شجاعة عبدالناصر ..
والمطلوب من حماس ..!
———————————
السيد هانى ..
———————————
مساء يوم ٩ يونيو ١٩٦٧ .. بعد أيام قلية فقط من وقوع نكسة ١٩٦٧ .. كان لدى الرئيس جمال عبدالناصر الشجاعة لكى يخرج إلى الشعب المصرى عبر شاشة التليفزيون .. ويعلن مسئوليته عن حدوث النكسة ، ويعلن تخليه عن جميع مناصبه وسلطاته ونقلها إلى زكريا محيى الدين ..!
كان عبدالناصر جادا وصادقا فيما يقول .. الدليل على ذلك أنه حدد بالإسم من الذى ستنتقل إليه مناصبه وسلطاته .. حتى لا تقع الدولة فى فراغ دستورى ..
* المطلوب الآن من منظمة حماس أن تتحلى بنفس الشجاعة التى تحلى بها من قبل الرئيس جمال عبدالناصر .. وتخرج إلى العلن تعلن مسئوليتها عما لحق بقطاع غزة من قتل وتدمير وتشريد لسكانه .. عدد الشهداء الذين سقطوا فى غزة .. أضعاف أضعاف عدد الجنود المصريين الذين استشهدوا نتيجة نكسة ٦٧ .. فضلا عن عشرات الآلاف من الجرحى الذين بترت أطرافهم .. أرقام الشهداء والجرحى والمدفونين تحت الركام الذين لم تستخرج جثثهم بعد .. تقترب من مائتى ألف بين شهيد وجريح .. صور جثث الأطفال الممزقة .. والأكفان .. والمقابر الجماعية .. لن تسقط أبدا من ذاكرتنا .. صور الأمهات اللاتى يحملن بقايا أطفالهن .. أشلاء لحم مقطع وأطراف مبتورة .. ستظل تؤلمنا .. حالات بتر الأطراف فى المستشفيات بدون تخدير .. تجعل أجسادنا تقشعر ..!!
* مآساة سكان غزة .. لم يشهد التاريخ مثيلا لها .. فضلا عن معاناة من لازالوا على قيد الحياة من سكان غزة .. من جوع وعطش ونزوح متكرر واستهداف مستمر بالصواريخ وقنابل الفوسفور الأبيض والزخائر المحرمة دوليا ..!
* لماذا لا تتحلى حماس بنفس شجاعة الرئيس جمال عبدالناصر .. وتفعل كما فعل .. تعلن مسئوليتها عما لحق بقطاع غزة .. وخروجها من المشهد تماما .. ونقل المسئولية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية .. بذلك تقطع الطريق على حجة بنيامين نتنياهو الذى يقول دائما إن حربه على غزة ستستمر حتى يتم القضاء على حماس ..
* لابد من وقف حمام الدم الذى يحدث فى غزة على مدار ال٢٤ ساعة كل يوم .. مهما كلفنا ذلك ..
* الحروب : “كر وفر” .. والمقاتل الشجاع هو الذى يعرف متى يتقدم ومتى ينسحب ..
* وإذا كانت إسرائيل قد كسبت هذه الجولة من الصراع .. فهذه ليست نهاية الصراع العربى الإسرائيلى .. الجولة القادمة سوف ينتصر فيها العرب على إسرائيل إن شاء الله ..
* يجب على حماس .. أن تتحلى بالشجاعة وتعلن خروجها من المشهد فورا حقنا للدماء المهدرة .. وحفاظا على ما تبقى من أطفال غزة ونسائها وشيوخها ..
* نتحدث عن بسالة المقاومة الفلسطينية وصمودها الأسطورى .. ونفرح بقتل ٥ جنود إسرائيليين .. لكن يسقط فى المقابل قرابة ٢٠٠ فلسطينى من أبناء غزة بين شهيد وجريح .. وتدمر مئات المنازل وتسوى أحياء كاملة بالأرض .. وذلك بسبب التفاوت الكبير فى ميزان القوة بين الجيش الإسرائيلى والمقاومة الفلسطينية ..
* نعم لابد أن تستمر المقاومة الفلسطينية طالما بقيت إسرائيل تحتل أرض فلسطين ..
* لكن يجب أن تعمل المقاومة الفلسطينية تحت قيادة موحدة .. وليس تحت قيادة ١٤ فصيل فلسطينى .. كلها ترفع شعارات المقاومة وتطلق التصريحات الرنانة .. بينما عجزت على مدى أكثر من ٧ عقود كاملة عن تحرير ١٤سم فقط من أراضى فلسطين المحتلة ..!!
