عقارات / متر مربع

عبدالفتــــــــــاح الجبـــــــالـى : ضريبة الثروة والعدالة الإجتماعية

عبدالفتــــــــــاح الجبـــــــالـى

ضريبة الثروة والعدالة الإجتماعية

 

«معا لفرض ضريبة على أثرى الأثرياء» كان هذا شعار وزراء مالية مجموعة العشرين فى اجتماعاتهم التى عقدت مؤخرا بالعاصمة البرازيلية ريودى جانيرو. وخلص البيان الختامى للمؤتمر إلى القول «إنه مع الإحترام الكامل للسيادة الوطنية للدول، سنسعى إلى المشاركة متعاونين لفرض ضرائب فعالة على صافى الثروات العالية للأفراد» .

 

وهذا الحديث يمثل نقلة كيفية فى النظر إلى هذا الموضوع, حيث يشير إلى الأفراد وليس الشركات وهو تطور مهم للغاية فى ظل عدم المساواة فى الثروة والدخل الذى أصبح سمة مميزة للاقتصاد العالمى خلال هذه الآونة.

وهنا يشير تقرير أوكسفام إلى أن ثروة 1% من أغنى أغنياء العالم قد زادت بمقدار 42 تريليون دولار خلال العقد الماضى وهى أكثر 36 مرة من الثروة التى جمعها النصف الأفقر من سكان العالم، ومع ذلك يدفع هؤلاء نسبة ضرائب أقل من 0.5% من ثرواتهم على مستوى العالم.

 

وهو ما يتطلب العمل على تعزيز التنمية الإحتوائية التى تتجنب عدم المساواة المفرط الذى يعوق التنمية ويضعف التماسك الإجتماعي. خاصة بعد أن أصبح عجز الموازنة والدين الحكومى مدعاة للقلق، ويتطلب العمل على بناء حيز مالى يتيح الفرصة للحركة ويساعد على الضبط المالي، وبعبارة أخرى يجب بذل المزيد من الجهد والعمل بكامل لوضع العجز والدين فى المسار التنازلى الثابت وفى اتجاه الأهداف التنموية على المدى المتوسط.

 

لذلك أصبح تعزيز الطاقة الضريبية أهم مما كان عليه فى الماضي. فالأفضل لتخفيض العجز والدين هو الإصلاح الضريبى الشامل الذى يضمن بناء نظام ضريبى كفء وعادل وسياسة فعالة وضريبة تصاعدية.

وتشير دراسة صندوق النقد الدولى المقدمة للمؤتمر والمعنونة «اختيارات بديلة لتعبئة الموارد» إلى أن البلدان النامية تستطيع تعبئة المزيد من الإيرادات من خلال الإصلاحات الضريبية وبما يصل الى 9% من الناتج الإجمالي.

 

وقد استقر الفكر الإقتصادى والمالى الحديث على أن النظام الضريبى الكفء هو الذى يُساعد على إيجاد مناخ جيد للاستثمار مع تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الضريبية، وبما يضمن توفير الموارد المالية اللازمة لخزانة الدولة لتمويل الإنفاق العام (بشقيه الجارى والإستثماري) ناهيك عن الإنفاق الإجتماعى فى آن واحد. شريطة أن يتحقق ذلك فى إطار من والتناغم بحيث لا يطغى هدف على آخر.

 

وبالتالى فالسياسة الضريبية الكفء هى التى تتمكن من توليد زيادات فى الإيرادات بما يتواكب مع النمو فى الدخل الأسمى دون تغييرات متواترة فى معدلات الضرائب أو إدخال ضرائب جديدة. وهو ما يتطلب وضع خريطة شاملة بشأن الإصلاح الضريبى مع ضمانة الالتزام السياسى رفيع المستوى بها ومشاركة كل الأطراف فى صياغتها حتى يكون لدى الأفراد الثقة فى أن الضرائب التى يدفعونها ستستخدم فى تقديم خدمات عامة، وليس فى إثراء مجموعة محددة من الأفراد.

 

فالأصل فى الضريبة أنها فريضة عامة فى حق كل دخل يتحقق فى الدولة لأنها المورد الذى تمول منه الدولة الخدمات التى لا يمكن أن تستأدى مقابلا لها من المواطنين مثل الدفاع والامن والقضاء الخ. لذلك يجب ان يتسم النظام الضريبى بالشفافية وأن يكون القانون بسيطا وسهل الفهم.

