كشفت مصادر مطلعة أن نقابة ممثلي الشاشة الأمريكية SAG-AFTRA تعد خططاً سرية لإضراب محتمل في العام الجديد احتجاجاً على صفقة الاندماج المخطط لها بين Netflix وWarner Bros Discovery، وسط مخاوف من تأثير هذه الصفقة على رواتب الممثلين وفرص العمل في هوليوود.

غرفة عمليات لمواجهة الاندماج

أفادت مصادر قريبة من قيادة النقابة أن المسؤولين يبنون ما وصفوه بـ"غرفة حرب" لمعارضة هذا الاندماج، مؤكدين أن الإضراب "ليس خارج الطاولة إذا تصاعدت الأمور". قال أحد المطلعين إن القيادة تعتقد أن هذه الصفقة ستضر بمصالح أعضائها البالغ عددهم 160,000 عضو، وستؤثر سلباً على المستهلكين أيضاً.

أكد متحدث باسم Netflix أن الشركة "تواصلت مع جميع النقابات" التي تمثل العاملين في هوليوود، فيما لم يرد متحدث باسم Warner Bros Discovery على طلب التعليق.

تحذيرات من احتكار السوق

وصف أحد أعضاء النقابة، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، الصفقة المخططة بأنها ستخلق "احتكاراً"، مشيراً إلى وجود "همهمات" بالفعل في لوس أنجلوس حول إضراب محتمل. أوضح هذا الممثل التلفزيوني أن الاندماج "يركز قدراً كبيراً من السلطة في يد شركة واحدة، مما يضعف القدرة التفاوضية للممثلين ويسرع من تآكل المدفوعات المتبقية التي يعتمد عليها كثيرون للبقاء بين الوظائف".

تمثل المدفوعات المتبقية أو ما يعرف بـ"residuals" شيكات تدفع للممثلين والعاملين في المجال المسرحي على المدى الطويل عندما يعاد عرض برنامج تلفزيوني أو فيلم بعد إصداره الأصلي. يخشى خبراء الصناعة من أن عملاق البث المباشر سيخفض التكاليف عبر تقليص هذه المدفوعات، وهو رأي تنفيه بشدة مصادر رفيعة المستوى في Netflix.

موقف النقابة الرسمي

صرحت باميلا غرينوولت، المتحدثة باسم SAG-AFTRA، بأن النقابة "لم تتخذ أي موقف من الاندماج بعد، سوى أنه يتطلب مراجعة وتحليلاً دقيقاً، وهو ما يجري حالياً". أضافت أن أي موقف ستتخذه النقابة سيحدد بناءً على مصلحة أعضائها.

أشارت غرينوولت إلى أن عقد النقابة الخاص بالتلفزيون والمسرح والبث المباشر يتم التفاوض عليه مع مجموعة على مستوى الصناعة، وأن القضايا الخاصة باستوديوهات معينة لا تكون عادةً جزءاً من هذه العملية.

تحذير رسمي من النقابة

أصدرت النقابة تحذيراً في 5 ديسمبر، أكدت فيه أن الصفقة "تثير أسئلة خطيرة حول تأثيرها على مستقبل صناعة الترفيه، وخاصة المواهب الإبداعية البشرية التي تعتمد عليها سبل عيشهم ومسيراتهم المهنية".

قالت مصادر قريبة من الوضع إن "قيادة النقابة تعمل بجد لبناء حملة قد تتوسع قريباً لتشمل أعضاء لديهم مصلحة راسخة في الخروج ضد هذا الاقتراح". أضافت مصادر منفصلة أنه "لا يوجد جدول زمني بعد، ولا توجد حركة للتصويت حتى الآن، لكنهم سيكثفون معارضتهم لهذه الصفقة في الربع الأول من 2026".

تفاصيل الصفقة وحجمها

أبرم تيد ساراندوس، الرئيس التنفيذي المشارك لـNetflix، صفقة في 5 ديسمبر بقيمة 27.75 دولاراً للسهم نقداً وأسهماً، قيمت أصول البث والاستوديو الخاصة بـWarner Bros Discovery بـ72 مليار دولار.

ستمنح الصفقة الناجحة Netflix السيطرة على مكتبة WBD الضخمة من المحتوى، بما في ذلك كتالوج HBO الكامل، وأرشيف أفلام Warner Bros، وممتلكات DC Comics.

ذكريات إضراب 2023

استمر الإضراب الذي قاده الممثلون في 2023 لمدة 4 أشهر، وكان الأطول في تاريخ ممثلي التلفزيون والسينما، مما أدى إلى تعليق العمل على سلسلة من الأفلام الضخمة، بما في ذلك "Gladiator II" و"Mission: Impossible – The Final Reckoning" لتوم كروز، وتتابع "Beetlejuice, Beetlejuice" لتيم بيرتون.

معارضة بيد الاندماج ومخاوف الاحتكار

رفض ديفيد زاسلاف، الرئيس التنفيذي لـWBD، بشكل متكرر العرض المنافس من الرئيس التنفيذي لـParamount Skydance ديفيد إليسون، رغم عرض حزمة تعويضات بملايين الدولارات إذا وافق على الصفقة.

رفض مجلس إدارة WBD عرض Paramount العدائي البالغ 78 مليار دولار للشركة بأكملها يوم الأربعاء، وفقاً لإيداع تنظيمي، قائلاً إنه فشل في تقديم ضمانات تمويل كافية.

مخاوف تنظيمية أميركية وأوروبية

ستمنح الصفقة الشركة الجديدة، التي ستضم HBO Max، 35% من جميع ساعات البث المباشر، وفقاً لجون م. يون، أستاذ القانون في كلية أنتونين سكاليا للقانون بجامعة جورج ماسون. سيضع هذا الصفقة على رادار المسؤولين الأميركيين، حيث أشار الرئيس ترامب بالفعل إلى أن الحصة السوقية الكبيرة "قد تكون مشكلة".

أشارت مصادر قريبة من الوضع أيضاً إلى أن الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، المفوضية الأوروبية، ستراقب عن كثب عملية الاستحواذ. لم يتردد بيروقراطيو بروكسل في فرض غرامات بملايين الدولارات على عمالقة التكنولوجيا الأميركيين، بل وحتى حظر بعض معاملات الاندماج والاستحواذ تماماً.

قالت لورا هولغات أبوت، الرئيسة التنفيذية للاتحاد الدولي لدور السينما، الهيئة التجارية التي تمثل 43,500 دار سينما في 39 دولة: "ما قد لا يدركه البعض هو أن المنظمين الأوروبيين لديهم سلطة كبيرة عندما يتعلق الأمر بعمليات الاندماج". أضافت: "سنضمن سماع مخاوفنا من قبل سلطات مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي".

ممثلو الخلفية يواجهون مستقبلاً غامضاً

تزامنت هذه التطورات مع احتفال شركة Central Casting Corp بذكراها المئوية، وهي الشركة التي تأسست عام 1923 لتنظيم عمل ممثلي الخلفية في هوليوود، والذين يملؤون المطاعم والحدائق ومشاهد الأفلام الأخرى لجعل البيئة تبدو أكثر واقعية دون نطق كلمة واحدة.

اعترف مارك غولدشتاين، الرئيس التنفيذي للشركة الواقعة في بوربانك، بالبيئة الصعبة لممثلي الخلفية. أوضح أن أحد التحديات الرئيسية لأعضاء Central Casting هو مجرد إيجاد أدوار جديدة، قائلاً: "كان هناك تراجع طفيف في الإنتاج خلال العام الماضي".

تضم قاعدة بيانات الشركة 200,000 ممثل خلفية، مع إضافة أكثر من 20,000 اسم جديد سنوياً. يوضع حوالي 3,000 منهم في أدوار يومياً، وفقاً للشركة.

تهديدات الذكاء الاصطناعي والإنتاج الخارجي

يشكل الذكاء الاصطناعي قلقاً رئيسياً لممثلي الخلفية، رغم أن غولدشتاين قال إنه لا يعتقد أن الأدوات الرقمية الجديدة وظهور الشخصيات الاصطناعية ستلغي الحاجة إلى ممثلي الخلفية. أضاف: "هناك الكثير من النقاش حول هل هو إنسان أم تكنولوجيا؟ ونحن نراه كإنسان وتكنولوجيا".

قللت صور الكمبيوتر المولدة من الحاجة إلى مشاهد جماهيرية ضخمة كانت معيارية في السابق. قال غولدشتاين: "قبل هذه التكنولوجيا، كنا قد نملأ ساحة، مثل قد نملأ تصويراً لـ5,000 شخص أو 10,000 شخص".

تقلصت فرص العمل في جنوب كاليفورنيا حيث تدفق الإنتاج إلى ولايات ودول أخرى تقدم حوافز أكبر للأفلام. قالت جايلي ماروك، 38 عاماً، التي سجلت مع Central Casting في 2009 وعملت بثبات منذ ذلك الحين: "الإنتاجات ستحزم حقائبها وترحل، سيذهبون إلى مكان أرخص، ويصبح الأمر أصعب وأصعب بالنسبة لنا".

أضافت ماروك، التي تعمل غالباً في مسلسل "Grey"s Anatomy": "ما أحبه في القيام بعمل الخلفية هو أنه يعطي حقاً أساساً متيناً حول ما يشبه التواجد في موقع التصوير وما هي التوقعات". لكنها تقلق بشأن مستقبلها، خاصة مع ظهور الذكاء الاصطناعي وهجرة الإنتاج.