* ليس خافيا على أحد ان بعض هذه الفصائل تعمل لحساب قوى إقليمية .. تريد تعزيز نفوذها فى المنطقة على حساب الدم الفلسطينى ..
* ليس خافيا على أحد أن بعض فصائل المقاومة الفلسطينة مخترقة من جهاز الموساد الإسرائيلى .. وبين صفوفها عملاء وخونة يعملون لصالح إسرائيل .. حتى إطلاق الصواريخ من غزة ؛ كان يتم أحيانا بالتنسيق مع الموساد ليعطى إسرائيل الحق فى قصف غزة تحت ذريعة حقها فى الدفاع عن النفس ..!!
* لابد أن نعترف أن حالة الإنقسام الفلسطينى القائمة منذ سنوات .. خدمت إسرائيل ولم تخدم القضية الفلسطينية ..
* لذلك فإن إسرائيل التى تقول إنها تحارب فى غزة من أجل القضاء على حماس .. هى فى حقيقة الأمر لا تريد القضاء على حماس .. لكى تستخدمها فى تعزيز حالة الإنقسام الفلسطينى ..!
* لعل ذلك يكشف لنا لماذا قال المتحدث العسكرى الإسرائيلى منذ أيام إن القضاء على حماس غير ممكن ..!!
* الحقيقة المرة .. هى أن قادة حماس الذين تركوا قطاع غزة .. وانتقلوا للإقامة فى فنادق الخمسة نجوم بالدوحة .. يراهنون على الدعم الذى سيتلقونه من إسرائيل ومن إيران للبقاء فى المشهد .. !!
* لذلك يطالبون بالمشاركة فى إدارة قطاع غزة .. فى “اليوم التالى” لوقف الحرب ..
* لكن لا يجب أبدا أن يفوتهم أن إدارة قطاع غزة .. تتطلب إعادة إعمار القطاع .. وإعادة الإعمار تتطلب عقد مؤتمر للمانحين .. والمانحون لن يدفعوا سنتا واحدا إذا بقيت حماس فى الصورة .. لأن حماس مصنفة ك”منظمة إرهابية” لدى كثير من دول العالم .. خاصة الدول الغربية التى تتصدر دائما مؤتمرات المانحين ..
* كلمة أخيرة :
* إننا فى أشد الحاجة الآن إلى وحدة الصف الفلسطينى .. يجب على حماس ان تخرج من المشهد ..وتترك إدارة عملية التفاوض مع إسرائيل حول إطلاق سراح الرهائن مقابل وقف إطلاق النار للسلطة الوطنية الفلسطينية ..
* نعم السلطة الوطنية الفلسطينية بها فساد .. لكن الضرورة تتطلب إرجاء عملية إصلاح هذه السلطة الفاسدة إلى مابعد وقف إطلاق النار فى غزة ..
* عار .. على القيادات الفلسطينية .. أن تحظى قضية الشعب الفلسطينى بهذا الزخم الكبير فى كل أرجاء العالم .. بينما هم منقسمون على أنفسهم .. والبعض منهم يتاجر بدماء الشعب الفلسطينى لحساب قوى إقليمية .. لا تهمها مصلحة الشعب الفلسطينى ..!
* عار على القيادات الفلسطينية .. أن يتحرك رئيس وزراء أسبانيا لتشجيع الدول الأوربية على الإعتراف بالدولة الفلسطينية .. وان تنتفض الجامعات فى كل مكان بالعالم .. تهتف “فلسطين حرة” .. والقيادات الفلسطينية مازالت تتصارع مع بعضها من أجل المكاسب الشخصية والظهور الإعلامى كرجال دولة ..
* ياقادة حماس .. تحلوا بالشجاعة التى تحلى بها الرئيس جمال عبد الناصر .. أعلنوا مسئوليتكم عما لحق بقطاع غزة .. واخرجوا تماما من المشهد ..
* زعامة عبدالناصر .. لم تأت من فراغ .. لكن لأنه كان صادقا مع نفسه ومع شعبه ..
* الرحمة لكل شهداء غزة .. واللعنة على كل من يتاجر بالقضية الفلسطينية ..
———————————
السيد هانى ..
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية ..
الكاتب المتخصص فى الشئون الدولية ..
عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية ..
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