يضاف إلى ذلك، أنه يجب الالتزام بالعدالة الضريبية وشموليتها وعدم فرض ضرائب على الفقراء ومحدودى الدخل، وبالتالى التحول من التركيز على الضرائب غير المباشرة إلى الضرائب المباشرة. حيث إن الأولى تفرض على الاستهلاك وليس على الدخل، ونظرا لأن الأغنياء يدخرون الجزء الأكبر من دخولهم فإنها تؤدى إلى زيادة الفقر مالم يراع ذلك فى هيكل الضريبة وسلة استهلاك الأسر.

 

ورغم ذلك فهناك تكاليف إقتصادية يجب على الحكومات مراعاتها عند التحرك نحو الإصلاح، يأتى على رأسها الأثر على تخصيص الموارد لتعزيز النمو والإنتاجية، وذلك عن طريق إزالة التشوهات التى تحول دون توجيه الموارد إلى القطاعات الأكثر إنتاجية ويضمن أن يتخذ القرار الاستثمارى وفقا لمعايير الجدوى الاقتصادية وليس لأسباب ضريبية.

 

إذ إن رفع الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج، وهى المحرك الأساسى للتنمية ورفع مستويات المعيشة، تتطلب استخدام أدوات السياسة الاقتصادية عموما والضريبية منها على وجه الخصوص بطريقة سليمة.أى عدم إحداث أى اضطرابات فى تخصيص الموارد، ولاتؤثر بالسلب على حوافز الإنتاج والإستثمار والإدخار والطاقات الإنتاجية. وبالتالى يجب أن يراعى النظام الضريبى الملاءمة الزمنية لفرض الضرائب وكذلك الملاءمة المكانية.

 

كما ينبغى مراعاة الأثر على العدالة الضريبة فكلما كان الوعاء الضريبى واسعا ومحايدا وكانت الإيرادات الضريبة مستقرة، كانت هناك فرص أكبر للإصلاح وهو ما يتطلب تحديد مفهوم الدخل الخاضع للضريبة وكيفية معاملة الأنواع المختلفة من الدخول والاستقطاعات والإعفاءات وهيكل أسعار الضريبة وعدد الشرائح، وكلها أمور تعكس العدالة الضريبة،

 

وتتطلب معرفة من يتحمل العبء، فمن يتحمل عبء الضريبة ليس بالضرورة هو من يقوم بدفعها. فالضرائب تؤثر على المتعاملين المختلفين فى السوق وفقاً لمرونتهم النسبية. فكلما زادت المرونات السعرية للعرض أو الطلب، زاد احتمال أن شخصا آخر سوف يتحمل عبء الضريبة غير الذى قام بدفعها.

 

فعند فرض ضريبة على الإستهلاك يختلف من يتحمل عبء الضريبة (المنتج أم المستهلك) وفقاً لمرونة الطلب والعرض على السلعة، كذلك عندما تفرض ضريبة على أرباح الشركات، فإن العبء قد لا يقع بالضرورة على مالكى الشركة وقد ينتقل جزء منه إلى عملائها أو العاملين بها.

 

وبالتالى يجب البحث عن الإجابة عن الأسئلة التالية هل العبء الضريبى موزع بالتساوي؟ وهل يفرض على جميع الدخول والأنشطة أم أنه يفرض على الدخل من العمل؟ إذ إن الوضع القائم حاليا يشير إلى أن الفئات الأقل دخلا والذين يسهل الوصول إليهم مثل موظفى الحكومة، غالبا ما يدفعون ضرائب أكثر مما تدفعه الفئات الأعلى دخلا والتى لا يسهل الوصول إلى مصادر دخلها مثل أصحاب المهن الحرة ورجال العمال وغيرهما.

 

كما أن التهرب والتجنب الضريبى منتشر بين هذه الفئات بشدة نظرا لقدرتهم على التأثير. لذلك أصبحت كيفية فرض الحكومات الضرائب موضوعا سياسيا ساخنا أكثر من أى وقت مضى ومحورا لصراع فكرى وسياسى واجتماعى نظرا لتأثيره على جميع مناحى الحياة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا