اقتصاد / صحيفة الخليج

الحمل.. شرارة «كاري تريد» التي أشعلت فتيل «كارثة الاثنين»

إعداد: هشام مدخنة

ما الذي حدث في الأسواق يوم الاثنين 5 أغسطس/ آب 2024؟ تحديداً ماذا حدث في بورصة طوكيو التي شهدت انهياراً في الأسعار لم يسبق له مثيل منذ انهيار «الاثنين الأسود» الشهير في 1987؟

انهيار «نيكاي» بأكثر من 12% أدى إلى فوضى كبيرة اجتاحت الأسواق العالمية، وجعلتها عرضة لموجة بيع واسعة النطاق، انتقلت إلى كل أرجاء العالم، ومن سوق الأسهم إلى كل شيء تقريباً، بما في ذلك السلع الرئيسية، مثل النفط والذهب، والعملات المشفرة، وبالطبع أثرت في أسواق العملات الرئيسية «فوركس».

صحيح أن مجموعة من العوامل تسببت بحالة الذعر هذه، بما في ذلك القلق من الركود المحتمل في الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد عالمي، ومخاوف ارتفاع أسهم التكنولوجيا إلى مستويات عالية للغاية هذا العام. إلا أن آلية أساسية شهيرة في أسواق العملات التقليدية، تُسمى «كاري تريد» (Carry Trade)، أو «تداول الترجيح»، أو ما يعرف أيضاً ب« الحمل»، كانت من أهم العوامل التي فاقمت الضغوط على الأسواق، التي كانت تفاجأت، قبل أيام، برفع الفائدة في .

  • ما هي صفقات الحمل؟

هي معاملة ترتكز في الأساس على دراسة فروق أسعار الفائدة بين العملات المختلفة لتحقيق أكبر مكسب ممكن. بمعنى آخر، إن عمليات التداول بالفائدة تنطوي على الاقتراض بكلفة منخفضة بعملة واحدة لتحقيق عوائد أعلى من الاستثمارات بعملة أخرى. فعلى سبيل المثال، يقترض المستثمر عملة بلد ما ذات أسعار فائدة منخفضة مثل الين (0.25%)، ويستخدمها للاستثمار في عملة ذات أسعار فائدة أعلى مثل البيزو المكسيكي (11%)، أو للاستثمار في الأسهم الأمريكية وسندات الخزانة بهدف الحصول على عوائد أعلى.

وتعتمد هذه الاستراتيجية على أمل بقاء العملة المقترضة رخيصة مقابل الدولار وأسعار فائدتها منخفضة، فضلاً عن انخفاض التقلبات في السوق. وهذا يعطينا تفسيراً لما حدث في الأسواق قبل أيام، حيث تحول هذان العاملان عكس رغبة المستثمرين في الأسابيع الأخيرة مع ارتفاع الين، ما دفعهم إلى إغلاق مراكزهم القائمة على الاستدانة.

  • لماذا تخلى المتداولون عن صفقات الحمل؟

بما أن العامل الرئيسي وراء عمليات التداول بالفائدة هو الفارق في أسعارها. فقد أبقى بنك اليابان أسعار الفائدة عند الصِفر، أو بالقرب منه لسنوات، في محاولة لتشجيع المزيد من الإنفاق وتحفيز النمو الاقتصادي. وفي الأسبوع الماضي، رفع سعر الفائدة الرئيسي من الصفر تقريباً لسنوات، إلى 0.25%. وتميل أسعار الفائدة المرتفعة إلى تعزيز قيمة عملة الدولة، ما أسهم في ارتفاع الين الياباني مقابل الدولار الأمريكي.

بعد ذلك، سارع المتداولون إلى بيع الأصول الأعلى خطورة والمقومة بالدولار لتغطية تكاليف الاقتراض المرتفعة فجأة، إضافة إلى الخسائر الناجمة عن تغيرات أسعار الصرف الأجنبي والخسائر في قيم الأصول مع انخفاض أسعار الأسهم. واستخدمت صناديق التحوط التي تدير عمليات «صفقات الحمل» نماذج آلية للمساعدة في تعظيم عائداتها مقابل المخاطر، فكان لزاماً عليها بيع الأسهم للحفاظ على هامش مخاطر مقبول.

  • لماذا التأثير الكبير؟

تميل معاملات صفقات الحمل، أو «تداول الترجيح»، إلى تحقيق أكبر قدر من أهدافها عندما تكون أسعار الصرف الأجنبي مستقرة نسبياً، ويمكن للمستثمرين الاستفادة من فرص السوق ذات العائد الأعلى، مثل الارتفاعات الأخيرة لأسعار الأسهم في أماكن مثل الولايات المتحدة. لكن الاضطرابات الأخيرة في السوق أجبرت المتداولين على تغطية ديونهم بشراء الين، وغيره من معاملات «صفقات الحمل»، مقابل بيع المزيد نسبياً من الأصول ذات المخاطر الأعلى التي اشتروها في ظل ظروف أكثر ملاءمة، ومقترضة بثمن بخس، في الأغلب بالين الياباني.

يُذكر أن هذه العمليات مربحة للغاية عندما ترتفع الأسهم أو الاستثمارات الأخرى، ولكن الخسائر يمكن أن تتضاعف إذا تعرض آلاف المتداولين لضغوط بيع الأسهم، أو أصول أخرى دفعة واحدة. وبهذا الخصوص، يقول ستيفن إينيس من شركة إدارة الأصول «إس بي آي»: «كانت عملية التفكيك الضخمة لصفقات الحمل العالمية بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل هذه الكارثة في السوق».

  • ما هي المخاطر المستقبلية المترتبة؟

إن الفجوة بين سعر الفائدة الرئيسي في اليابان، والذي يبلغ الآن 0.25%، وسعر الفائدة القياسي الذي يحدده بنك الاحتياطي الفيدرالي، والذي يتراوح بين 5% و5.25%، لا تزال واسعة، ولكنها من المرجح أن تضيق مع قيام الأخير بخفض أسعار الفائدة، مقابل رفعها في اليابان. ويبدو أن الأسواق المالية هدأت، الثلاثاء، حيث ارتفع مؤشر «نيكاي 225» الياباني بنسبة 10.2%، وصعدت معه الأسواق الأخرى في الأغلب. وينقسم المحللون حول ما إذا كانت هذه الموجة من التقلبات في الأسواق قد انتهت، أم أن هناك المزيد منها في المستقبل.

لكن بغض النظر عن ذلك، تم استخدام «صفقات الحمل»، أو ما يعرف أيضاً «عمليات تجارة الفائدة» لعقود من الزمن. وقد أسهمت في انهيار القطاع المالي في آيسلندا بين عامي 2007 و2008، حيث اقترض المستثمرون بالين، أو الفرنك السويسري، للاستفادة من أسعار الفائدة الآيسلندية المرتفعة. وخلال هذا الاضطراب الأخير في السوق، شهدت المكسيك، وهي مركز آخر لتداول الفائدة بالين، انخفاض البيزو بأكثر من 6%. ومع ذلك، من المرجح أن تظل استراتيجية التداول الشائعة هذه، والمعقدة، بمثابة بطاقة جامحة للمستثمرين، بخاصة في أوقات التقلبات العالية في السوق.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا