اقتصاد / صحيفة الخليج

صراع الرباعي مع «أوبك بلس» على السوق في 2025

د. محمد الصياد *

في تقريرها الشهري الذي صدر في أغسطس 2024، عمدت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى خفض توقعاتها حتى نهاية 2025 بشأن الطلب العالمي على النفط، من 2.25 مليون برميل كانت قد توقعتها سابقاً، إلى 2.11 مليون برميل. كما خفضت توقعاتها لعام 2025، إلى 1.85 مليون، بإجمالي طلب عالمي متوقع عند 106.21 مليون برميل يومياً.
والسبب الذي دعاها لمراجعة توقعاتها السابقة، هي التوقعات المحتشمة لنمو الاقتصاد الصيني الذي يعد اليوم رافعة الاقتصاد الإنتاجي العالمي. على أية حال، التخفيض طفيف، كما هو بائن (135 ألف برميل يومياً في 2024، و56 ألف برميل في 2025). لكن المثير للقلق لشركات النفط الوطنية والعالمية (وللصناعة النفطية إجمالاً)، هو إعلان حملة ترامب الانتخابية أن إحدى أولويات إدارته سيكون الحفر في كل مكان «Drill everywhere»، رغم أن الولايات المتحدة تنتج الآن بأقصى طاقتها في التاريخ بمتوسط بلغ في سنة ,12.9 مليون برميل يومياً، وسجل في شهر ديسمبر 2023، رقماً قياسياً بلغ 13.3 مليون برميل يومياً، تخطته أيضاً في شهر أغسطس 2024 عندما وصل إلى 13.4 مليون برميل يومياً. فإذا فاز ترامب ونفذت إدارته سياسة التوسع في التنقيب والإنتاج، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض أسعار النفط بصورة حادة، ما يقع على الضد من مصالح شركات النفط التي قد تكرر سيناريو الخسائر الكبرى التي منيت بها في عامي 2016 و2017 بعد أن كانت حققت أرباحاً في عام 2014 فاقت ستين مليار دولار. ورغم تعافيها طفيفاً في عامي 2018 و2019، إلا أنها لم تصل إلى نصف ما كانت عليه في 2014. وبعد تعافيها أيضاً في 2021 (بعد الجائحة)، وصعودها التاريخي بعد الحرب الروسية الأطلسية على الأراضي الأوكرانية في 2022، عادت أرباح الشركات النفطية في الفصول الفائتة من العام الجاري (2024) للهبوط من جديد إلى مستوياتها في 2014.
كما سيعني وصول ترامب إلى البيت الأبيض وتطبيقه سياسة «الحفر في كل مكان»، تعريض «أوبك بلس» إلى مزيد من الضغط، لاسيما قدرتها على تفعيل ورقتها الإنتاجية لمقابلة السياسة الإنتاجية غير المنضبطة (التوسعية) للدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في ائتلاف «أوبك بلس». ذلك أن زيادة طاقة «ائتلاف الظل» (تسمية ارتأينا أن نطلقها على الدول التي تزاحم «أوبك بلس» في سوق البترول الدولية، وهي أمريكا، كندا، البرازيل، وغيانا الكاريبية «Guyana»، آخر دولة في العالم يُكتشف فيها النفط بالقرب من سواحلها في حقل ستابروك «Stabroek Block» البالغة احتياطياته 11 مليار دولار تتوزع على كل من اكسون موبيل الأمريكية 45%، وشركة «هس الأمريكية «Hess Corporation 30%، وشركة سينوك«CNOOC» الصينية 25%) - سيضعف كثيراً من سياسة الخفض الجماعي المنسق التي تتبعها «أوبك بلس»لمقابلة الإنتاج المفرط لائتلاف الظل لحماية سعر برميلها المستهدف.
«بريتش بتروليوم» في تقرير نشرته في شهر يوليو 2024 عن الحالة المتوقعة التي سيكون عليها قطاع العالمي في 2050، توقعت - بفرضيتين محتملتين قائمتين على السياسات المناخية العالمية المستقبلية - أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بحلول 2025، بمقدار 102 مليون برميل يومياً، قبل أن يبدأ في التراجع في ضوء وتيرة تراجع استهلاك النفط في وسائط النقل البري، ليصل استهلاك النفط في عام 2050، إلى 75 مليون برميل يومياً، بتأثير من السياسات المناخية، لاسيما سياسة صافي صفر انبعاثات التي ستؤدي لتراجع الطلب على النفط بمقدار 25-30 مليون برميل يومياً بحلول 2050. ويفترض تقرير «BP» أن يعوض النفط خسارته نسبة 35% من قطاع النقل، بتوسع استخداماته، لاسيما في صناعات البتروكيماويات مثل البلاستيك والمنسوجات والمنتجات الأخرى القائمة على استخدام النفط.
وكالة الطاقة الدولية (منظمة الدول الغربية المستهلكة للنفط)، تتوقع، بالنسبة لعام 2025، أن يزداد إنتاج «الرباعي» (أمريكا، كندا، البرازيل، وغويانا)، بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً مقابل تراجع إنتاج ائتلاف«أوبك بلس» بمقدار 740 ألف برميل يومياً في حال استمر الائتلاف في تخفيضاته التطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً بعد انتهاء أجلها نهاية 2024.
كما تتوقع الوكالة أن يرتفع إنتاج النفط على المستوى العالمي بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً، سيكون نصيب أعضاء أوبك بلس منها 700 ألف برميل يومياً فقط، رغم تخليها التدريجي على مدار العام (2025) عن تخفيضاتها الطوعية واستعادة جزء من طاقاتها الإنتاجية، فيما ستكون حصة الدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في الائتلاف، لاسيما الرباعي، 1.4 مليون برميل يوميا.
*خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا