قال مراقبون إن صناعة الصلب في الصين تكافح مع بقاء قطاع العقارات في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في حالة ركود وعدم قدرته على استيعاب الطاقة الفائضة.

ونقلت «سي إن بي سي» عن ساربين شودري، رئيسة تحليل السلع الأساسية في «بي إم آي» قولها: «كان الطلب الصيني بمثابة خيبة أمل كبيرة للمعادن في جميع المجالات»، مسلطة الضوء على الركود في الصلب وخام الحديد على وجه الخصوص.

وأضافت: «يرجع هذا بشكل أساسي إلى ضعف قطاع العقارات في الصين. ومن المقرر أن يستمر انحدار قطاع العقارات لسنوات، وهذا بالتأكيد نذير شؤم على المعادن الصناعية المطلوبة في البنية التحتية».

• أكبر منتج 

تعد الصين أكبر منتج للصلب في العالم، حيث تمثل أكثر من نصف إنتاج العالم بأكثر من مليار طن سنوياً.

كما أنها المستهلك الأول للصلب وخام الحديد في العالم، وانخفضت أسعار كلتا المادتين حيث لا يزال المعروض من الصلب منتفخاً وسط ضعف الطلب المحلي.

وانخفضت أسعار قضبان التسليح في الصين بنسبة تزيد على 20% منذ بداية العام عند 3208 يوان صيني (450 دولاراً) للطن، وفقاً لبيانات شركة «ويند» للمعلومات المالية. ووفقاً لبيانات «فاكت سيت»، انخفضت أسعار خام الحديد الصيني، المادة الأساسية للصلب، بنسبة تزيد على 28% حتى الآن هذا العام.

• «شتاء» صناعة الصلب

من جهته، قال هو وانغمينغ، رئيس أكبر شركة منتجة للصلب في العالم، وهي شركة باوو ستيل المملوكة للدولة، مؤخراً إن صناعة الصلب تمر بـ«شتاء عاصف»، مضيفاً أن الصناعة تمر بفترة تعديل طويلة الأجل.

وقال ماتي تشاو، رئيس قسم المواد الأساسية وأبحاث النفط والغاز في «بنك أوف أميركا» في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إن صناعة الصلب الصينية عالقة «بين المطرقة والسندان» حيث تتقلص هوامش صناع الصلب بشكل متزايد بسبب ضعف الطلب. وأضافت لشبكة «سي إن بي سي» أن الطلب الضعيف من المتوقع أن يستمر حتى عام 2025 على خلفية سوق العقارات الصينية «الضعيفة للغاية».

بالإضافة إلى ذلك، مع عدم الإعلان عن تدابير محددة في اجتماع الدورة الثالثة رفيع المستوى في البلاد، تتلاشى الآمال في خروج قطاع العقارات المتعثر في الصين من ركوده.

• مبيعات الحفارات 

وكتب محللون من مجموعة «سيتي» في مذكرة في أغسطس/آب أنه من المتوقع أن تنخفض مبيعات الحفارات في الصين بنسبة 8% على أساس سنوي للسنة المالية 2024. وعادة ما يُنظر إلى مبيعات الحفارات على أنها مؤشر رئيسي لنشاط البناء، وبالتالي الطلب على المعادن.

وقال فيفيك دار من بنك الكومنولث الأسترالي: «إن هوامش مصانع الصلب في الصين معرضة لخطر الانخفاض إلى أكثر المستويات سلبية هذا العام، مما قد يؤدي إلى زيادة الضغوط الهبوطية على أسعار خام الحديد».

وقال تشاو من «بنك أوف أميركا» إن شركات صناعة الصلب الصينية تكبدت خسائر على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، حيث تتطلع شركات صناعة الصلب إلى أسواق التصدير للحصول على أسعار أفضل.

• ظروف السوق 

ووجّهت العديد من الدول اتهامات الإغراق ضد الصين حيث يحاول منتجوها تعزيز الصادرات وسط تباطؤ السوق المحلية.

فأعلنت تايلاند مؤخراً تطبيق رسوم مكافحة الإغراق على لفائف الصلب المدرفلة على الساخن من الصين. وفي سبتمبر الماضي، فرضت الهند أيضاً رسوماً لمكافحة الإغراق على بعض أنواع الصلب الصيني لمدة خمس سنوات. كما أطلقت وزارة الصناعة والتجارة في فيتنام تحقيقاً في بعض أنواع لفائف الصلب المدرفلة على الساخن من الصين والهند.

وقال محللو سيتي: «كان للصادرات الصينية تأثير مادي على آفاق إنتاج الصلب في بقية العالم».

• زيادة التصدير 

وشهد شهر يوليو 57.1 مليون طن من صادرات الصلب الصافية من الصين، وإذا استمر هذا المعدل لبقية العام، فسيشهد عام 2024 زيادة بنسبة 17% على أساس سنوي في صادرات الصلب الصافية الصينية، مضيفاً أن زيادة صادرات الصلب في عام 2023 قللت من مساحة إنتاج الصلب لبقية العالم.

• عدوى عالمية 

وأعلنت شركة Siderúrgica Huachipato، أكبر مصنع للصلب في تشيلي، مؤخراً أنها ستغلق عملياتها في مجال الصلب «إلى أجل غير مسمى»، نتيجة «استحالة المنافسة مع الصلب الصيني».
وقالت شركة أرسيلور ميتال، ثاني أكبر منتج للصلب في العالم، إن الإنتاج الزائد في الصين جعل ظروف سوق الصلب «غير مستدامة».

وقالت الشركة التي يقع مقرها في لوكسمبورج في نتائج الربع الثاني: «إن الإنتاج الزائد في الصين مقارنة بالطلب يؤدي إلى فروق أسعار الصلب المحلية المنخفضة للغاية والصادرات العدوانية».
وقال تشاو من «بنك أوف أميركا» إن إغراق الصين للصلب قد يؤدي إلى زيادة العرض في وجهات صادراتها، مما يضر بأسعار أسهم شركات صناعة الصلب المحلية.

وفقًا لإحصاءات «بنك أوف أميركا»، استوعبت خمس دول في جنوب شرق آسيا، بما في ذلك فيتنام وتايلاند والفلبين وإندونيسيا وماليزيا، 26% من صادرات الصين من الصلب في عام 2023، تليها كوريا الجنوبية بنسبة 9%.