عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

متحف زايد الوطني.. رحلة زمنٍ تمتد لثمانية آلاف عام

في ليلة وطنية استثنائية تعانقت فيها الذاكرة مع لحظة التجدد، احتفلت دولة العربية المتحدة بعيد الاتحاد 
ال54 بافتتاح متحف زايد الوطني رسمياً في جزيرة السعديات بأبوظبي، حيث ستفتح أبوابه للجمهور ابتداءً من 3 ديسمبر.
وجاء الاحتفال كسرد بصري ووجداني لمسيرة تمتد لأكثر من ثمانية آلاف عام، ترويها الأرض والفن والتاريخ في عرض مبتكر يعيد تشكيل رحلة الإمارات من البدايات الأولى حتى المستقبل المزدهر الذي تنسجه الدولة اليوم.
وفي هذا السياق، مثل حدث الافتتاح محطة وطنية كبرى تجمع بين التاريخ والفن والسرد البصري، وتوثق قصة الدولة عبر رحلة زمنية ممتدة تعرض لأول مرة بشكل غامر ومتسلسل.
صوت الأرض
بداية العرض كانت الحكاية....هل تسمعون هذا الصوت؟
بهذه الكلمات افتتح العرض الرسمي، الذي اتخذ من الأرض راوية تحمل أثراً عاطفياً، ومن صوت الأرض التي تقود الجمهور عبر الزمن ليحضروا فصولاً متتابعة وغير خطية من تاريخ الإمارات، وقد مثلت أصوات خطوات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه على الرمل، وصوت مفاتيح سيارته ومحركها، الملامح الأولى للعرض الذي انطلق بلقطات أرشيفية من «وداعاً يا جزيرة العرب» (1968)، تظهر فيه سيارة الشيخ زايد الشهيرة «كرايسلر نيوبورت» طراز 1966، والتي عثر على نموذج مطابق لها في كاليفورنيا ونقلت إلى المتحف بعد ترميمها لتتطابق مع الأصل، بما في ذلك إضافة سارية العلم والإطارات الخاصة بالطرق الوعرة، لتصبح جزءاً من مقتنيات المتحف الأساسية.
لؤلؤة عمرها 8000 سنة.
بدأ العرض من عمق التاريخ بظهور لؤلؤة أبوظبي، التي تعد من أقدم اللآلئ الطبيعية المعروفة في العالم، والتي اكتشفت في جزيرة مروح عام 2017. وقدم العرض هذه اللؤلؤة بوصفها دليلاً على أن الغوص لم يكن نشاطًا فردياً بل كان عملاً جماعياً يتطلب المهارة والتعاون والمثابرة، ويعكس جذور ارتباط الإمارات بالبحر منذ آلاف السنين.


خرز العقيق الأحمر
ومن محيطات التجارة القديمة قبل 5000 سنة، ظهرت حبات العقيق الأحمر التي قطعت آلاف الأميال لتصل إلى المستوطنات الساحلية، حيث استخدمتها النساء للزينة قبل أن تصبح إرثاً تتناقله الأجيال. وقد شكلت هذه القطع دلالة على ازدهار حركة التبادل التجاري وارتباط المنطقة المبكر بالحضارات المحيطة.
موقع ساروق الحديد.
انتقل السرد إلى موقع ساروق الحديد الذي يعد أحد أهم المراكز الصناعية القديمة، حيث أنتج الحرفيون السيوف البرونزية وصاغوا المجوهرات من الذهب والنحاس قبل 3000 سنة، ما يعكس التطور المبكر في التقنيات المعدنية وقدرة السكان على الابتكار الصناعي في تلك الحقبة.
عملة أبيئيل. 
استعرض العرض عملة «أبيئيل»، وهي من أقدم العملات المعدنية التي سُكّت على أرض الإمارات قبل 2000 سنة، وتحمل رموزاً مستوحاة من عملات الإسكندر الأكبر مع إضافات محلية أبرزها رمز الحصان، وأشار العرض إلى أن بعض هذه العملات سُكَّ في عهود حكمت فيها نساء، ما يقدم دلالة تاريخية مهمة على مكانة المرأة في المجتمع القديم.
وجرى تسليط الضوء على أداة «الكَمال» المستخدمة في الملاحة البحرية قبل 600 سنة، والتي مكنت البحارة مثل أحمد بن ماجد من تحديد خطوط العرض عبر قياس النجوم. وأسهمت هذه الأداة في فتح طرق بحرية جديدة ساعدت في ازدهار التجارة وتوسيع التواصل بين الحضارات.
الطريق إلى الاتحاد. 
وتقدم العرض إلى منتصف القرن العشرين ليستعرض جهود الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه في التقارب بين حكام الإمارات وتعزيز فكرة الاتحاد، ورؤيته التي كانت تؤمن بأن وحدة الإمارات هي الطريق نحو مستقبل آمن ومستقر.
واستعرض العرض لقاءات متكررة جمعت الشيخ زايد بحكام دبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة، وانتهت إلى اللحظة التاريخية بإعلان دولة الإمارات العربية المتحدة قبل 54 سنة، ورفع العلم الأول، وإعلان أحمد بن خليفة السويدي قيام الدولة عبر الإذاعة في حدث شكل نقطة تحول في تاريخ المنطقة.
والأوركسترا الوطنية. 
وفي مشهد مؤثر وعميق الرمزية، صدح السلام الوطني «عيشي بلادي» بأداء الأوركسترا الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في أول ظهور رسمي وعلني لها بعد الإعلان عن تأسيسها في وقت سابق.
وظهرت الأوركسترا بتشكيل ضخم يضم عدداً كبيراً من الفنانين الإماراتيين والدوليين، الذين عزفوا بتناغم جمع بين الآلات التراثية والآلات الموسيقية العالمية، وقدم الصحفي المخضرم خليل عيلبوني، لحظة إعلان الاتحاد عام 1971، خلفيةً تقديمية مؤثرة للعزف، ليصبح المشهد جسراً فنياً وروحياً بين جيل التأسيس والأجيال الجديدة.


استمرار التطور
وتعمق العرض في إبراز مسيرة بناء الدولة منذ قيام الاتحاد عبر استحضار قصة قارب «ماجان»، أحد أقدم القوارب التجارية التي كانت تبحر خلال العصر البرونزي، وأوضح العرض أن القارب المعروض في المتحف هو نموذج تجريبي أُعيد بناؤه اعتماداً على الأدلة الأثرية بمشاركة جامعات وطنية وعالمية.
ثم انتقل السرد إلى رحلة الإمارات نحو المستقبل عبر عرض مشاهد لمؤسسات وطنية رائدة في مجالات الابتكار والطاقة والفضاء والتكنولوجيا، مثل هيئة - أبوظبي، مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، M42، مركز محمد بن راشد للفضاء، ومعهد الابتكار التكنولوجي. واختتم هذا الجزء بلقطة إقلاع طائرة Mirage 2000-9 في مشهد يحاكي انطلاق مركبة فضائية، ليعكس طموح دولة الإمارات الذي لا يتوقف عن الصعود.
وقد مثل افتتاح متحف زايد الوطني محور الحدث، إذ يبرز المتحف بتصميمه المستوحى من جناح الصقر، رمز الرؤية التي أسس لها الشيخ زايد، ويجمع المتحف بين تقنيات البناء الحديثة وخصائص العمارة التراثية الملائمة لمناخ الإمارات، ويضم جميع القطع التي ظهرت في العرض، بما فيها سيارة الشيخ زايد الأصلية، ليكون موطناً لقصص الماضي ونافذة للحاضر ومنصة لرؤية المستقبل.
واختتم الحفل بأغنية «نفتخر بك يا وطن» التي أداها أطفال الإمارات وكورال الإمارات، وهي أغنية تعكس القيم التي قامت عليها الدولة من وحدة وتسامح ورغبة صادقة في البناء، وتحمل رسالة بأن الأجيال الجديدة هي امتداد للإرث الوطني وثمرة لجهود المؤسس.
«نفتخر بك يا وطن» كتبها عارف الخاجة ولحنها محمد الأحمد وأداها أطفال الإمارات وكورال الإمارات. تعبر الأغنية عن روح الفخر الوطني والتلاحم بين أبناء الوطن وقيادته والإيمان بالقيم التي قامت عليها الدولة مثل السلام والتسامح والوئام.
كلمات الأغنية:
بالمعزة نفتخر بك يا وطن
بالمعزة نفتخر بك يا وطن
بالمعزة نفتخر بك يا وطن
بالمعزة نفتخر بك يا وطن
نجمنا عالي على مر الزمن 
في الرخا سادة وسادة في المحن
خلف قايدنا.. خلف قايدنا معاً نمشي معاً 
بالمعزة نفتخر بك يا وطن 
سنجمع الكلام من منابت الشجر
ونرفع البلاد... كي تلامس القمر
ونجمع البحور والطيور والدرر
وبيتنا... موحد يشدوا على الوطن 
سنجمع الكلام من منابت الشجر
ونرفع البلاد... كي تلامس القمر
ونجمع البحور والطيور والدرر
وبيتنا... موحد يشدوا على الوطن 
بالمعزة نفتخر بك يا وطن
بالمعزة نفتخر بك يا وطن
دارنا جنة ومرسى للسلام
والتسامح والمحبة والوئام
والحضارة تختصر كل الكلام
بالمعزة نفتخر بك يا وطن 
بالمعزة نفتخر بك يا وطن
دروبنا الضياء والصديق للصديق
والحب وحد المنى ووحد الطريق
قلوبنا قلوبكم في حسها بريق
فأقبلوا في عيدنا وعانقوا الوطن 
دروبنا الضياء والصديق للصديق
والحب وحد المنى ووحد الطريق
قلوبنا قلوبكم في حسها بريق
فأقبلوا في عيدنا وعانقوا الوطن 
نجمنا عالي على مر الزمن 
في الرخا سادة وسادة في المحن
خلف قايدنا.. خلف قايدنا معاً نمشي معاً 
بالمعزة نفتخر بك يا وطن
واختتم الاحتفال باليوم الوطني بمشهد سيارة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه
ها هي سيارة الشيخ زايد متوقفة في المتحف 
وها هو إرثه سيبقى خالداً، في الأرض والبحر والنجوم، في حاضرنا ومستقبلنا، في كل قلوبنا.

 

   

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا