عرب وعالم / نيوز لاين

إيران أمام اختبار إستراتيجي.. ما هو؟

إيران أمام اختبار إستراتيجي.. ما هو؟

إيران جزء مهمّ من الشرق الأوسط، وهي بلد كبير مؤثّر ومتأثّر بما يجري في العالم العربي، ومن نافلة القول أنّها دعمت القضية والمقاومة الفلسطينية في وقتٍ خَذَلها بعض الأنظمة العربية.

ليس المقصود بهذه المقالة، مهاجمة إيران على قاعدة الاصطفاف الطائفي أو العرقي، وليس المقصود بها التصيّد بعد خسارتها حضورها في أو تراجع قوّتها ونفوذها مع ضعف حزب الله الناتج عن عدوان الاحتلال الصهيوني على لبنان، البلد العربي الصغير، الكبير بمواقفه من القضية الفلسطينية. وإنما الهدف هو القراءة السياسية الموضوعية وما تقتضيه مواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري في المنطقة.

مَظْلمة الشعب السوري

إذا جاز للإنسان أن ينحاز فعليه أن ينحاز إلى القيم والأخلاق ومصالح الشعوب، ومنها مصالح الشعب السوري صاحب التاريخ والمواقف الوطنية والعربية المشرّفة، ومنها دعمه لفلسطين ونضال الشعب الفلسطيني.

وأي موقف إيجابي لنظام عربي، هو انعكاس لمواقف شعبه، وفي المقابل فإن أي موقف سلبي لهذا النظام أو ذاك ليس بالضرورة تعبيرًا عن مواقف شعبه، لا سيّما من القضية الفلسطينية.

في هذا السياق، فإن دعم نظام الأسد لفلسطين، ولحركة حماس ما قبل الثورة، هو انعكاس لموقف الشعب السوري الأصيل، وهذا الدعم لفلسطين أو لحماس قبل الثورة لا يُجيز له ولا لغيره انتهاك حقوق الشعب السوري، وليس مبررًا له ولا غطاءً له لفعل ما فعل من فظاعات تكشّفت قبل وبعد سقوط النظام.

 

خطأ إيران أنها وقفت مع نظام الأسد ظالمًا دون أن تأخذ على يده لتصحيح مواقفه من مظالم الشعب السوري، فأصبحت شريكًا واقعيًا له في مقتلة الشعب السوري، إضافة إلى دَفْعها حزب الله اللبناني، والعديد من الفصائل المصنّفة مذهبيًا للقتال إلى جانب النظام، ضد شعبه، ما أضر بصورة إيران، وأسّس لعداء بينها وبين الشعب السوري الذي دفع أثمانًا باهظة بسبب تلك المواقف والسياسات.

لم تكتفِ إيران بذلك، بل اتخذت موقفًا مشككًا من الثورة السورية ومآلاتها بعد سقوط نظام الأسد. فعلى سبيل المثال، أعلنت هيئة الأركان العامّة الإيرانية (28 ديسمبر/كانون الأول 2024) بأن "ما حدث في سوريا هو خطّة مشتركة أميركية صهيونية"، وأن "نظام الهيمنة بقيادة أميركا يسعى لنهب موارد الشرق الأوسط، ولن يحقّق مكاسب في سوريا".

وعلى صلة بالموضوع قال المرشد الإيراني علي خامنئي: "إن الذين اعتدَوا على سوريا سيجبرون يومًا ما على التراجع أمام قوّة شبابها". وأضاف: "إنّ سوريا تتعرض لاحتلال من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ودول إقليمية". حسب تعبيره في 1 يناير/كانون الثاني 2025.

الذهاب بعيدًا في المواقف ليس في مصلحة إيران وعلاقاتها المستقبلية مع سوريا وشعوب المنطقة التي تنحاز إلى الشعب السوري. والوقوف على أطلال النظام السابق لن يُعيد لها ما خسرته، ولا سيما أن إيران تعلم أن مسار بشار الأسد كان يبتعد عنها وعن حزب الله وعن المقاومة بعد معركة طوفان الأقصى.

فالجميع تابع موقف نظام الأسد السلبي من المواجهة الأخيرة مع الاحتلال، حيث بدأ يبتعد حد الامتناع عن تأييد المعركة ضد الاحتلال الإسرائيلي عمليًا وإعلاميًا، كثمن على ما يبدو، لإعادة تعويمه في المنطقة وانتقاله من مربع إلى آخر.

وحتى لا تتعمّق خسائر إيران، فإنها بحاجة لمراجعة موقفها من سوريا الجديدة بطي صفحة الماضي، وبتأييد تطلعات الشعب السوري، وهذا فيه مصلحة لها ولحزب الله في لبنان الذي لا يستغني عن التنفّس من الرئة السورية، خاصّة بعد دخول واشنطن على خط رقابة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وفقًا لموجبات القرار 1701.

إيران وطوفان الأقصى وحزب الله

إسرائيل كانت تقف على قدم واحدة، أمام أي تهديد من حزب الله اللبناني، حتى إنها لم تستطع أن تعتدي على خيمة نصبها الحزب في مزارع شبعا في يونيو/حزيران ، واعتبرتها إسرائيل المحتلة تعديًا على سيادتها.

في معركة طوفان الأقصى، اعتمد حزب الله مقاربة القوة النارية المنضبطة بقواعد اشتباك مع الاحتلال، لإسناد غزة بزيادته العبء الأمني والعسكري والاقتصادي على إسرائيل، لدفعها إلى وقف إطلاق النار في غزة، ومظنّة أن تلك السياسة أو المعادلة ستُثني إسرائيل عن الحرب المفتوحة معه، وسيُعفيه ذلك – كما إيران – من التكاليف المرتفعة.

مقاربة الحزب، التي هي مقاربة إيرانية بحكم العلاقة العضوية بين الحزب وإيران، استوعبها الاحتلال الإسرائيلي بامتلاكه شبكة أمان عسكرية وأمنية واقتصادية من الولايات المتحدة الأميركية وبعض العواصم الغربية، وفي اللحظة المناسبة، وبعد سنة من التدمير والقتل الممنهج في غزة، استدار الاحتلال بثقله العسكري إلى الشمال، ومع ذلك بقي الحزب ملتزمًا بقواعد الاشتباك دون أن يُبادر ويأخذ بزمام المبادرة بالحرب أو الهجوم الكبير على إسرائيل وجيشها المحتشد شمال فلسطين.

علاوة على ذلك، كانت إسرائيل قد اختبرت موقف الحزب وردة فعله وفعل إيران من خلال اغتيال إسماعيل هنية في طهران، وفؤاد شُكر رئيس أركان الحزب في بيروت، فكانت ردود فعلهما، على أهميتها، محدودة، وفي سياق قواعد الاشتباك ومعادلات الردع التكتيكي، ما أكّد لإسرائيل أن الحزب وإيران، يخشيان الحرب ولا يريدانها.

هذا حفّز إسرائيل وجعلها تتجرأ وتبادر بهجوم أمني كبير على آلاف من كوادر الحزب (عملية البيجر والتوكي ووكي)، واغتيال مئات القيادات العسكرية، وصولًا لاغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، في عمليات أمنية متتالية وفي أيام معدودة، أعقبتها بهجوم جوّي مكثّف على الضاحية الجنوبية في بيروت وقرى الجنوب اللبناني.

 

إذن خشية إيران والحزب من الحرب، والتزام الأخير بقواعد الاشتباك، والظن بأن إسرائيل غير قادرة على خوض معركة كبيرة مع الحزب؛ بسبب استنزافها في غزة، وبأنها ستضطر واقعيًا، تحت الضغط إلى القبول باتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، أوقعت إيران والحزب في سوء تقدير دفع الأخير لوقف إطلاق النار والقبول بفك ارتباط المسار اللبناني عن المسار الفلسطيني، والخضوع لاستحقاقات القرار 1701 والذي يفرض انسحاب الحزب من جنوب لبنان تحت إشراف الأمم المتحدة، ومتابعة اللجنة الدولية التي تضم الولايات المتحدة الأميركية الداعم الرئيسي والإستراتيجي لإسرائيل.

ذلك يعني أن إسرائيل واليمين الصهيوني المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، نجحوا في تحييد حزب الله وإضعافه، والاستفراد بحركة حماس والمقاومة الفلسطينية التي تخوض معركة طاحنة إلى اللحظة وبإسناد فقط من اليمن البعيد جغرافيًا، في وقت خرج حزب الله وإيران من المواجهة المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي.

مردُّ هذه النتيجة، أن إيران ربّما أخطأت في حساباتها، عندما حالت دون قيام حزب الله بهجوم واسع وكبير على إسرائيل المحتلة في الأشهر الأولى من المعركة لوقف العدوان على غزة، في وقت كانت فيه كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية في ذروة قوّتها، وأخطأت أيضًا عندما حالت دون قيام حزب الله بهجوم قوي وموجع ضد إسرائيل ردًا على اغتيالها رئيسَ أركان الحزب فؤاد شُكر، الأمر الذي ربما لو حصل لكان رَدَع إسرائيل وخلق معادلة سياسية عسكرية معها لصالح "محور المقاومة" وفلسطين.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نيوز لاين ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نيوز لاين ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا