فيديو / صحيفة اليوم

هل تمثل الكليات التطبيقية بالجامعات رافدا تنمويا؟


فِي ظِلِّ التَّحَوُّلِ الوَطني الذي تَشْهَدُهُ بِلادُنَا -حَرَسَهَا اللهُ تعالى من كُلِّ سوءٍ ومَكرُوهٍ- في مسارات المالِ، والأعمالِ، والهندسةِ، والتّقنيةِ، والثّقافةِ، والفنونِ، والصّحةِ وغيرِهَا مما يتطلب الدراسة والتأهيل والإعداد وفق معايير تخصصية تنافسية ، مما دَعَا إلى إنشاءِ الكُليّات التطبيقيّةٍ لتُزَوّيد القطاعاتِ الحَكوميّةَ، وشبه الحَكوميّة، والخاصة، وغير الرّبحيّة بالكوادرِ المؤهّلَةِ أَكَادِيميًّا وفنيًّا وَفْقَ مُستهدفاتِ برنامج تنمية القُدراتِ البشريّةِ المُتعلقة بتنمية المعارفِ، وتطوير القدرات العقليّة العليا، وتجويد المهاراتِ بمختلفِ أشكالِها.
وَفِي إِطَارِ دَعمِ تلك الكُلِّيَّات لتحقيق مستهدفاتِها كان لازماً تمكينها بالأنظمةُ، والتّشريعاتُ واللوائح لتنظيم بيئة العمل، وحوكمة الإجراءات، وتنظيم العلاقات التشاركية داخل الجامعات وخارجها مراعاة لطبيعة عملها، ونوعية مستهدفاتها ؛ إلا أنّ المُتابعَ لواقعِ البَعضِ منها يَلحظُ تَعثُّرها في تحقيقِ المستهدفات ً لغياب التّخطيط الاستراتيجي، وضعف تحليلِ سوقِ العَمَلِ وتدني تقييم الفُرَص؛ مما أدى بها للغرقِ بالمحيطات الحمراء ذات التنافسية العالية، ومحاكاة تجارب مثيلاتها في تقديم َ أكاديمية تقليدية، وتنفيذ دوراتٍ ذات قيمةٍ سُوقيّةٍ منخفضة في ظلِّ حراك تّنموي هائل سعياً للحصول على الحصة الأكبر من استيعاب خريجي وخريجات المرحلة الثّانويّة؛
ولكن ما النتيجة؟!
إنها تكمن في ارتفاعِ نِسَبِ البطالةِ المُقنّعة بالمجتمع، وتدني نِسَبِ التّوظيفِ. ونُموَّ الكُلِّيَّات نمواً ظَاهِرُهُ الازدهار، وبَاطِنُهُ التّدهور والتّراجُع؛ وما ذاك إلا تأثرها بثقافة حتميّة الوسطِ المحيطِ والمبنيّة على ثابتِ المسارِ، وحتميّة التّنافسِ وفق تكلفة نقدية عالية ترتكز على تجويدِ المُمارساتِ للمستوى الأفضل، بينما ينبغي استبدالُهَا بثقافة ابتكار القِيمة لتغيِّر السُّوق، وتعدد احتياجات العميل «الطالب وسوق العمل»، وإيجاد مسارات جديدة لتقديم الخدمات والمُنتجات بصورة نوعية وابتكارية. ومن هنا نتساءل كيف تتمكّن الكُليّات التَّطبيقيَّة من الانفلاتِ من المُنافسةِ الدّمويّة في المحيطات الحمراء، وإيجاد المُحيطات الزرقاء الابتكارية القائمة على ابتكار القيمة وقراءةِ السُوق بصورة مختلفة؟
​مما لا شك فيه أن دُخُولَ الكُلِّيَّات في المحيطاتِ الزّرقاء اليوم يُعد ضرورةٌ حتميّةٌ نتيجة للتّطوُّراتِ التّقنيةِ، وارتفاع مؤشرات التّنافس العالمي، وتزايد الصناعات، وتَعَدُّد القِطاعات. وزيادة العرض ونقص الطلب، والاتجاه نحو العالمية، وانفتاحِ العالمِ بعضه على الآخر، والتعاطي مع تلك المحيطات النوعية يَتِيحُ للكُليَّات دخول أسواق جديدة غير مطروقة سابقًا، والبعد عن تقاسم الحِصص السّوقيّة المتاحة لبعض التّخصُّصَات التّقليديّة، وملاحقة المُنافسين، وتقليدهم للعملِ على توسيع نطاقهِ، وإعادة توجيه تركيزها الاستراتيجي، ونقلها من إطار المُنافسة باتجاه الحلول البديلة، ومن محيطٍ جُغرافي ضيّق إلى محيط أوسع من خِلالِ تحليلِ سُوقِ العَمَلِ وتشخيصِ ومتطلباته، ووضعها في أُطُر عمليّة؛ وبهذا تكتسب رؤية جديدة لكيفيّة إعادة تحديد المشكلات التي تُركز عليها تلك المؤسسات من خلال إعادة النّظر في البرامج المُقدّمَة والواجب استبعادها، وكذلك ما يتوجّبُ القَبول فيه، وما يتوجب رفع القَبول فيه إلى ما فوقَ المستوى القياسي المتفق عليه سلفًا، وأخير البرامج التي يجب إيجادها والعمل على إعدادها مما لم تُفكر بها الكُليّات من قبل.
ولإدراك أهمية الدفع بساعةِ الزّمنِ - الآن- عشرين عامًا باتجاهِ المستقبل أو خمسين عامًا –مثلًا- وتّأمُّل: كم سَيُوجَدُ وسيتحدث في ذلك الزّمن من صناعاتٍ غير موجودة الآن؟
فلِنَسْتَفيدَ من الماضي بالتنبؤ للمستقبلِ، وللقصةِ تكملةٌ في مقالِ الأسبوعِ القادم حولَ تَفَرُّدِ البَرَامجِ، ونوعِيتِهَا، وآلياتِ ترويجِهَا، وتسويقِهَا.
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
mesfer753‬@

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا