فيديو / صحيفة اليوم

السيطرة على العقول في عصر المعلومات


في العصر الحديث، حيث تتدفق المعلومات بسرعة الضوء عبر الإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة، نشهد نوعاً جديداً من الحروب التي لا تعتمد على الأسلحة التقليدية أو الصراعات العسكرية المباشرة، بل على شيء أكثر خبثاً وأشد صعوبة في كشفه إنها حرب التضليل وهذه الحرب ليست مجرد تلاعب بالحقائق أو نشر الأكاذيب، بل هي عملية متعمدة تهدف إلى تشويه الحقيقة وتوجيه الجماهير لتحقيق أهداف سياسية، اقتصادية، في هذه الحرب، تصبح الحقيقة نفسها ميداناً للمعركة، وتصبح العقول ساحات للصراع.
المعلومة المضللة هي استخدام مقصود وممنهج للمعلومات الزائفة أو المشوهة بهدف خداع الأفراد أو الجماعات لتحقيق مصالح معينة، على عكس المعلومات الخاطئة، المعلومة المضللة هي نتاج خطة مدروسة تهدف إلى التأثير على إدراك الجمهور، وتعتمد هذه الحرب على تقنيات نفسية واجتماعية متطورة لإثارة الشكوك، وزرع الانقسامات.
تعتمد حرب التضليل على مجموعة من الأدوات والوسائل التي تجعل من الصعب على الجمهور تمييز الحقيقة من الزيف، ومن بين هذه الأدوات، التحريف الإعلامي حيث يتم التلاعب بالسرديات الإعلامية لتقديم صورة مشوهة للأحداث. قد يتم عرض جزء من الحقيقة وإخفاء أجزاء أخرى، أو وضع الأخبار في سياق يؤدي إلى تفسيرات خاطئة ، والبروباغندا من خلال تكرار رسائل معينة بشكل مستمر، يمكن تشكيل إدراك الجمهور وجعله يعتقد أن هذه الرسائل تمثل الحقيقة المطلقة، مما يجعل من الصعب على الأفراد التفكير بشكل مستقل، والتلاعب بالبصريات، الصور والفيديوهات تُستخدم أحيانًا بطريقة مضللة لإعطاء انطباعات خاطئة، يمكن للصورة الواحدة أن تكون كافية لإيصال رسالة مضللة دون الحاجة إلى كلمات، والاعتماد على الشخصيات المؤثرة حيث تستغل هذه الحرب الشخصيات المؤثرة لنشر المعلومات المضللة بشكل يبدو موثوقاً، عندما يتبنى هؤلاء الأشخاص سردية معينة، يصعب على الجمهور العادي الشك في صحتها.
تؤثر المعلومات المضللة على المجتمعات بطرق متعددة، فهي تقوض الثقة بين الأفراد، وتضعف المؤسسات الاجتماعية والسياسية، وتزرع الفتن والانقسامات، في البيئات السياسية، يمكن أن تؤدي المعلومات المضللة إلى اتخاذ قرارات خاطئة من قبل الجمهور أو القادة، مما يؤدي إلى نتائج كارثية. في الأوقات الحرجة، مثل الأزمات الصحية أو الكوارث الطبيعية، قد تكون المعلومات المضللة أكثر ضررًا، إذ تضلل الناس بشأن الإجراءات الوقائية أو العلاجية.
على المستوى الاجتماعي، تسهم المعلومات المضللة في تعزيز الانقسامات الطبقية والعرقية والدينية، مما يؤدي إلى تفاقم الصراعات الداخلية، هذه الانقسامات تجعل من الصعب تحقيق التفاهم المتبادل وحل النزاعات بطرق سلمية.
والسؤال الأهم كيف نتصدى لحرب التضليل؟، التصدي لهذه الحرب يتطلب وعياً مجتمعيًا عالياً، وقدرة على التمييز بين الحقيقة والزيف، يجب أن يكون لدى الأفراد القدرة على التحقق من مصادر المعلومات قبل تصديقها أو مشاركتها.
ختاماً.. يمكن القول إن حرب التضليل هي إحدى أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة، إنها ليست مجرد معركة على المعلومات، بل هي معركة على العقول والقلوب.
الانتصار في هذه الحرب يعتمد على قدرتنا على تعزيز الوعي، وحماية الحقيقة، والتمسك بالمبادئ الأخلاقية في عالم مليء بالخداع والتضليل.
@malarab1

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا