تقاسمت إسبانيا وألمانيا وإيران جوائز أفضل عرض متكامل في مسابقة مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، التي رأس لجنة تحكيمها الفنان فايز قزق، إذ خطف العرض الإسباني «قطار ميديا» المركز الأول كأفضل عرض متكامل، ولفت هذا العرض المتقن للفنان رافائيل بينتو، جمهور المهرجان بمعالجته الابداعية المتقنة للأسطورة اليونانية الشهيرة «ميديا». استعادة الأسطورة هنا لم تكن لتسليط الضوء على الأسطورة نفسها، بل كانت بمثابة اختبار شخصي في أن تنطق «ميديا» بصوت الرجل من خلال سؤال محوري: ماذا يمكن أن تفعل أو تقول «ميديا» أمام كل ذنوبها لو صارت إنسانة من لحم ودم؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتعايش مع أثقال الفقد، والذنوب العميقة التي لا تسقط بالتقادم ولا يمحوها الزمن؟
قدم العرض بناء مسرحياً متقناً، وكنا أمام أداء منضبط بشكل مدهش، على صعيد تقنيات وأدوات الممثل، وعلى صعيد الشكل، وتفاصيل الديكور التي تحولت بين يدي الممثل إلى أدوات لبناء شكل العمل الخارجي بهشاشة قابلة للانهيار في أي لحظة بينما كان يروي الحكاية، كنا في هذا العرض أمام الحد الأدنى من العناصر البصرية التي صنع منها الممثل البارع عالماً متكاملاً من الضوء والموسيقى والحركة الرمزية، وأصبح الجسد المتجسد للأسطورة بانضباطه الشديد هو محور الفراغ والصمت والمنطلق الأساسي لأدوات السرد.
المركز الثاني كأفضل عرض متكامل جاء من نصيب تجربة بصرية ألمانية استثنائية حملت عنوان «عمق ضحل» من إخراج جوناس كلينينبرغ، وتمثيل جان جيديناك، في هذا العرض كنا أمام فرجة بصرية مدهشة أشبه بالحفر البصري القائم على أداء جسدي شديد الدقة والانضباط وبلا إمكانية واحدة للخطأ. ينتمي العرض إلى ما يمكن اعتباره «التكنو-مسرح»، الذي يمزج بين تقنيات الإضاءة والفلسفة الذهنية، لتحليل الكثير من القضايا الإنسانية الوجودية المعاصرة، وبدا في لحظات كثيرة كأنه يعيد بناء إنسان جديد بعد تعريته من الداخل ووضعه في مواجهة كل مخاوفه ومآزقه.
أما العرض الإيراني «مستطيل» الذي خطف الجائزة الثالثة كأفضل عمل متكامل بأداء الفنان سيد إمام أصفهاني رشيدي، تأليف وإخراج سحرا رمزانيان، فقدم لعبة مغايرة كسرت قوالب الفرجة المعهودة، بنقل الجمهور إلى خشبة المسرح وإلغاء الصالة، ليخلق ذلك الصراع الإنساني الذي انتقل من الحقيقة إلى شبكات التواصل. استنهض العرض البطل الشعبي من رمزيته المتمثلة في «دون كيشوت»، باعتباره نموذجاً في الذاكرة الإنسانية للبطل الباحث عن نفسه والمعنى الإنساني في عالم صعب ومليء بالشر والخديعة، لكن هنا لن يكون «دون كيشوت» ذلك الفارس الذي يخوض حروبه مع طواحين الهواء، بل مع عالم موازٍ حافل بالخدائع، ومقومات العصر التي باتت تحكم حياة الفرد وتحدد مساره في حالة مريبة من الهيمنة المعقدة على أنماط التفكير والعيش وحتى الأحلام.
أما جائزة أفضل ممثل فذهبت للممثل أسامة كوشكار (تونس) الذي قدم عرضاً كبيراً في المسرحية التي حملت عنوان «وحدي» تأليف وإخراج وليد دغسني. عاش الجمهور مع هذا الممثل رحلة محزنة ومبهجة من خلال حكاية سائق شاحنة ثقيلة، قرر أن يروي لنا حكايته أو حكاياه التي لا تنتهي، وبين الضحكة والدمعة، القسوة المفرطة والشعرية الساحرة، الأنا والآخر، حفر هذا الممثل مسار حكاية صارمة من حيث الأداء، وسط انتقالات وتحولات في فضاء مسرحي متقشف. على الخشبة ليس هناك إلا فراغ واسع، وممثل متمكن قاد الحكاية بكل اقتدار.
أما في مسابقة النصوص المونودرامية، التي ترأسها الدكتور سامح مهران، فجاءت النتائج على الشكل التالي:
المركز الأول: «السماء ليست لك» – هوشنك وزيري (العراق)، المركز الثاني: «3.0» – مهند العرقوص (سورية)، المركز الثالث (مناصفة) بين «ميسي فوق الخشبة» محمد عبدول (الجزائر)، و«على شفاه الريح» – ميسون عبدالعزيز عمران (سورية).
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.