هو وهى / انا اصدق العلم

هل يزيل النوم السموم من الدماغ؟

رغم أن جميع الثدييات تنام، فإن فوائد النوم ما زالت غير مؤكدة تمامًا، بيد أن العلماء طرحوا العديد من الفرضيات في هذا الصدد، مثل معالجة الذكريات التي تتكون في أثناء اليقظة، إلى جانب فرضية أخرى أكثر قبولًا في الوسط العلمي تقول إن الجسم يزيل السموم وبقايا الأيض من الدماغ في أثناء النوم، لكن أوضحت دراسة جديدة أجريت على الفئران أن إزالة السموم من الدماغ تحدث في الواقع في أثناء اليقظة أكثر من النوم أو التخدير.

استخدم باحثو الدراسة صبغة الفلورسنت لتمثل السموم وبقايا الأيض في أدمغة الفئران، ولاحظوا أن معدل إزالة الصبغة من أدمغتها في أثناء النوم انخفض بنسبة 30% مقارنةً بمعدل إزالتها في وقت اليقظة، في حين أنه انخفض بنسبة 50% عندما كانت الفئران تحت تأثير التخدير.

توصل الباحثون إلى هذه الملاحظة بمراقبة معدل انتقال الصبغة من بطينات الدماغ إلى مناطق الدماغ الأخرى، ما أتاح لهم حساب مقدار الصبغة الذي يخرج من الدماغ في نهاية المطاف.

من الجلي أن البشر يعانون غالبًا بعض المشكلات المرتبطة بالحرمان من النوم، بدءًا من تدهور المهارات الذهنية وفقدان القدرة على حركة اليدين مع العينين، إلى بعض الاضطرابات الصحية الخطيرة، بيد أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن هذه المشكلات ليست ناجمة تحديدًا عن انعدام إزالة السموم من الدماغ بسبب النوم غير الكافي.

هل يخلص الدماغ نفسه من السموم في أثناء النوم؟

يقول كبير باحثي الدراسة الأستاذ نيكولاس فرانك من كلية العلوم الطبيعية في جامعة لندن الإمبريالية: «تقوم فرضية عملنا على وجود سبب جوهري وراء حاجتنا والثدييات الأخرى إلى النوم؛ إذ قد تدل وضعيتنا المستضعفة في أثناء النوم مثلًا على أنه ضروري لنجاتنا حتمًا. في هذه الحالة، فإن أكثر الآليات المحتملة لكونه ضروريًا تكمن في تلك التي تقدم نفعًا أساسيًا، أو تتضمن شكلًا من العمليات الإصلاحية التي لا تحدث بكفاءة في أثناء اليقظة أو قد لا تحدث إلا في أثناء النوم؛ وتُعد هذه النقطة أحد المحاور التي دعمت فرضية إزالة السموم».

أشار فرانك أيضًا إلى فرضية أخرى تدّعي أن النوم يتيح ترسيخ الذاكرة بقوله: «تنطوي هذه الفرضية على عمليات إصلاحية تتم في أثناء النوم وتتضمن التشابكات العصبية التي تكونت في أثناء اليقظة؛ لعلها تحدث لإزالة التشابكات غير المرغوبة وتعزيز التشابكات التي يتعين إبقاؤها».

كيف تؤثر انقطاعات النوم في الدماغ؟

يقول باحث النوم والإيقاع اليومي المتخصص في الأيض جوناثان سيدرنايس من جامعة أوبسالا في السويد، الذي لم يشارك في هذه الدراسة: «تبدو نتائج الدراسة أن النوم والتخدير يحدثان تراجعًا في تصفية الدماغ موثوقة، إلا أن هناك بعض الأمور التي تحول دون اعتبار هذه النتائج أدلة حاسمة».

«أولًا، أجريت الدراسة على الفئران، من ثم فإننا لا نعرف بعد كيف ستكون نتائجها عند البشر، لذا أرى أنه يجدر بنا انتظار الدراسات والتأكيدات القادمة قبل استبعاد فرضية تصفية الدماغ في أثناء النوم».

«ثانيًا، استخدم باحثو الدراسة صبغة ذات جزيئات صغيرة الحجم، لكن قد تحدث الصبغات ذات الجزيئات الكبيرة نتائج مختلفة في تصفية الدماغ».

«أخيرًا، حرم باحثو الدراسة الفئران من النوم حتى يتاح لهم دراسة اليقظة قبل إخلادها إلى النوم، ولكن من المهم دراسة ما يحدث في أثناء النوم الطبيعي دون حرمان وعلى مدى دورة طبيعية كاملة من النوم واليقظة طوال 24 ساعة، فقد يؤدي الإيقاع اليومي دورًا في تصفية الدماغ، إذ تشير البحوث السابقة إلى احتمالية وجود تنوع في تصفية الدماغ مع التواتر اليومي؛ يتضمن الإيقاع اليومي العمليات البيولوجية الناتجة عن ساعة الجسم الداخلية».

«علاوةً على ذلك، فإننا لا نعلم ما يحدث لدى الفئران عند حرمانها من النوم فترةً طويلة من الزمن وتعرضها إلى ضغط تراكم النوم المفقود والإجهاد الناجم عن قلة النوم».

«تستخدم المقارنة بين الحرمان من النوم والنوم الطبيعي في البحوث عادةً من أجل معرفة تأثيرات النوم الطبيعي في الجسم وأيضًا لاستبعاد تأثيرات التواتر اليومي».

ما الغرض من النوم؟

يقول سيدرنايس إن الدراسة الجديدة لا تدحض حقيقة أن إنتاج البروتينات المرتبطة بالتنكس العصبي مثل البروتين تاو يزداد في أثناء اليقظة مع زيادة نشاط الخلايا العصبية، ويشير أيضًا إلى أن مستويات هذه البروتينات ارتفعت في بعض الدراسات الحيوانية عند حرمان الحيوانات من النوم.

أما في الدراسات البشرية، فقد وجد الباحثون أن انقطاع النوم يؤدي إلى اختلال الآلية الطبيعية لضبط بروتينات الدماغ، تحديدًا أميلويد بيتا وبروتينات تاو المرتبطين بنشأة مرض ألزهايمر.

أشار سيدرنايس إلى وجود مجموعة من البحوث التي أظهرت أن النوم السيئ والنوم غير الكافي مرتبطان بزيادة خطر الإصابة بالتنكس العصبي ولا سيما مرض ألزهايمر، تشمل هذه البحوث ًا شارك فيه سيدرنايس تضمن بيانات متابعة على مدى 40 عامًا.

يقول سيدرنايس: «حتى لو افترضنا أن النوم لا يساعد على إزالة بقايا الأيض من الدماغ بالفعل، فما تزال هناك آليات أخرى يساهم عن طريقها النوم بخصائص إصلاحية تدعم الشيخوخة الصحية للدماغ».

يقول فرانك: «تستبعد دراستنا ببساطة أحد التفسيرات للارتباط المحتمل بين النوم السيئ وغير الكافي مع الاضطرابات العصبية».

هل توجد طريقة لتصفية الدماغ؟

يقول فرانك: «الأمر الوحيد الذي تظهره بياناتنا هو أن تصفية الدماغ تحدث بكفاءة أكبر في أثناء اليقظة مقارنةً بحالة النوم والتخدير، ولكننا لا نعرف أي جانب من حالة اليقظة مسؤول عن ذلك، قد يكون نشاط الخلايا العصبية ببساطة وراء هذا التأثير. يمكننا أيضًا الافتراض أن التمارين الرياضية تحسن تصفية الدماغ، ولكن لا توجد أدلة على ذلك بعد».

أظهرت البحوث المبدئية بالفعل أن النشاط البدني قد يساعد على تصفية الدماغ من بقايا الأيض، لكننا في حاجة إلى المزيد من الدراسات.

أقر سيدرنايس في المقابل بأن هذا المجال ما يزال جديدًا في البحث العلمي، لكن مع ذلك يرتبط النوم عادةً مع نتائج صحية أفضل.

اقرأ أيضًا:

لماذا أشعر بالتعب بعد ليلة جيدة من النوم؟

وجد العلماء صلة بين النوم ومخاطر الإصابة بالسكري من النمط الثاني

كيف تساهم قلة النوم في ارتفاع ضغط الدم؟

كيف يؤثر العمل بدوام ليلي في عادات النوم؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: جعفر الجزيري

مراجعة: هادية أحمد

المصدر

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا