اقتصاد / صحيفة الخليج

لماذا النجاح حليف ؟

د. عبدالعظيم حنفي*

يتابع العالم باهتمام التجربة الرائدة لدولة ، وهي تنضم إلى الشموس الآسيوية ذات التجارب المتألقة اقتصادياً وحققت معجزة اقتصادية انطلاقاً من تطوير التعليم والتنمية البشرية، ومزجت بين النمو الاقتصادي ومكافحة الفقر، وبين قيم العولمة والهوية الوطنية. أضافت التجربة التنموية الإماراتية الناجحة تفاؤلاً جديداً وجديراً بالثقة لتلك التجارب الاقتصادية الناجحة في القارة الآسيوية، وتتمثل أهمية ذلك مع انتقال موازين القوى من الغرب إلى الشرق، من منطقة المحيط الأطلسي إلى آسيا ومنطقة المحيط الهادئ. فآسيا هي المستقبل، لذا أصبح يطلق على القرن الذي نعيش فيه اسم «القرن الآسيوي». باعتبار أن المستقبل سيكون لآسيا ليس فقط لأنها أكبر قارة في العالم وأكثرها سكاناً (60% من سكان العالم)، ولكن أيضاً لأنها أصبحت قاطرة النمو الاقتصادي في العالم (دول آسيا والمحيط الهادئ تمثل 54% من الناتج الاقتصادي الإجمالي للعالم، و44% من التجارة الدولية). إن الصعود الآسيوي لا يرتبط فقط بالصين، ولكن يرتبط بصعود دول أخرى، مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وفيتنام ودولة الإمارات وغيرها. وقوة هذه الدول لم تعد تقتصر فقط على حجم اقتصادها ومعدلات النمو فيها، بل امتدت لمجالات أخرى منها القدرة على الاختراع والابتكار.
إن التجربة التنموية الإماراتية الرائدة صارت جزءاً مؤثراً في القرن الآسيوي، جزءاً من المستقبل بعد أن حققت ارتباطاً استراتيجياً بالدول الآسيوية التي تشكل القطبية المتعددة للعالم الجديد، وانضمت إلى تجمع «البريكس»، الذي يمثل 42% من عدد سكان العالم، و36% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتجمع دراسات التنمية على أن النجاح الباهر لدولة الإمارات لا يرتبط بتوفر الموارد الطبيعة والموقع والثقافة فحسب بل يعود إلى وجود قيادة مستنيرة، بالإضافة إلى الجانب المؤسسي في الاقتصاد والذي يرتبط بتوافر القوانين والممارسات التي تحفز المواطن على العمل المنتج، وتطلق مواهبه ومهاراته، وتصون ملكيته الخاصة، وتضمن العقود المتفق عليها.
كما نجحت دولة الإمارات في الالتحاق بالثورة الصناعية الرابعة، فالعالم شهد ثلاث ثورات صناعية من قبل، الأولى بدأت عام 1784 باستخدام المحرك البخاري، والثانية في 1870 باكتشاف الكهرباء، والثالثة بدأت في 1969 وعرفت بالثورة الرقمية. الثورة الرابعة تجمع بين الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، والجينات، وما يعرف بتكنولوجيا «النانو»، وتطبيقات الإنسان الآلي (الروبوت)، وآلات الطباعة المجسمة (ثلاثية الأبعاد). هذه «الثورة الرابعة» التي اتفق الخبراء كافة على أنها ستحدث تغييرات في جميع نواحي الحياة، وستجتاح المجتمعات كافة.
تعمل الإمارات على توفير الفرص التي توفرها تلك الثورة، مثل زيادة رفاهية الإنسان، وإطالة عمره، وتوفير سلع وخدمات بكفاءة أعلى وسعر أقل. كما نجحت دولة الإمارات في توظيف الابتكار لمواكبة المتغيرات واستغلال الفرص ومواجهة التحديات، وتحويل مفاهيمه إلى أداة فعالة لتطوير العمل الحكومي وتعزيز التنمية المستدامة في مختلف جوانب الحياة. وتواصل الإمارات تقدمها المستمر في مؤشر الريادة العالمية، فيما بات الابتكار ثقافة عامة لمنظومة العمل الحكومي والخاص في الدولة التي نجحت في تعزيز مكانتها وجهة عالمية للإبداع والتميز والممارسات المبتكرة. ولكن تلك الثورة الصناعية الرابعة تمثل تحدياً وكان على دولة الإمارات، تبنى تحولات هيكلية للتكيف معها عبر السعي وبشكل حثيث ومستمر إلى تعزيز قدراتها في مجال التنمية المستدامة المدعومة بالإبداع والابتكار وتوفير المثلى لتخريج أجيال جديدة من المواهب اللازمة لرفد سوق العمل باحتياجاته المتزايدة من العقول القادرة على الإبداع ومواكبة التطلعات الطموحة لمستقبل التنمية الاقتصادية في الدولة. وقد أطلقت الإمارات خلال السنوات الماضية عدداً كبيراً من المبادرات والسياسات والبرامج الهادفة إلى إعداد جيل من المبتكرين القادرين على دفع عجلة التنمية المستدامة قدماً والإسهام في تحقيق سعادة المجتمع ونمائه ورخائه، وذلك ينبع من حقيقة أن الثورة الصناعية الرابعة تزداد فيها فرص العمل المرتبطة بالهندسة والكمبيوتر والتصميم والرياضيات. ما يؤدى إلى تغيير هيكل القوة الاقتصادية في العالم، ولقد استفادت الدولة من المزايا التي تتميز بها التجربة التنموية الإماراتية من مرونة سوق العمل، وتوافر البنية التحتية، والقدرات التكنولوجية، وقبل كل ذلك ضرورة الارتقاء بالنظام التعليمي والاستثمار في مهارات الابتكار والإبداع. حيث أدركت الإمارات، أنه سيكون على دول العالم تكثيف استثماراتها في التعليم وخاصة المهارات التي يحتاجها سوق العمل الجديد.
*كاتب مصري

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا