لطالما اعتمد سكان قرية بوكورداك النائية في تركمانستان على صحراء قره كوم في توفير موارد عيشهم، مستغلين كل شبر قابل للزراعة في معركة مستمرة مع الطبيعة في مواجهة التصحر، لكن البعض يخشون خسارتها.
قال كاكاباي بايميدوف، وهو متقاعد من سكان المنطقة، لوكالة «فرانس برس»: إن الكثبان الرملية الكبيرة بدأت في السنوات الأخيرة تتمدد باتجاه أراضي القرية، بينما أجبرت رمال الصحراء الآخذة في التقدم السكان على الانتقال إلى مناطق أخرى.
وأشار بايميدوف إلى أن الوضع «صعب للغاية» بالنسبة لمن يعيشون في المناطق الواقعة ضمن نطاق هذه الصحراء المعروفة باسم «غوملي» باللغة التركمانية.
وقال: «كانت قرية بوكورداك تقع على تلة في شمال هذا المكان. ثم، بسبب زحف الصحراء، اضطررنا إلى الانتقال إلى مناطق أقل ارتفاعاً».
لطالما شكلت الرمال والسهوب جزءاً من الحياة في آسيا الوسطى، لكنّ العلماء يحذرون من أن تغير المناخ والأنشطة البشرية الأخرى تُسرّع من وتيرة التصحر وتدهور الأراضي.
وإلى جانب كونه مشكلة بيئية واجتماعية، يُشكل التصحر أيضاً عبئاً اقتصادياً، إذ تشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه يُكلف نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي لآسيا الوسطى سنوياً.
وتغطي صحراء قره كوم أكثر من 80% من تركمانستان.
قال العالم التركماني محمد دوريكوف لوكالة «فرانس برس»: «في حال عدم إدارة الغطاء النباتي والتربة بشكل سليم، فإن سطح الأرض يصبح عرضة للتآكل بسهولة، ما يؤدي إلى تدهور الأراضي الزراعية وتكوّن الكثبان الرملية». وأشار إلى أن إزالة الغابات تُعدّ سبباً رئيسياً آخر لهذه الظاهرة، في حين أن موجات الجفاف الشديدة والرياح الجافة التي يُغذيها تغير المناخ تفاقم المشكلة.
حملة تشجير
تُعدّ آسيا الوسطى معرضة بشكل خاص لمخاطر تغير المناخ، إذ ارتفع معدل درجات الحرارة في المنطقة بنحو ضعف المعدل العالمي منذ عام 1991، وفق بيانات الأمم المتحدة.
في مواجهة هذا الواقع، تسعى سلطات تركمانستان، التي يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة، إلى الحد من التصحر من خلال حملة تشجير واسعة النطاق.
وأعلنت الحكومة في الصيف الماضي زراعة 162 مليون شجرة خلال الأعوام العشرين الماضية.
وقال مسؤول من وزارة البيئة لوكالة «فرانس برس»: «إن الرئيس يشارك بنفسه بشكل فاعل في مكافحة التصحر».
وأوضح المصدر عينه أن الوزارة ومسؤولين محليين يتولون متابعة الوضع في مواقع زراعة الأشجار والإشراف على زراعتها ورعايتها.
وحرص زعيما تركمانستان، الرئيس السابق قربانقلي بردي محمدوف وابنه الرئيس الحالي سردار بردي محمدوف، على إبراز جهودهما في مكافحة التصحر.
وتُظهر وسائل الإعلام الرسمية سردار بانتظام وهو يغرس الأشجار.
وقال مردان أرازمدوف، العضو في جمعية حماية الطبيعة في تركمانستان: «في السابق، كانت الأشجار (المزروعة في البلاد) من نوع التنوب أو الأرز، أما اليوم، فنجد أنواعاً محلية أكثر تكيفاً مع المناخ».
في بوكورداك، زرع العلماء بشكل رئيسي الساكسول saxaul، وهي شجيرة صحراوية قوية تمتد جذورها حتى عمق 15 متراً تحت الأرض لتخزين الماء، وفق أرازمدوف.
يساعد الساكسول الذي يُزرع أيضاً في أوزبكستان وكازاخستان، على الاحتفاظ بالرمال وتحسين رطوبة التربة، كما يشكل حاجزاً طبيعياً للمنازل.
يعتني بايمدوف، وهو هاوٍ لعلم النبات، بنحو 15 ألف شتلة بهدف تشكيل جدار أخضر يصد الرمال.
ويشير إلى شجرة ساكسول يبلغ ارتفاعها ثمانية أمتار قائلاً: «يستغرق نمو شجرة كهذه من 15 إلى 20 عاماً».
تُستخدم أشجار الساكسول أيضاً لحماية العاصمة عشق آباد، إذ قال أرازمدوف: «إن ناشطين بيئيين زرعوا أكثر من 50 هكتاراً منها على حافة الصحراء».
وأضاف «الآن، لم يعد الطريق إلى العاصمة مغطى بالرمال، وأصبحت حركة المرور سلسة، وانخفض عدد الحوادث».
لكن بالنسبة لبايمدوف الذي يعتبر غرس الأشجار سلاحه الرئيسي في مواجهة الصحراء، أصبحت المعركة أشدّ صعوبة بسبب تغيّر المناخ.
وقال: «في الماضي، كان يكفي ريّ أشجار الساكسول الصغيرة يومياً بما يصل إلى 10 لترات من الماء. أما اليوم، وبسبب تغيّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة، فيتطلب الأمر ما يصل إلى 20 لتراً يومياً لضمان تجذّرها».
ولجأت تركمانستان إلى أساليب أخرى لمكافحة تمدد الرمال.
في العام الماضي، أعلن علماء في البلاد نجاح تجارب رش التربة بالبكتيريا الزرقاء cyanobacteria، المعروفة أيضاً باسم «الطحالب الخضراء المزرقة»، وهي طريقة تساعد على الاحتفاظ بالرطوبة وتسهيل نمو جذور الأشجار.
وفي سبتمبر/ أيلول، اقترح رئيس تركمانستان إنشاء مركز إقليمي لمكافحة التصحر في آسيا الوسطى.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
