عقارات / متر مربع

واحد كتب شاهدا علي قبرة : من بطن أمه الي القبر

مصطفي عبيد : عش سعيدًا.. لا طويلًا

يبقى الدعاء بطول العُمر هو الدعاء المفضل لبنى البشر شرقا وغربا وفى كل مكان. وهكذا يُفضل البعض فى كثير من البلدان العربية استخدام مصطلح «طال عمرك» فى مخاطبة مَن يقدرونهم ويحترمونهم.

 

فطول العُمر غاية مهمة لبنى البشر تدفع البعض للبحث فى كيفية الوصول إليه، استمتاعا بكثير من المبهجات.

 

وأذكر فى عام 2012 أننى سألت رجل الأعمال الراحل أمين فخرى عبد النور عندما أتم عمره مائة عام عن نصيحته للعمر الطويل، فقال لى ثلاثة أمور: ألا تغضب، ولا تشبع، ووزع محبتك على الجميع.

والعالم اليوم يتجه- بفضل التقدم العلمى غير المسبوق- لتحقيق إنجازات عظيمة فى الصحة العامة، ليرتفع متوسط عمر الإنسان ويزيد عدد المئويين إلى أضعاف ما هم عليه الآن.

 

 

وكما ذكر آندرو جى سكوت، فى كتابه الحديث «حتمية طول العمر»، فإن عدد من تجاوزوا المائة عام ارتفع من 95 ألف إنسان عام 1990 إلى أكثر من نصف مليون فى الوقت الحالى. وهو يشير إلى أن متوسط عمر الإنسان عام 1950 كان 47 عاما، لكنه تجاوز الآن بفضل التقدم العلمى سبعين عاما.

 

ونحن نشهد بالفعل كل يوم أخبارا عن المعمرين شرقا وغربا، ففى 20 أغسطس الماضى ماتت الإسبانية برانياس موريرا أكبر معمرة فى العالم عن عمر 117 سنة. وقد شهدت «موريرا» الحربين العالميتين الأولى والثانية، وتميزت بوعى تام وذاكرة قوية، وكانت مبتسمة على الدوام، وتشعر بالرضا حتى إنها كتبت قبيل رحيلها أنها سعيدة وستبقى سعيدة أينما رحلت.

 

ومن بعدها صارت اليابانية توميكو إيتوكا، أكبر معمرة فى العالم، إذ تبلغ 116 سنة، وتعبر عن بهجتها وسعادتها بالحياة لدرجة أنها احتفلت بعيد ميلادها قبل شهور بمشاركة محبيها ومتابعيها.
 
وهكذا يشعر المُعمرون فى أنحاء العالم بالسعادة لتقدمهم فى العُمر، ويحسون بالرضا التام إزاء نعمة التنفس على الأرض، غير أن التصور العام بشأن طول العمر، قد يختلف لدى الذهنية العربية، فهناك فى مجتمعاتنا كثيرون يطلبون الموت هروبا من مواجعهم الإنسانية.

 

والفلسفة قديمة وممتدة فى التراث العربى حتى إن الشاعر زُهير بن أبى سلمى يقول فى قصيدة شهيرة له «سئمت تكاليف الحياة ومَن يعش ثمانين حولا –لا أبا لك- يسأمِ».

 

وهذا أبو العتاهية يقول لنا «إذا ما كبرت وبان الشباب/ فلا خير فى العيشِ بعد الكبر».

 

وفى عصرنا الحديث يقول لنا الشاعر الفلسطينى فخرى رطروط «مت باكرا.. إن كُنت حقيقيا».

 

لكن هذه النبرة السائدة تعكس بشكل عام سمتين واضحتين فى العقل الجمعى العربى، أولاهما الإحساس المتزايد بأوجاع الحياة ومراراتها لدرجة تفضيل الموت فى بعض الأحيان على العيش. ذلك لأن الحياة لدى البعض هى رحلة عذاب مريرة، وهذا البعض ربما يمثل النسبة الكبرى فى بلادنا لأسباب سياسية واقتصادية وفكرية عديدة.

 

 

والسمة الثانية هى غياب مشروع (ولو بدائى) لتقديم خدمات حقيقية للبشر، فليس لدينا تصور لاكتشاف علاج ما، أو ابتكار جديد يقلب الأذهان ويفيد الناس، كل الناس، وهو ما يقلل من شعورنا العام بقيمة الحياة.

 

من هنا لا نستغرب أن يُسمى الفنان العظيم يوسف وهبى مذكراته «عشت ألف عام» لأنه كان يرى أن ما حققه وأنجزه وأثّر به وتركه يمنحه هذا الشعور.

 

أتذكر نكتة شهيرة قالها لى صديق لبنانى قبل أعوام تقول إن مواطنا مصريا زار أحد أصدقائه فى لبنان وخرجا معا للتجوال، فوجدا مقابر فى حديقة عامة، فطلب المصرى زيارتها. ولما نظر إلى شواهد القبور لفت نظره عبارة مكتوبة على كل تقول «هذا قبر فلان الفلانى.. عاش خمسة عشر عاما»، أو«هذا قبر فلان.. عاش عشر سنوات»، ثم «سبع »، و«ثلاث».. إلخ. فسأل الزائر المصرى مضيفه إن كانت هذه المقبرة تخص الأطفال وحدهم لأنه لا يوجد شاهد يشير إلى أن صاحبه عاش أكثر من خمسة عشر عاما.

 

فأجابه الصديق اللبنانى نافيا، ثم قال له «إننا نحسب فى لبنان ما عاشه الناس بأوقات السعادة فقط فى حيواتهم.. فمن عاش فى عمره كله عشر سنوات راضيا وهائنا نقول إن عمره كان عشر سنوات وهكذا. وهز الزائر المصرى رأسه تفهما، ثم عاد إلى وزار مقبرته التى أعدها، ثم وضع عليها شاهد قبر وكتب عليه «هذا قبر فلان الفلانى.. من بطن أمه إلى القبر».

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا