في زمنٍ باتت فيه ألعاب الـ RPG متشابهة في طابعها وعوالمها، تُبرز لعبة Clair Obscur: Expedition 33 كعمل فني فريد يَرفض الانصياع للمألوف. ورغم أنها صادرة عن أستوديو حديث النشأة، إلا وأن Sandfall Interactive استطاع تقديم تجربة لا تكتفي بطرح علامات التعجب! بل تغرسها بعمق في ذهن اللاعب منذ اللحظة الأولى، وتدعوه إلى الغوص في عالم سريالي غامض تحكمه "رسامة" تمتلك القدرة على إعادة تشكيل العالم عامًا تلو الأخر، فكل ما يتطلبه الأمر هو قطرة حبر، لتُمحى الأسماء من الوجود إلى الأبد.
لا تسعى لعبة Clair Obscur: Expedition 33 إلى تقديم مغامرة تقليدية، بل تَعِد بتجربة متكاملة تمزج بين أسلوب لعب ديناميكي نابض بالحيوية، وجمال بصري يَخطف العين، وسردٍ فريد يُبقي فضولك مشتعلاً من اللحظة الأولى وحتى النهاية. وفي هذه المراجعة سنأخذكم في رحلة داخل أعماق هذا العمل الفني، لنكتشف معًا ما تخبئه هذه التجربة، وما الذي قدمه لنا استوديو Sandfall Interactive من خلال عنوانه الأول، الذي أعتبره واحد من أكبر مفاجئات 2025، بل وربما الجيل الحالي وستتعرفون على سبب ذلك خلال مراجعاتنا هذه.
هل ستنجح البعثة 33 في كسر الدائرة؟ أم أن مصيرها سيكون مجرد اسم آخر يُمحى بحبر الرسامة؟
في عالم تغمره الفوضى ويتوشح بالجمال، حيث تختلط الألوان برائحة الموت، وتتعلق الحياة على خيطٍ هش من الحبر... بات على البشر أن يثوروا على هذه اللعنة، ويواجهوا الكيان الذي فرضها. فلم يعد هناك خيار سوى كسر الدائرة، والوصول إلى منبع الخطر، لتدمير من يكتب مصائرهم بلمسة واحدة.
تدور أحداث لعبة Clair Obscur: Expedition 33 في عالم خيالي مستوحى من أجواء حقبة Belle Époque، لكن في هذا العالم لا يعتمد مصير البشر على حظهم أو اختياراتهم، بل على كائن يُعرف بـ"الرسامة". هذه الشخصية تظهر كل عام لتكتب رقمًا جديدًا، وعندما يتجاوز أي شخص هذا العمر، يتحول فجأة إلى غبار، ولا تُوجد فرصة للهرب ولا مكان للنجاة، فالمصير المقرر هو المحو التام من الوجود.
الأسوأ من ذلك؟ هو أن العد التنازلي لا يتوقف، فعامًا بعد الأخر تصبح الأعمار المستهدفة أصغر فأصغر. ومع استمرار هذه اللعنة لم يعد هناك من هو في مأمن. لذا يُجبر سكان مدينة "لوميير" على إرسال بعثة تطوعية كل عام، تتألف من أشخاص لم يتبقى لهم سوى عام واحد فقط للعيش، وسيكون عليهم بتلك المهمة المستحيلة تتبع "الرسامة" وعبور البحر، والوصول إلى مقر إقامتها وقتلها، قبل أن تتمكن من رسم رقمًا آخر، تُزهق من خلاله المزيد من الأرواح.
تبدأ أحداث اللعبة الفعلية مع البعثة رقم (33) التي تنطلق في محاولة جديدة مثل سابقاتها، لقتل "الرسامة" قبل أن تتمكن هي من قتلهم بعد عام. ينضم إلى البعثة بطلنا "جوستاف" الذي يُجسده صوتيًا الممثل "تشارلي كوكس" إلى جانب "مايلي" (جينيفر إنجليش) و"لوني" (كيرستي رايدر) وأيضًا "سيل" (شالا نيكس)، في سعيهم لتحقيق النجاح. لكن كما هو الحال دائمًا بهذا العالم القاسي، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن! ويَحدث ما لم يكن في الحسبان في اللحظة الأولى التي تطأ فيها أقدامهم الشاطئ، لتبدأ المغامرة المليئة بالمفاجآت.
قد تظن من كل ما كُتب حتى الآن، أن لعبة Clair Obscur: Expedition 33 تروي قصة عادية، لكنها أكثر من ذلك بكثير. ودعني أكون واضحًا، فبعد تجربة أستمرت لأكثر من 27 ساعة لعب، استمعت خلالها لكل محادثة تخص البعثات السابقة وأنهيت القصة بالكامل، أستطيع أن أقول بثقة إن هذه اللعبة تقدم واحدة من أفضل 10 قصص في تاريخ ألعاب الفيديو. لا أتحدث عن هذا العام، ولا حتى عن هذا الجيل، بل في تاريخ ألعاب الفيديو (على الأقل بالنسبة لي، كلاعب قضيت أكثر من 25 عامًا في عالم الألعاب).
لعبة Expedition 33 لم تتفوق فقط على توقعاتي بل تجاوزتها، فمهما حاولت أن تتوقع ما سيحدث، ستفاجئك اللعبة باتجاه مختلف تمامًا في كل مرة. أما النهاية؟ فهي فصلٌ آخر من الإعجاب، فهي تُقدم نهاية غير متوقعة على الإطلاق، تُشعرك وكأنك كنت تسير في خط مستقيم وواضح للعين، ولكن فجأة يختفي هذا الخط من تحت قدميك! النهاية وحدها كانت كافية لترفع من قيمة التجربة بالكامل، بل وتضعها في مصاف القصص التي لا تُنسى، وكأنها خرجت مباشرة من قلب أنمي ساحر يُتقن قلب الأحداث رأسًا على عقب (ربما أقصد Attack on Titan؟ لا أعلم).
القصة تُقدّم بشكل سلس للغاية بعيدًا عن التعقيدات المرهقة التي قد تواجهها في بعض ألعاب RPG، مما يجعلها جذابة لأولئك الذين لا يفضلون التعقيد. بالإضافة إلى ذلك يتم تقديم وصف دقيق لعالم اللعبة من خلال رسائل صوتية تركت في أرجاء العالم، تكشف لك عن التحديات التي واجهتها البعثات السابقة ومدى التقدم الذي أحرزوه في محاولة مواجهة "الرسامة" بهذا العالم القاسي.
من أبرز نقاط قوة Clair Obscur: Expedition 33 هو المستوى الإخراجي المبهر الذي ظهرت به القصة. فالمشاهد السينمائية لم تُقدم فقط بجودة بصرية عالية، بل جاءت مدعومة بأداء صوتي مُتقن وموسيقى مؤثرة، تُشعرك بأن كل مشهد يحمل وزنًا عاطفيًا خاصًا. طريقة دمج المشاهد السينمائية مع أسلوب اللعب كانت سلسة ومدروسة بعناية، ستجعلك دومًا مشدودًا للأحداث دون أن تشعر بأي انفصال عن العالم أو الشخصيات.
جميع تلك المشاهد تم تنفيذها بمستوى بصري فائق، ويعود الفضل في ذلك إلى محرك Unreal Engine 5 الذي اعتمد عليه أستوديو Sandfall Interactive لتطوير اللعبة. وستلاحظ بوضوح تفاصيل تعبيرات الوجوه، وواقعية مشاعر الشخصيات، بالإضافة إلى التأثيرات البصرية القوية للضربات والانفجارات، التي تُضفي على المشاهد طابعًا دراميًا نابضًا بالحياة.
الأمر نفسه ينطبق على الموسيقى، والتي سنتناولها لاحقًا بتفاصيل أكثر، لكنها تستحق الإشادة من الآن لدورها البارز في إبراز جمال القصة ومشاهدها السينمائية. فكل لحظة في اللعبة تُرافقها موسيقى مصممة بعناية، تجعلك تعيش كل مشهد بكل حواسك ليس بالمشاهدة فقط.
أسلوب لعب ممتع ينَقل تجربة الـ Turn-based لمستوى آخر
رغم أنني خضت تجارب عديدة مع ألعاب بنظام Turn-based، إلا أن هذا النوع من الألعاب لم يكن يومًا الأقرب إلى قلبي على الرغم من إدراكي لقاعدته الجماهيرية الكبيرة. لذا عندما علمت أن Clair Obscur: Expedition 33 تعتمد هذا الأسلوب في أسلوب لعبها، لم أكن متحمسًا تمامًا. لكن المفاجأة؟ أن اللعبة قلبت توقعاتي رأسًا على عقب، وقدمت تجربة تُعيد تعريف هذا النظام بشكل لم أتوقعه على الإطلاق.
فبدلًا من انتظار دورك في صمت، تمنحك اللعبة حرية التفاعل حتى خلال دور العدو، حيث يمكنك الصد وتفادي الهجمات، بل وشن هجمات مضادة في توقيت دقيق. تلك الإضافات البسيطة أعطت طابعًا مليئًا بالتوتر والإثارة يندر أن تجده في هذا النوع من الألعاب.
ولأنها أيضًا تحمل روح ألعاب الـ RPG، فإن التخصيص يلعب دورًا محوريًا، فكل شخصية تمتلك شجرة مهارات خاصة بها، وخصائص يمكن تطويرها تُساعد في زيادة السرعة والضرر وأيضًا الصحة، وكل ذلك يؤثر مباشرة على أسلوب القتال، وهو الأمر الذي يُغير تمامًا من تجربة اللعبة (على الأقل بالنسبة لي).
على الرغم من أن فريقك يتكون من 5 شخصيات، إلا أن اللعبة تمنحك التحكم بثلاث شخصيات فقط بساحة القتال، ويمكنك اختيار أي من الشخصيات الخمس وتخصيصهم حسب رغبتك. لكن ما يميز Clair Obscur: Expedition 33 عن ألعاب الـ Turn-based الأخرى هو أن اللعبة توفر لك فرصة استدعاء الشخصيات المتبقية (أي الشخصين المتبقين) إلى ساحة القتال في حال موت أعضاء الفريق الأساسيين (الثلاثة).
هذه الميزة أنقذتني في العديد من القتالات الصعبة، خاصةً عندما يكون الزعيم أو العدو في آخر مراحل حياته. لذلك يتطلب منك دائمًا أن تُجهز فريقك بالكامل من حيث تحسين المهارات وتطوير القدرات وزيادة الخصائص التي تعزز قوتهم أثناء القتال، لتجعلهم دومًا مستعدين بشكل مستمر لأي قتال قد تحتاجهم به.
لعبة Clair Obscur: Expedition 33 تقدم تجربة لعب مليئة بالقتالات الصعبة، وهذا ستراه بوضوح في القتالات خاصة ضد الزعماء. وفي بداية تجربتي قررت اللعب على أعلى مستوى صعوبة، لكنني لم أتمكن من الاستمرار لفترة طويلة، خصوصًا أثناء مواجهتي للزعماء الذين كانوا يُلحقون ضررًا هائلًا يفوق مستواى الحالي. ومع ذلك فإن ما يميز اللعبة هو إمكانية تغيير مستوى الصعوبة في أي وقت (حرفيًا بأي وقت) وهو خيار يتيح لك تعديل الصعوبة حسب راحتك واحتياجاتك.
فإذا علقت في قتال مع زعيم قوي وأردت تخطيه، يمكنك ببساطة تقليل مستوى الصعوبة، وستلاحظ انخفاضًا كبيرًا في الضرر الذي يُلحقه بك، مما يجعل القتال أكثر قابلية للتحكم. هذه الميزة تساعد اللاعبين على التقدم دون أن يشعروا بالإحباط من صعوبة اللعبة.
وإذا كنت جديدًا على هذا النوع من الألعاب أو لم تتقن بعد آلية الصد وتفادي الهجمات، أنصحك بشدة تجربة مستوى صعوبة (القصة) في البداية، فهذا سيسمح لك بالتركيز على تعلم آليات اللعبة بشكل تدريجي، وضبط توقيت ردود الفعل بشكل صحيح، وبإمكانك لاحقًا زيادة مستوى الصعوبة وتحدي اللعبة كما تَريد.
التخصيص أولاً وأخيراً
نظام التخصيص بلعبة Clair Obscur: Expedition 33 يُقدم بجودة تليق بأي لعبة RPG متكاملة، حيث يمنحك حرية تشكيل الشخصيات بما يتناسب مع أسلوب لعبك الخاص واحتياجاتك داخل المعارك، فكل شخصية تمتلك شجرة مهارات فريدة، تتيح لك التخصص بأدوار مختلفة ضمن الفريق.
بعض الشخصيات يمكن تطويرها لتكون بمثابة الدعم لك أثناء القتال، فهي قادرة على استعادة الصحة وإحياء الحلفاء، أو حتى منح تعاويذ دفاعية تعزز بقاء الفريق لفترة أطول في أرض المعركة. بينما هناك شخصيات أخرى يمكن تخصيصها لتصبح آلات هجومية وتُحدث ضررًا هائلًا للأعداء.
إلى جانب شجرة المهارات التي تملكها كل شخصية، فإن لعبة Clair Obscur: Expedition 33 تُقدم نظام تخصيص إضافي ومبتكر يُعرف باسم Pictos، والذي يفتح آفاقًا أوسع لتخصيص قدرات شخصياتك وتكييفها مع أسلوب لعبك ومن تُواجه. ويمكنك الحصول على الـ Pictos من خلال استكشاف عالم اللعبة أو عبر هزيمة أعداء وزعماء محددين، وتتوفر هذه العناصر بقائمة كبيرة ذات مستويات متعددة من القوة والتأثير.
تتنوع Pictos بين تعزيزات هجومية هائلة مثل تلك التي ترفع قوة ضرباتك حتى 50% وربما أكثر، وأخرى تُركز على الجانب الدفاعي والداعم، فتُمكنك من استعادة الصحة أو تجديد نقاط AP اللازمة لاستخدام المهارات القتالية أثناء المعارك.
كل شخصية يمكنها تجهيز ثلاثة عناصر فقط من الـ Pictos في نفس الوقت، ما يجبرك على التفكير الاستراتيجي في اختيار ما يتماشى مع أسلوبك في القتال أو مع متطلبات القتال التي أنت بصدده.
لكن المميز فعلاً هو النظام المرافق المسمى Luminas، وهي نقاط قابلة للجمع داخل اللعبة من خلال الاستكشاف أو شراؤها من بعض التجار المتوزعين في عالم اللعبة. وتلعب Luminas دورًا محوريًا في فتح الإمكانيات الكاملة لنظام الـ Pictos، إذ إنها تزيد من الحد المسموح به لاستخدام عناصر Pictos من مستويات أعلى ومتطلبات أكبر.
وكلما زادت نقاط Luminas لديك، زادت قدرتك على استخدام أكثر عناصر الـ Pictos قوة ضمن تشكيلتك، مما تُساهم في تخصيص شخصيتك بأفضل طريقة ممكنة، وتجعلها جاهزة لأي قتال مهما كان درجة صعوبته.
كل شخصية من الشخصيات الخمس بلعبة Clair Obscur: Expedition 33 تمتلك نظام تقدم خاص بها، يتيح لها اكتساب نقاط الخبرة ورفع مستواها مع كل معركة تخوضها أو مهمة تُنجزها. وكأي لعبة RPG متقنة يضع هذا النظام التحكم الكامل في يد اللاعب لتخصيص طريقة زيادة مستوى كل شخصية بما يتناسب مع أسلوب اللعب المفضل لديه، وذلك عبر توزيع النقاط المُكتسبة. فيمكنك زيادة نقاط Vitality لتعزيز قوتك الهجومية، أو التركيز على Defense لرفع مقدار الصحة والتحمل في المعارك. أما إذا كنت تميل للعب سريع الإيقاع وتعتمد على الضربات الحاسمة، فإن زيادة Luck سيمنحك فرصة أعلى للضربات الحرجة التي تُحدث ضررًا كبيرًا.
ما يُميز هذا النظام هو الارتباط العميق بينه وبين الأسلحة التي تستخدمها، فبعض الأسلحة تتطلب مستويات معينة حتى تتمكن من الاستفادة الكاملة من قدراتها القتالية.
وبم أننا نتحدث عن الأسلحة فإن لعبة Clair Obscur: Expedition 33 تمنح كل شخصية ترسانة من الأسلحة المتنوعة ليس فقط من حيث الشكل أو أسلوب الاستخدام، بل من حيث الخصائص والعناصر التي تؤثر بها مثل النار والجليد والضوء والظلام وغيرها من القوى. كل سلاح لا يُعد مجرد أداة للقتال بل يحمل في طياته تأثيرات فريدة تُغير من أسلوب اللعب بشكل فعال. والمميز بهذه الأسلحة أن بعضها يحتوي على مهارات خاصة يمكن تفعيلها بمجرد أن يتم ترقية السلاح نفسه لمستوى معين ( تحديدًا 4 ثم 10 ثم 20)، مما تُسبب ضرر وتأثيرات أكبر على الأعداء مع زيادة مستواها.
لا تَعمل الأسلحة بمعزل عن باقي عناصر التخصيص بل تندمج معها بسلاسة ليُعطيك القدرة على تشكيل البطل الذي يناسب أسلوبك الخاص.
من الإضافات البارزة بلعبة Clair Obscur: Expedition 33 هي نظام التأثيرات القتالية، فاللعبة لا تكتفي فقط بالضربات العادية أو المهارات القتالية، بل تُدخل مجموعة واسعة من التأثيرات الحركية والعنصرية التي يمكن أن تؤثر على سير المعركة بشكل جذري سواء من طرف اللاعب أو الأعداء.
من هذه التأثيرات مثلاً تأثير Stun الذي يُعطل حركة الشخصية المتأثرة لدور كامل، ما يعني فقدان فرصة الهجوم أو حتى الدفاع بلحظة حرجة. وهناك تأثيرات عنصرية مثل الثلج أو الأرض التي لا تُسبب ضررًا فقط، بل قد تُبطئ الخصم أو تُقيده بطريقة معينة.
اللعبة تتعمق أكثر بتقديم تأثيرات تعزز من أداء صاحبها مثل تأثير Berserker، الذي يُدخل المُلقن في حالة من الهيجان، ليُصبح ضرره أعلى بكثير، وهناك أيضًا تأثيرات أخرى مثل السم أو الظلام التي تُنهك الخصم مع مرور الأدوار وتُقلل من فعاليته تدريجيًا.
عالم ساحر متنوع مُبهر بصريًا
حتى وإن لم تكن Expedition 33 لعبة عالم مفتوح بالمعنى التقليدي، إلا أنها تبرع في تقديم تجربة متماسكة ومذهلة بصريًا تجعلك تنسى ذلك تمامًا. فاللعبة تُقدم تجربة لعب خطية في هيكلها الأساسي، مع وجود بعض التفرعات التي تتضمن أماكن مخفية ومكافآت وأسرار تنتظرك ببعض الخبايا، بالإضافة إلى أعداء اختياريين يشكلون تحديًا حقيقيًا. ومع ذلك فإن اللعبة لا تحاول خداعك بتقديم عالم مفتوح وهمي، وهذا بالتأكيد يُحسب لها.
ما تُقدمه Expedition 33 بالفعل هو تركيز فني واضح على جودة البيئات، فهي تَذكرك بشكل أكبر بألعاب مثل Final Fantasy X وNier: Automat. وعلى الرغم أن بيئة اللعبة خطية، لكنك تجد نفسك مأخوذًا بتفاصيلها الخلابة سواء كنت تقف على تلٍ تُطل منه على شجرة عملاقة تنبض باللون النيلي، أو تغوص تحت الماء حيث ينساب الضوء بين الكائنات البحرية بطريقة ساحرة، أو تنتقل إلى بيئة لعب مُدمرة بالكامل، ولكن تَجد الضوء اللامع يجوب المكان بأكمله.
هذه الرحلة البصرية مدعومة كذلك بخريطة تُعيدك لروح ألعاب تقمص الأدوار الكلاسيكية، حيث يمكنك التنقل بين المواقع المختلفة عبر خريطة مُتقنة التصميم. وقد وجدت نفسي أتوقف مرارًا في كل بيئة فقط لأتأمل تصميمها الفني المُذهل، وهو أمر لا يُستهان به في لعبة تُركز بهذا القدر على عناصرها الجمالية والقصصية.
يُمكن القول بأن لعبة Clair Obscur: Expedition 33 لا تُقدم رسومات كما اعتدنا في كثير من ألعاب RPG الأخرى، بل تُقدم لوحة فنية متحركة تُجسد معنى الجمال والموت في آنٍ واحد. فكما ذكرت بالأعلى فإن تصميم العالم مستوحى من حقبة Belle Époque الفرنسية، وهي فترة عُرفت بالزخرفة البصرية والجمال والفن الراقي، وهذا ما تُبرع اللعبة في ترجمته على الشاشة. فمنذ لحظة دخولك إلى مدينة "لوميير" تشعر وكأنك دخلت إلى معرض فني مفتوح، حيث تتناغم التفاصيل الصغيرة مع الإضاءة الساحرة لتُشكل مشاهد مُبهرة تُخطف الأعين.
البيئات في اللعبة مصممة بعناية شديدة وكل منطقة تمتلك هويتها البصرية الفريدة التي تُشعرك بالدهشة في كل مرة تصل فيها إلى موقع جديد، وهو الأمر الذي نجح فيه تمامًا محرك Unreal Engine 5، واستطاع أن يبرز قوته التقنية الهائلة، والتي ساهمت في جعل كل شيء يبدو نابضًا بالحياة.
الاهتمام بالتفاصيل لا يقتصر على البيئات فحسب، بل يمتد أيضًا إلى تصميم الشخصيات وستجد هذا واضحًا على تعابير وجوههم وحركاتهم، بل وامتدت جودة الرسوم إلى المعارك ومشاهد الانفجارات ولا ننسى أيضًا المشاهد السينمائية المميزة، مما يجعلنا أمام لوحة بصرية لا تُنسى.
موسيقى هي الأفضل على الإطلاق وأداء صوتي سينمائي
لطالما اعتبرت أن The Witcher 3 تتربع على عرش الألعاب من حيث الموسيقى التصويرية، إذ أسرتني ألحانها لسنوات وجعلتني أضعها في مكانة خاصة يصعب الوصول إليها. لكن منذ اللحظات الأولى بلعبة Clair Obscur: Expedition 33، بدأ هذا العرش يتزعزع، وبدأ قلبي يميل شيئًا فشيئًا نحو عالم آخر، عالم ساحر صنعته أنامل موسيقية لا تقل عبقرية عن أي عمل فني عظيم.
المهمة الافتتاحية وحدها كانت كفيلة بأن تفتح بوابة المشاعر على مصراعيها، فالموسيقى لم تكن مجرد خلفية صوتية، بل كانت روحًا تنبض في كل مشهد، تعكس آلام الشخصيات وآمالهم، وتضرب على أوتار القلب. وبصدق وجدت نفسي متأثرًا بشدة لمرات عديدة، حتى أننى كدت أن أبكي ليس بسبب الأحداث وحدها، بل لأن الموسيقى كانت تحكي قصة أخرى في الخلفية، وهي قصة مؤثرة لمست القلب مباشرةً.
وهنا تبرز عبقرية أستوديو Sandfall Interactive، الذي لم يكتفي بإرفاق مقطوعات جميلة فحسب، بل نسج موسيقى تُكمل المشهد وتمنحه الحياة، تمامًا كما تفعل الموسيقى بأفضل الأعمال السينمائية.
أما على صعيد الأداء الصوتي فحدث ولا حرج، فإن لعبة Clair Obscur: Expedition 33 لا تكتفي فقط بتقديم مجرد تجربة صوتية بل تُقدم أداءً تمثيليًا من طراز رفيع، وذلك بفضل مشاركة نخبة من الممثلين الذين تركوا بصمتهم على الشاشة الكبيرة والصغيرة، وعلى رأسهم "تشارلي كوكس" نجم عالم Marvel الجديد بشخصية Daredevil، الذي يقف إلى جانب الأسطوري "أندي سركيس" صاحب الأدوار الخالدة بأفلام The Lord of the Rings وPlanet of the Apes.
هذا الثنائي وحده كفيل بأن يرفع من مستوى التوقعات لأي عمل وبالفعل ارتقت الحوارات إلى مستوى مختلف تمامًا، فكل جملة نُطقت كانت تحمل مشاعر حقيقية، وكل مشهد حواري كان له وزنه وثقله.
إلى جانب ذلك قُدمت المؤثرات الصوتية بشكل متقن للغاية، تُحاكي أدق التفاصيل من صدى الخطوات إلى دوي الانفجارات، وكلها صُممت لتكمل التجربة السمعية، وتُكمل اللوحة الفنية التي أبدع بها أستوديو Sandfall Interactive.
عندما أسدل الستار على رحلتي بعالم Clair Obscur: Expedition 33، لم أشعر أنني وصلت إلى النهاية، فلازالت متُعطشًا للمزيد من القتالات والمزيد من الأسرار والمزيد من الأوقات العاطفية مع تلك الشخصيات التي أصبحت قريبة إلى قلبي. بالطبع من الصعب أن تُصدق أن هذه التجربة المذهلة تأتي من استوديو Sandfall Interactive في أولى محاولاتهم بصناعة الألعاب ولكنها الحقيقة، وهذه ليست مجرد بداية، بل هي بمثابة إعلان صريح عن ولادة اسم جديد يستحق الاحترام.
لعبة Clair Obscur: Expedition 33 نجحت في إبهاري وإشباع فضولي لأقصى درجة، ولم تكتفي بجذب انتباهي فحسب، بل استحوذت على اهتمامي وكافة مشاعري بالكامل. وإن واصل هذا المطور تقديم مثل هذه التجارب الفريدة، فلا شك أنهم سيُشكلون مستقبلًا مشرقًا بالصناعة.
لعبة Clair Obscur: Expedition 33 تُقدم تجربة لعب فريدة بل ومتفردة في عالم ألعاب الـRPG، من خلال قصة سريالية مؤثرة تحكمها "رسامة" تمحو الناس من الوجود بقطرة حبر. كما تتمتع اللعبة بأسلوب لعب Turn-based يأخذ أسلوب اللعب الكلاسيكي إلى مستوى جديد كليًا، مدعومًا بنظام تخصيص عميق للشخصيات والمهارات يمنح حرية كبيرة في تشكيل أسلوب القتال المفضل. كما استطاعت اللعبة أن تأسرني تمامًا بعالمها البصري الساحر المستلهم من حقبة Belle Époque، لتتكامل اللوحة الفنية المذهلة مع أداء صوتي سينمائي وموسيقى قوية تلامس المشاعر وتضيف عمقًا عاطفيًا لتجربة اللعب. دون شك تُعد Clair Obscur: Expedition 33 واحدة من أكثر مفاجآت عام 2025 تميّزًا وإبداعًا، وتملك كل المقومات لتصبح من الألعاب الخالدة التي تُروى قصتها لسنوات قادمة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.