للفهم.
كما أن وجود الفن على أسوار المدارس يسهم في خلق بيئة تعليمية إيجابية، ويعزز الانتماء للمكان. المدرسة التي تهتم بجمال محيطها ترسل رسالة غير مباشرة مفادها أن الطالب يستحق بيئة ملهمة، وأن التعليم لا ينفصل عن الجمال. وهذا ينعكس على السلوك العام، واحترام المكان، والحد من التشويه البصري.
ومن الناحية التربوية، يمكن ربط هذه الجداريات بالمناهج الدراسية، عبر أنشطة مصاحبة، وبحوث قصيرة، وحوارات صفية حول الشخصيات المرسومة، لتتحول الجدران إلى وسيلة تعليمية تفاعلية. كما تفتح المجال لاكتشاف المواهب الفنية لدى الطلاب، وتحفيزهم على الإبداع، بدل الاكتفاء بدور المتلقي.
إن تحويل أسوار المدارس إلى لوحات فنية عالمية هو استثمار ذكي في الإنسان، قبل أن يكون استثمارًا في المكان. هو مشروع يصنع ذاكرة بصرية للأجيال، ويؤكد أن المدرسة ليست فقط مكانًا للتلقين، بل فضاء يتنفس المعرفة والجمال معًا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
