اقتصاد / صحيفة الخليج

خام الحديد والتحفيز الصيني

كلايد راسل*
دفعت تدابير التحفيز الصينية الضخمة أسعار المعادن الرئيسية إلى الارتفاع ومواصلة النمو، حتى في خضم المناقشة حول جدوى وحجم تحفيزات بكين لتعزيز اقتصادها. وشهدت مجموعة الإعلانات الأسبوع الماضي، والتي تضمنت أسعار فائدة أقل وشروط شراء أسهل للمساكن، استجابة أسعار المعادن، وخاصة تلك التي تتمتع بدرجة عالية من التعرض للصين، مثل خام الحديد.
وبالفعل، قفز سعر مادة الصلب الخام الرئيسية في كل من بورصة المحلية وفي سنغافورة، المعقل الرئيسي للمستثمرين العالميين. وتشتري الصين نحو 70% من أحجام الشحن البحري العالمية، حيث تعد أستراليا والبرازيل من أبرز المصدرين الرئيسيين.
وارتفعت عقود خام الحديد في بورصة داليان للسلع الأساسية الأسبوع الماضي بنسبة 10.7% لنحو 821.5 يوان (117.14 دولار) للطن المتري، بعد أن سجلت في وقت سابق 835 يوان، وهو أعلى مستوى لها منذ 16 يوليو/ تموز. ولم يتم تداول العقود منذ ذلك الحين نظراً لعطلات الأسبوع الذهبي الممتدة في الصين، لكن العقود الآجلة في بورصة سنغافورة أنهت تعاملاتها عند 108.24 دولار للطن، بصعود 15.4% عن الإغلاق السابق، لترتفع المكاسب من أدنى مستوى لها مؤخراً عند 91.38 دولار في 23 سبتمبر/ أيلول إلى 18.4%.
ومن الواضح أن الارتفاع الحاد في أسعار خام الحديد مدفوع بالمشاعر جزئياً، وإلى حد كبير أيضاً بالمستثمرين الصينيين من تجار التجزئة. وكانت أسعار خام الحديد تتجه نحو الانخفاض منذ أن بلغت 143.60 دولار للطن في 3 يناير/ كانون الثاني، وهو اليوم الثاني للتداول في العام، ويرجع ذلك إلى تباطؤ إنتاج الصلب في ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وسط الطلب الفاتر من قطاع العقارات الرئيسي.
حيث انخفضت أسعار المساكن الجديدة بأسرع وتيرة في أكثر من تسع سنوات في أغسطس، وبنسبة 5.3% عن العام السابق، وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة في 14 سبتمبر. وهناك أيضاً فائض هائل من العقارات غير المبيعة، ما وضع المطورين تحت ضغط مالي وقوّض الثقة بين المشترين.
والسؤال المطروح للسوق هو ما إذا كانت الجولة الأخيرة من تدابير التحفيز كافية لحرف الاتجاه بشكل كبير في الطلب على الصلب، أو ما إذا كانت في أفضل الأحوال ستوقف الانخفاض الحالي دون إشعال شرارة التعافي.
فهل ستؤدي التدابير بالفعل إلى ارتفاع الطلب على الصلب، أم أن المسار الحالي لإنتاج عام 2024 من المرجح أن يكون أقل من إنتاج العام الماضي؟ وهي النتيجة الأكثر ترجيحاً. وعليه، من الصعب بناء تصورات من شأنها أن تشهد ارتفاعاً قوياً في الطلب على الصلب من العقارات بحلول نهاية العام. وقد يكون التعافي ممكناً في عام 2025، خاصة إذا استمرت بكين في تنفيذ تدابير لتعزيز القطاع.
قد يرتفع الطلب على الصلب خارج قطاع العقارات، حيث تؤدي السياسات الرامية إلى تعزيز مبيعات المركبات التي تعمل بالطاقة الجديدة والأجهزة الأكثر كفاءة في استخدام إلى ارتفاع الطلب على التصنيع. وقد يرتفع الطلب على الصلب في قطاع البنية التحتية الأساسية أيضاً، مع تشجيع بكين للحكومات المحلية على تسريع المشاريع.
بشكل عام، رغم أن التحفيز الأخير كان الأكثر أهمية هذا العام، إلا أن هناك شكوكاً حقيقية حول ما إذا كان سيؤدي إلى تحسن كبير في الطلب المادي على السلع الأساسية. وحتى لو تحسن الطلب المحلي على الصلب في الصين من عام 2025 فصاعداً، فلن يؤدي ذلك إلا إلى التحول إلى الاستهلاك المحلي وانخفاض الصادرات.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع الأسعار الناجم عن درجة تفاؤل وثقة المستهلكين، مثل الارتفاع الحالي في خام الحديد، يمكن أن يستمر لفترة طويلة إذا ظل المستثمرون واثقين بالتوقعات الأطول أمداً. وبينما كان رد فعل خام الحديد على التحفيز مفرطاً، فإن الاستجابة الأكثر هدوءاً من النحاس تُظهر أن بعض المستثمرين ما زالوا حذرين بشأن آفاق الصين.
في غضون ذلك، تمثل الصين ما يزيد قليلاً على نصف الطلب العالمي على النحاس، ما يمنحها وضعاً مهيمناً، ولكن ليس محصناً تماماً ضد التطورات في بقية العالم. وقد أغلقت عقود النحاس في شنغهاي عند 78810 يوان (11227 دولاراً) للطن الأسبوع الماضي، بارتفاع 1.8% عن إغلاق 77400 يوان في 26 سبتمبر/ أيلول. وأغلق النحاس في لندن عند 9979 دولاراً للطن الثلاثاء، وهو نفس المستوى تقريباً الذي كان عليه قبل الإعلانات الأولى عن التحفيز الأسبوع الماضي، وبانخفاض عن أعلى مستوى له في أربعة أشهر عند 10080.50 دولار، والذي بلغه في 26 سبتمبر/ أيلول وسط موجة التفاؤل الأولية بشأن الصين.
*كاتب متخصص في أسواق السلع والطاقة الآسيوية «رويترز»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا