د. محمد الصياد*
تُنبئ تصريحات ومواقف بعض أطراف المفاوضات الجارية في إطار اتفاقيات المناخ الدولية (اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ لعام 1992، واتفاق باريس للمناخ لسنة 2015)، بأن شيئاً ما يجري خارج هذه الأطر الرسمية للمفاوضات متعدّدة الأطراف، يهدف لإنشاء مسار تفاوضي موازٍ للمسار الرسمي للمفاوضات.
سبب هذا «الجنوح الانفصالي»، على ما نراه، يعود إلى مشاعر الخيبة والإحباط التي بدأ يعبّر عنها فريق من أطراف المفاوضات ومجاميع من منظمات ال«NGOs» المدعومة من الاتحاد الأوروبي، بشأن ما تعتبره هذه الأطراف، تلكؤاً، وعدم جدية من جانب بلدان وقوى نافذة في المفاوضات، للتخلص من الوقود الأحفوري، الذي يزعمون أن الخلاص منه سيحل مشكلة تركيز الانبعاثات والاحترار العالمي.
ستجري هذه العملية خارج نطاق العمليات الرسمية للأمم المتحدة، تحت غطاء «تحالف الراغبين» الذي تقوده كولومبيا، والتي سارعت – بعد ما اعتبرته إخفاقاً لمؤتمر الأطراف في نسخته الثلاثين (بيليم، البرازيل من 10 إلى 21 نوفمبر 2025)، في تضمين وثيقته الختامية نصاً صريحاً للتخلص من الوقود الأحفوري - إلى طرح ما أسمته «إعلان بيليم بشأن التحول العادل بعيداً عن الوقود الأحفوري»، الذي أيّدته 24 دولة، هي أستراليا، النمسا، بلجيكا، كمبوديا، تشيلي، كولومبيا، كوستاريكا، الدنمارك، فيجي، فنلندا، أيرلندا، جامايكا، كينيا، لوكسمبورغ، جزر مارشال، المكسيك، ميكرونيزيا، نيبال، هولندا، بنما، إسبانيا، سلوفينيا، فانواتو، وتوفالو.
في ذات الوقت، أعلنت حكومتا كولومبيا وهولندا، عن استضافتهما المشتركة للمؤتمر الدولي الأول حول التحول العادل بعيداً عن الوقود الأحفوري. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته وزيرة البيئة والتنمية المستدامة الكولومبية، إيرين فيليز توريس، ونائبة رئيس الوزراء ووزيرة سياسة المناخ الهولندية، صوفي هيرمانز، في بيليم.
وسيُعقد المؤتمر يومي 28 و29 إبريل/ نيسان 2026، في مدينة سانتا مارتا الساحلية الكولومبية. وهي مدينة معروفة بمينائها الكاريبي الذي تصدر منه الشركة الأمريكية دروموند، المسيطرة على مرافق الميناء، معظم إنتاج كولومبيا من الفحم إلى الأسواق العالمية.
وفي المؤتمر الصحفي، قالت الوزيرتان، الكولومبية والهولندية، إن إعلان بيليم بشأن التحول العادل بعيداً عن الوقود الأحفوري، يمثل التزاماً سياسياً بتحول عادل ومنظم ومنصف، بعيداً عن الوقود الأحفوري، بما يتماشى مع حدود الاحترار العالمي البالغة 1.5 درجة مئوية، مع التركيز على الحماية الاجتماعية، والتنويع الاقتصادي، ومسارات جديدة للطاقة المستدامة، ما يختلف عن الوثيقة الختامية الرسمية لمؤتمر الأطراف الثلاثين التي لم تتضمن نصاً صريحاً بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وإن وضعت «خرائط طريق بيليم» لتخطيط عملية الانتقال.
وزيرة البيئة والتنمية المستدامة الكولومبية، ذهبت أبعد في الطموح، بالقول: «سيكون هذا (التجمع غير الرسمي)، منصة حكومية دولية واسعة النطاق، متعدّدة القطاعات، تُكمل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، مُصمّمة لتحديد المسارات، القانونية والاقتصادية والاجتماعية، اللازمة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري».
هذا تطور مثير بلا شك، سوف تنتظر أوساط عدّة، بما فيها أطراف مهمة في عملية التفاوض المناخي، وعمالقة صناعة النفط وبقية مصادر الوقود الأحفوري (الغاز والفحم)، ما ستسفر عنه هذه الحركة، «المتمرّدة»، إن جاز التعبير، وإن حرصت الوزيرة الكولومبية في المؤتمر الصحفي الذي جمعها مع نائبة رئيس الوزراء ووزيرة سياسة المناخ الهولندية، على القول إن التحالف يُكمِل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، وما سيسفر عنه المؤتمر الذي سيعقده التحالف في كولومبيا في إبريل المقبل. فالشكوك أصبحت تراود حتى الأوساط العلمية المناخية بشأن قدرة العالم على مقابلة هدف ال 1.5 درجة مئوية. ففي الواقع، فإن الحفاظ على هذا الهدف، يستلزم، كما صرّح يوهان روكستروم، مدير معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ «ثني المنحنى العالمي للانبعاثات نحو الانخفاض بحلول عام 2026، ثم خفض الانبعاثات بنسبة 5% على الأقل سنوياً». وهذا ضرب من الأماني.
*خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
