اقتصاد / صحيفة الخليج

فك الارتباط بين الاقتصادين والصيني بات حتمياً

د. عبدالعظيم حنفي

تتحدث مراكز دراسات أمريكية أنه بدأ ارتباط الولايات المتحدة بجمهورية الشعبية مع ريتشارد نيكسون في عام 1972، ثم توسع في عهد بِيل كلينتون، وكان ذلك الارتباط في مصلحة الطرفين ؛ حيث كانت الولايات المتحدة واقعة في قبضة الركود التضخمي الموجعة، وكان اقتصاد الصين في حالة من الفوضى بعد الثورة الثقافية. وكان كل من البلدين في احتياج إلى وصفات جديدة للتعافي والنمو، فتحول كل من البلدين باتجاه الآخر في زواج مصلحة. فقد وفرت الصين السلع الرخيصة التي مكنت المستهلكين الأمريكيين الذين كانت دخولهم مقيدة بشدة من تدبر أمورهم، ووفرت الولايات المتحدة الطلب الخارجي الذي دعم استراتيجية النمو القائمة على التصدير التي انتهجها دنغ شياو بينغ. ومع افتقارها إلى المدخرات ورغبتها في تحقيق النمو، اعتمدت الولايات المتحدة بشكل متزايد على الذخيرة الهائلة من المدخرات الفائضة لدى الصين لتغطية نفقاتها. وتمكنت الصين من تكديس حصة ضخمة من سندات الخزانة الأمريكية، والتي ساعدت أمريكا في تمويل العجز الهائل في موازنتها. وترجع التوترات التجارية بين الاقتصادين، إلى منتصف الثمانينات عندما تقدمت الصين بطلب الحصول على عضوية في اتفاقية الجات (سلف منظمة التجارة العالمية) في عام 1985، عندما كانت لاعباً صغيراً ولكن دولة كثيفة السكان ذات إمكانات كبيرة في الاقتصاد العالمي. واستمرت المفاوضات حتى عام 2001. ولم يكن عندئذ الخوف من الصين كقوة اقتصادية بقدر ما كانت الإدارات الأمريكية المتتالية ترغب في تغيير النظام الاقتصادي بالصين وفتح السوق الصيني على مصراعيه للمنتجات الأمريكية مقابل السماح لها بالانضمام إلى المنظمة., منذ ذلك الحين وعملية الشد والجذب بين الدولتين لم تهمد. والى الآن يصف المنتقدون السياسة الأمريكية بالساذجة عبر الموافقة على انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، لكن اقتصاديين أمريكيين يرون أن الأساس الذي استندت إليه هذه السياسة هو التكهن، وفقاً لنظرية التحديث، بأن النمو الاقتصادي من شأنه أن يدفع الصين إلى ذات مسار التحرير الذي سلكته مجتمعات كونفوشيوسية أخرى مثل كوريا الجنوبية وتايوان ومع ذلك. يقرون بأن الأمر كان لا يخلو من بعض الحماقة، كما حدث عندما استخف الرئيس بيل كلينتون بالجهود التي تبذلها الصين للسيطرة على الإنترنت فقال مازحاً إن ذلك سيكون أشبه «بمحاولة تثبيت الجيلي على الحائط بمسمار».
واشتعلت الحرب التجارية بين أكبر اقتصاديْن في العالم، لمدة 18 شهراً في عهد الرئيس ترامب، لكن في 15 يناير 2020 تم إبرام صفقة بمكانة هدنة سميت بـ«المرحلة الأولى» ، تزيد الصين من مشترياتها من المنتجات والخدمات الأمريكية بما لا يقل عن 200 مليار دولار على مدار عامين. وفي عهد لجأت الولايات المتحدة لأسلحة اقتصادية جديدة لإبطاء الصين، مثل فرض رسوم جمركية على الواردات الصينية ، وحظر لصادرات أحدث رقائق الحوسبة. كما تشن الولايات المتحدة حملة على شركات التكنولوجيا الصينية، حيث وضعت الحكومة الأمريكية أكثر من 1000 شركة صينية على قائمة الحظر بهدف خنق صناعة التكنولوجيا الصينية. ما أدى إلى تقدم الصين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية . وتختمر الآن حرب تجارية تدور رحاها حول التكنولوجيات النظيفة. فقد حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين الصين بشكل مباشر من أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة «الدعم الحكومي الواسع النطاق» الذي تقدمه الصين لصناعات مثل الشمسية، والمركبات الكهربائية، والبطاريات.كما تدرس الولايات المتحدة تقييد وصول الصين إلى خدمات الحوسبة السحابية، كجزء من محاولتها تحجيم هذا البلد الآسيوي في تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي. وواقع الحال أن الجسد الوطني الجمعي لأمريكا يعاني قلقاً مزمناً من الصين. وتقدم ريك سكوت، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، بمشروع قانون يحظر واردات الثوم الصيني، مشيراً إلى أنه قد يمثل تهديداً للأمن القومي .! وتلك المؤشرات دليل على أن، الولايات المتحدة تحاول فك ارتباطها تدريجياً وانتقائياً بالصين في المجالات الاقتصادية والتجارية لاحتواء صعودها. وهكذا بعد اعتلائه سدة الحكم استبدل الرئيس بايدن فك الارتباط بمصطلح «تقليل المخاطر»وهو ليس أكثر من تعبير لطيف عن فك الارتباط الانتقائي والتدريجي.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا