في لحظة توصف بالتاريخية، تستعد اليابان هذا الأسبوع لكسر أحد أقدم الحواجز السياسية في البلاد، مع اقتراب تعيين سناء تاكايتشي (أول امرأة تتولى منصب رئيس الوزراء في تاريخ الدولة الحديثة). هذه الخطوة، التي تمثل إنجازاً رمزياً كبيراً، تثير في الوقت ذاته جدلاً واسعاً حول مستقبل قضايا المرأة والمساواة في بلد لطالما هيمن عليه الرجال سياسياً واجتماعياً.
صعود غير تقليدي للقمة
تُعرف سناء تاكايتشي (64 عاماً) بمواقفها المحافظة المتشددة وبإعجابها الشديد بالسياسية البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر. وجاء فوزها برئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم منذ عقود، ليضعها على أعتاب قيادة اليابان في لحظة سياسية حساسة بعد سلسلة من الانتكاسات الانتخابية التي واجهها الحزب.ورغم أن تعيينها المنتظر يفتح باباً جديداً للنساء في المشهد السياسي الياباني، فإن مواقفها المحافظة تجعل الكثيرين يتساءلون عما إذا كان هذا التغيير رمزياً أكثر منه فعلياً.
بالنسبة لكثير من اليابانيات، فإن مجرد رؤية امرأة في أعلى هرم السلطة السياسية يشكل رسالة قوية. تقول هيكاري ميناغاوا وهي طالبة في جامعة أوتسوما النسائية إن «هذه لحظة فارقة. آمل أن تجعل تاكايتشي الطريق أسهل للنساء اللواتي يرغبن في دخول السياسة».
لكن في المقابل، لا تخفي منظمات نسوية وناشطات مخاوفهن من أن تظل السياسات على حالها، خصوصاً مع رفض تاكايتشي تعديل بعض القوانين التي تقيد حقوق المرأة في اليابان.
وتحتل اليابان المرتبة 141 من بين 183 دولة من حيث تمثيل المرأة في البرلمان. فعلى الرغم من أن الانتخابات الأخيرة شهدت فوز 73 امرأة بمقاعد نيابية (وهو رقم قياسي) إلا أن النساء لا يشكلن سوى 16% من أعضاء مجلس النواب، ولا توجد سوى امرأتين في التشكيلة الحكومية الحالية.
وفي عالم الأعمال لا تزال الصورة مشابهة، إذ لا تضم أكثر من نصف الشركات الكبرى أي امرأة في مجالسها التنفيذية.
أحد التصريحات التي أثارت الجدل، كان عندما أعلنت تاكايتشي أنها ستتخلى عن أي توازن بين الحياة الشخصية والعمل لتكرّس نفسها كلياً للوظيفة. ويرى كثير من المنتقدين أن هذه الرسالة قد تزيد من الضغوط على النساء العاملات في مجتمع يعاني أصلاً من ثقافة إرهاق العمل، إذ تتحمل النساء القسط الأكبر من مسؤوليات المنزل ورعاية الأطفال.
وعود محدودة
رغم مواقفها المحافظة، تعهدت تاكايتشي بزيادة عدد النساء في الحكومة إلى مستويات تقترب من الدول الاسكندنافية. لكنها في الوقت ذاته ترفض تطبيق نظام الحصص النسائية، مؤكدة أنها لا تريد «تعيين نساء فقط لأنهن نساء».من ناحية أخرى، أعلنت دعمها لتوسيع خدمات الرعاية الصحية للنساء بما في ذلك تحسين الرعاية الصحية المتعلقة بسن اليأس، وهو ملف لطالما هُمّش في السياسة اليابانية.
ويرى مراقبون أن صعود تاكايتشي قد يكون فرصة (وليس ضماناً) لدفع قضايا المرأة إلى الأمام. وتقول النائبة المعارضة كيومي تسوجيموتو: «لا يمكن أن نطلب من امرأة واحدة تغيير كل شيء. تمكين المرأة مسؤولية الرجال أيضاً، وليست مسؤولية النساء وحدهن».
من جانبها، أعربت رائدة الأعمال كاوري ساساكي عن أملها في أن تعيد تاكايتشي النظر في بعض مواقفها السابقة وتتبنى سياسات تفتح المجال أمام مشاركة أوسع للنساء في السياسة والاقتصاد.
ويمكن الخلوص إلى أن تعيين سناء تاكايتشي إذا تم كما هو متوقع، سيشكل لحظة مفصلية في التاريخ السياسي الياباني. لكن ما إذا كانت هذه اللحظة ستتحول إلى تحول فعلي في مسار تعزيز تمكين المرأة في اليابان، فذلك رهن بالسياسات التي ستتخذها وبالمدى الذي سيقف فيه المجتمع (رجالاً ونساءً) إلى جانب التغيير.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.