عرب وعالم / السعودية / عكاظ

نباتاتنا البرية... ثروة لم تستثمر

النباتات البرية ثروة طبيعية ثمينة، وركيزة أساسية للتنوع الأحيائي، وهي تسهم بدرجة كبيرة في التصدي للتصحر، وتداعيات التغيّر المناخي، وتحسين خواص التربة وحفظها من الانجراف والتدهور، كما تساعد في حفظ المياه، وتقليل الآثار السلبية لاندفاع السيول، إلى غير ذلك من المزايا البيئية بالغة الأهمية.

إضافة إلى مزاياها البيئية المذكورة آنفاً، وأهميتها في تغذية الحيوانات البرية والمستأنسة، تشكّل النباتات البرية مصدراً حيوياً للأمن الغذائي والازدهار الاقتصادي على مستوى العالم. وتقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) أن مليارات من البشر يستفيدون من 50,000 نوع بري، حيث يعتمد 1 من كل 5 أشخاص من سكان الأرض (حوالي 1.6 مليار شخص) على النباتات البرية للغذاء والمعيشة، ويعتمد 2.4 مليار على حطب النباتات البرية للطبخ، كما أن 70% من الفقراء في العالم يعتمدون مباشرة على الأنواع البرية لسبل عيشهم المختلفة، ولا شك أن النباتات البرية مكون رئيسي في الطب الصيني التقليدي، والطب الهندي التقليدي (الأيورفيدا).

وعلى الرغم من عدم الاستفادة المثلى من النباتات البرية حتى الآن، إلا أن حجم سوق المركبات ذات الأصل النباتي (الطبية والعطرية فقط) على مستوى العالم يُقدر بحوالى 443.5 مليار دولار أمريكي في عام 2025، مع توقعات نمو تبلغ 966.5 مليار دولار بحلول 2035.

وفي المملكة، ومع أن أغلب المناطق يسيطر عليها المناخ الصحراوي الجاف، إلا أن هناك تنوعاً نباتياً ملفتاً، حيث سُجل حوالى 2285 نوعاً نباتياً، موزعة على 131 فصيلة نباتية، و855 جنساً، تتركز نسبة كبيرة منها في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية. وتضم فلورا المملكة نباتات ذات مزايا طبية وعطرية وصناعية عالية القيمة. هذه النباتات – رغم أن نسبة كبيرة منها مهددة بالانقراض عوامل عديدة - تمثل إمكانية غير مستغلة لتطوير أدوية جديدة، ومنتجات صناعية ذات قيمة اقتصادية تسهم في تحقيق المستهدفات الوطنية بتنويع مصادر الدخل، والاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية، والتنمية الريفية المستدامة، كما يمكن أن تحقق الريادة للمملكة في مجال الاستفادة من النباتات البرية. وبالرغم من أن النباتات البرية (محلية أو مستوردة) هي الركيزة الأساسية للطب الشعبي، ومحلات العطارة في المملكة، إلا أن الاستخدام الاقتصادي الرشيد للنباتات البرية يتطلب إجراء دراسات كيميائية، وصيدلانية، وتغذوية لاستكشاف مركباتها الفعّالة، وتحديد أفضل طرق استخلاصها ومعاملتها، وتجهيزها حسب الأغراض المناسبة لها، وتلافي الآثار السلبية لبعض المركبات التي تحتويها، وهذا يتطلب تضافر جهود الجهات البحثية في الجامعات مدعومة من هيئة تنمية البحث والابتكار، كما أن تشجيع الشركات الناشئة في هذا المجال بدعم من صندوق الاستثمارات العامة من شأنه أن يطوّر منظومة متكاملة من الخدمات والصناعات المرتبطة بهذا المورد الطبيعي المتجدد.

وللدلالة على الأهمية الاقتصادية للنباتات البرية ومنتجاتها المتنوعة سأكتفي بأمثلة محددة، ففي ، وبحسب تقارير رسمية وبيانات سوقية، قُدرت القيمة السوقية لزيت نبات الأرغان (وهو نبات بري واسع الانتشار هناك) بحوالى 1.5 مليار دولار في عام 2024، مع توقعات بزيادة حجم السوق ليصل إلى 2.6 مليار دولار في ظل الطلب المتزايد عليه. ومن المفارقات الغريبة أن نبات اليسر (المورينجا المحلي) وهو أحد نباتات المحلية في المملكة ينتج زيتاً ذا خصائص ومزايا لا تقل جودة عن زيت الأرغان، إلا أنه لم يجد العناية والاهتمام المطلوب لاستثماره اقتصادياً.

ويعد الصمغ العربي أحد المنتجات الطبيعية ذات القيمة الاقتصادية العالية، حيث يدخل في أكثر من 180 منتجاً صناعياً، وهو يستخرج من بعض أنواع السنط (الطلح) المنتشرة في أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، وقُدرت القيمة السوقية له عام 2024 بما يقارب 530 مليون دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى ما يزيد على 760 مليون دولار بحلول 2030.

ومما يؤكد أهمية البحث والتطوير لتعظيم الاستفادة من النباتات البرية، فقد رصدت إحدى الجامعات الأمريكية مبلغ 70 مليون دولار للاستفادة من نبات الجوايول في صناعة إطارات السيارات.

إن اتساع مساحة المناطق المحمية في المملكة بفضل إنشاء المحميات الملكية، وإطلاق مشروع الخضراء العملاق، بما يحتوي من متنزهات وطنية، يعزز فرص ازدهار النباتات البرية، مما يمكن الاستثمار الاقتصادي المأمول في النباتات البرية في المملكة.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا