تعد شركة نتفليكس من أسرع الشركات العالمية نمواً؛ نظراً لولاء العاملين بها وتفانيهم في تنويع وتجويد المنتجات وتطوير الخدمات المقدمة للعملاء، وبناء شراكة ذات عمق اجتماعي وثقافي واقتصادي عابر للقارات لتصل إلى الهجر والقرى والمدن، والمؤسسات والمنظمات والشركات ومختلف القطاعات العامة والخاصة.
أطلق ريد هاستنغر الشركة في 29 أغسطس من العام 1997م بطاقة بشرية تُقدر بمائة موظف وثلاثمائة ألف مشترك لتسمح للعملاء بطلب أقراص الفيديو الرقمية من خلال خدمة البريد الأمريكي؛ إلا أنها عانت في بداياتها من الخسائر المتوالية تُقدر ب57 مليون دولار مما اضطره لعرض الشركة للبيع بمبلغ خمسين مليون دولار على شركة بلوك باستر والتي كانت تقدر قيمتها بستة مليارات دولار وتسعة آلاف متجر لتأجير أشرطة الفيديو حول العالم، إلا أنه تم رفض العرض قطعياً، مما اضطر شركة نتفليكس إلى إعادة النظر في رأس مالها البشري والعمل على تبني تكثيف المواهب واستقطابها، وخلق بيئة العمل المحفزة للإبداع والابتكار، وكانت المفاجأة في عام 2002م تم طرح أسهما للاكتتاب العام، وفي عام 2010م أعلنت شركة بلوك باستر افلاسها لتنطلق نتفليكس لتحصد الجوائز العالمية وتضم أكثر من 167 مليون مشترك في 190 دولة، وهنا نتساءل لماذا استطاعت نتفليكس التكيف بشكل متكرر وأخفقت شركة بلوك باستر في ذلك مع امتلاكها لجميع الأوراق المربحة والمرشحة للنمو المتسارع كالعلامة التجارية، والسمعة، والموارد المالية والبشرية، والرؤية، والسبب الحقيقي أن شركة نتفليكس انطلق من ثقافة تقدير الأفراد أكثر من العمليات والإجراءات، وتفضيل الابتكار على الكفاءة، وتقليل الضوابط والقيود، والسماح بشيوع ثقافة إدارة وتكثيف المواهب وإدارتها بالتوجيه، والبعد عن التحكم والسيطرة، ومسايرة التغيرات العالمية واحتياجات العملاء والتكيف معها يقود نحو التغيير والتربع على منصة التميز.
ومن هنا فإن بناء بيئة العمل الآمنة والتي تسعى لاستقطاب وذوي القدرات العالية، وتكثيف المواهب وإشاعة ما يُعرف بعدوى الابداع والابتكار والإنجاز بين أعضاء الفريق؛ لتمكين العاملين من إطلاق العنان للخيال وتحويل الأحلام إلى واقع ملموس عبر منظومة العمل الاحترافية المحفزة لتوليد الأفكار وتنويع المنتجات وتحسين وتطوير الخدمات. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من شيوع ثقافة التغذية الراجعة والتي تُعد من أكثر الأدوات فاعلية لتحسين الأداء، حيث يتعلم الفريق بشكل أسرع، ويحقق المزيد عندما تكون مكوناً أساسياً في منظومة العمل من خلال استقبال الملاحظات وتجنب سوء الفهم، وخلق مناخ آمن من المساءلة المشتركة، وتقليل الحاجة إلى التسلسل الهرمي القيادي البيروقراطي والتقيد الحرفي بالقواعد والتعليمات، لا العمل بروحها وجوهرها، وبهذا يتشارك الفريق المسؤولية في تصحيح السلوكيات غير المرغوب فيها للعاملين. ومن المهم إدراك المدير بأنه كلما وصل إلى مستوى أعلى في المنظمة، سيقل معدل التغذية الراجعة التي يتلقاها، وتزداد احتمالية مجيئه للعمل عارياً من النصائح والتوجيهات والتعليقات من عموم فريقه؛ مما يجعله يرتكب أخطاء لربما كارثية واضحة للجميع إلا له. ومع هذا كله فثقافة الصراحة وتقديم التغذية الراجعة وإبداء الرأي لا تعني الوقاحة والتعدي على حقوق الآخرين، ولا تعني امتلاك المدير لحق التحدث عن رأيه فقط دون القلق بشأن كيفية تأثيره في الآخرين.
وأخيراً في ظل التنافس بين مختلف القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة وغير الربحية في استقطاب الموهوبين وذوي القدرات، لا بد من إعادة النظر في قبول الأداء المقبول للموظف والمبني على الحد الأدنى من الكفاءة والقدرة، وضرورة استبقاء المواهب وتكثيفها وتسريح ذوي القدرات المتواضعة لأثرهم البالغ في خفض مستويات الإنتاجية والعطاء، وتحقيق المستهدفات النوعية للمنظمة، ليظل هذا السؤال حاضراً في ذهن الجميع: ما القيمة السوقية التي تمثلها بالنسبة لمنظمته؟ وما الإضافة النوعية التي تحدثها في محيطك الوظيفي؟
@mesfer753
الابتكار والإنجاز بين أعضاء الفريق؛ لتمكين العاملين من إطلاق العنان للخيال وتحويل
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.