شهدت العاصمة البريطانية لندن حدثاً استثنائياً عندما تسلق شخص برج إليزابيث، المعروف بـ«بيغ بن»، حاملاً العلم الفلسطيني في احتجاج واضح دعماً للقضية الفلسطينية، وظهر الرجل الذي لم تُكشف هويته بعد، حافي القدمين مرتدياً ملابس سوداء، وتمسك بحافة البرج على ارتفاع عدة أمتار فوق ساحة البرلمان، ملوحاً بالعلم ومردداً هتافات منها «الحرية لفلسطين».

بدأت الحادثة في الساعة 07:24 بتوقيت غرينتش، إذ تلقت شرطة العاصمة بلاغاً عن شخص يتسلق البرج التاريخي الواقع في قصر وستمنستر، وعلى الفور هرعت قوات الشرطة ورجال الإطفاء وفرق الطوارئ إلى الموقع، وأغلقت المنطقة المحيطة بـ«بيغ بن»، بما في ذلك جسر وستمنستر، ما تسبب في ازدحام مروري كبير وسط المدينة، وتجمعت حشود من المارة والمتظاهرين أسفل البرج لمتابعة المشهد، بينما حاولت فرق الإنقاذ التفاوض مع الناشط عبر مكبرات الصوت.

وأصيب الرجل بجروح في قدميه أثناء التسلق، إذ شوهدت بقع دماء على جدران البرج، لكنه أصر على أنه «بخير» و«آمن»، رافضاً النزول إلا «بشروطه الخاصة»، مطالباً بالإفراج عن متظاهرين مؤيدين لفلسطين محتجزين في بريطانيا، ومعبراً عن احتجاجه على سياسات الحكومة البريطانية تجاه القضية الفلسطينية.

استمر الناشط في موقفه لأكثر من 16 ساعة، رافضاً النزول رغم جهود فرق الطوارئ التي حاولت إقناعه بالهبوط خوفاً على سلامته، خصوصاً مع برودة الطقس ووضعه غير المستقر، حتى تجمع حشد من المؤيدين أسفل البرج في ميدان البرلمان.

بعد منتصف ليلة السبت بقليل وبعد مفاوضات مكثفة، تمكنت السلطات من إقناع الناشط بالنزول بمساعدة فرق الإنقاذ التي رفعت سلة إلى البرج، وفور هبوطه، ألقت شرطة وستمنستر القبض عليه بتهمة «التعدي على ممتلكات الغير والإخلال بالنظام العام»، وفق ما أوردته وكالة الأنباء البريطانية «بي إيه ميديا»، وأُعيد فتح المنطقة المحيطة بالبرج بعد ساعات من الإغلاق.

وأصدرت شرطة لندن بياناً مقتضباً بعد الحادثة، جاء فيها: «تم التعامل مع الوضع بحرفية لضمان سلامة الجميع، وتم توقيف الرجل للتحقيق في دوافعه وملابسات الحادثة»، في حين لم تعلق الحكومة البريطانية بشكل مباشر على الحدث، لكن مصدراً في وزارة الداخلية قال لصحيفة «الإندبندنت»: «نحترم حرية التعبير، لكن مثل هذه الأفعال تشكل خطراً على الأمن العام ولا يمكن التغاضي عنها».

وأصدرت شرطة متروبوليتان بياناً رسمياً جاء فيه: «تم اعتقال الرجل بعد حادثة طويلة الأمد بسبب موقعه المحدد وضرورة ضمان سلامة ضباطنا والفرد والجمهور، عملنا مع هيئات أخرى، بما في ذلك إدارة إطفاء لندن، ونشرنا ضباطاً متخصصين لإنهاء الحادثة بأسرع ما يمكن مع تقليل المخاطر على الأرواح». وأضافت أن جميع الطرق المغلقة أعيد فتحها بعد انتهاء الحادثة.

وتزامنت الحادثة مع تصاعد التوترات في بريطانيا حول قضية فلسطين، إذ شهدت لندن مظاهرات متكررة في الأشهر الأخيرة. وأشار المتسلق في مقاطعه المصورة إلى أن احتجاجه يعكس استياءه من «قمع الشرطة للمتظاهرين» وسياسات الحكومة، فيما اعتبر بعض المراقبين أن الحادثة قد تعيد فتح النقاش حول تعزيز الأمن حول المعالم التاريخية في العاصمة.