اقتصاد / صحيفة الخليج

الطريق نحو شبكات طاقة أكثر كفاءة ومرونة

المهندس يوسف أحمد آل علي

مع تصاعد أزمة المناخ، أصبح هناك اهتمام غير مسبوق بسبل استهلاك وكيفية إدارة منظومتها... بدءاً من مرحلة التوليد ووصولاً إلى المستهلك النهائي. المجتمع العالمي مطالب بتوفير الطاقة أينما ووقتما احتجنا إليها، مع تقليل الهدر في كل مرحلة من المراحل إلى الحد الأدنى.
وفي العديد من بلدان العالم، تستمد الطاقة من محطات ضخمة، حيث يتم توصيلها إلى ملايين المرافق في جميع أنحاء البلاد عبر شبكات توزيع متصلة لديها القدرة على نقل فائض الطاقة، إلى حيث يكون الإنتاج منخفضاً أو معدوماً. وفي ظل ارتفاع الطلب المتزايد على الطاقة، مع وجود حاجة ماسة إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، يبرز التساؤل عما إذا كانت الشبكات القائمة قادرة على التماشي مع مستوى التحديات في القطاع.
لا شك أن ارتفاع الطلب على الطاقة لن يتوقف، وفي هذا الصدد، أشارت بعض الأبحاث التي أجرتها «مؤسسة بلومبيرج لتمويل الطاقة الجديدة»، المؤسسة الدولية المتخصصة في أبحاث وتحليلات الطاقة الجديدة وآليات الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، الى أن الطلب العالمي على الطاقة من المتوقع أن ينمو بنسبة تصل إلى 60% وصولاً إلى عام 2050. لا يعزى هذا إلى النمو السكاني فحسب، وإنما أيضاً إلى ازدهار القطاع الصناعي، والجهود الوطنية لزيادة الدخل القومي، والتزايد المطرد في استخدام المركبات الكهربائية والأجهزة الذكية وشبكات الإنترنت، لذلك نقول إن الاستدامة الحقيقية بالنسبة لمؤسسات الطاقة، تستلزم تحقيق الموازنة المطلوبة بين جانبي العرض والطلب، مع الوضع في الاعتبار التأثير البيئي لعملياتها.
إن الحلول الفاعلة في هذا الصدد تكمن في زيادة الاعتماد على التقنيات المبتكرة والذكية لتحسين الكفاءة في جميع مراحل الإنتاج والنقل والتوزيع. على سبيل المثال، يجب أن يزداد اعتمادنا على الأجهزة الذكية التي يمكن تركيبها في نقاط محددة على طول مسار شبكات النقل والتوزيع، والتي يمكنها إرسال المعلومات وتلقي التعليمات. من خلال تلك الأجهزة المبتكرة، نُحول شبكات الطاقة إلى شبكات ذكية تسهم في الإدارة الفاعلة لمصادر الطاقة، ونُحدد مكامن الحاجة إليها في الوقت المطلوب. ومن خلال قدرات المحطات وشبكات التوزيع، مع الاحتياجات الفعلية للقطاعات المختلفة وفئات المستهلكين، تتوافر الإدارة المثلى لموارد الطاقة، وتنخفض التكاليف، ويقل الأثر البيئي، كما ترتفع درجة اعتمادية وموثوقية منظومة الطاقة ككل، وتتطور قدرتها على الصمود والمرونة والاستقرار.
يمكن للشبكات الذكية الاستجابة بالشكل الأمثل لاحتياجات المواطن من الطاقة الكهربائية، وأيضاً الاستجابة لأي حوادث طارئة محتملة. لا ننكر أن تشغيل الشبكات الذكية أكثر تعقيداً بصورة نسبية من تشغيل الشبكات التقليدية، ارتفاع تكاليفها واعتمادها على آليات الإدارة عن بعد، إلا أن إيجابيات الاعتماد عليها تفوق بكثير أوجه تشغيلها والإنفاق عليها.
وتلك التقنيات الذكية تجعل الشبكة ثنائية الاتجاه، بمعنى أنه يمكن أن يتم تأهيلها لتمتلك القدرة على تجميع الطاقة التي يولدها بعض المستهلكين من خلال ألواح الطاقة الشمسية أو مولدات طاقة الرياح الخاصة بهم، فعندما يلجأ المستهلك إلى تلك التقنيات المتوافرة لديه في حالات طارئة أو خاصة تكون إمدادات الطاقة الكهربائية الواصلة إلي منخفضة حينها، فإنه يرسل الطاقة أيضاً إلى الشبكة عندما تُولَّد طاقة فائضة عن احتياجاته. بمعنى آخر، يمكن للمستهلك أن يكون مستهلكاً ومنتجاً في آنٍ واحد.
وتجسد الشبكات الذكية المعنى الحقيقي لعبارة «المعرفة قوة»، إذ إن تدفق المعلومات المستمر من وإلى الشبكة، يؤدي إلى حُسن استخدام ورفع كفاءة دورة الإنتاج والتشغيل والتوزيع والاستهلاك برمتها. يسمح ذلك أيضاً بإنشاء نماذج تنبئية دقيقة يمكن الاعتماد عليها في تحديد احتياجات المستهلكين من الطاقة في توقيتات مختلفة.
ويؤدي تغيير الآليات والطريقة التي يتم من خلالها توصيل الطاقة وإدارتها في منازلنا ومرافقنا، إلى إحداث تحول إيجابي في مواقف وممارسات المستهلكين. العدادات الذكية على سبيل المثال، توفر معلومات آنية عن معدلات الاستهلاك، مما يسهم في إدارة أفضل لجانبي العرض والطلب، ويحد من الهدر. وعندما يتبنى المتعاملون تلك التقنيات والضوابط الذكية، يرفع ذلك من وعيهم، ويؤدي بالتالي إلى تحول ملحوظ في سلوكياتهم وممارساتهم، خاصة أن هذه التوجه يؤدي أيضاً إلى توفير في رسوم الاستهلاك.
نحيا عصراً يتميز بالتغيرات التكنولوجية السريعة والوعي البيئي المتنامي، تتزايد فيه أهمية تقاطع مفهومي توفير الطاقة والابتكار الصناعي. وفي شركة الاتحاد للماء والكهرباء، فإن التزامنا بالتحسين المستمر، يضمن بقاءنا في طليعة الابتكار في تلك القطاعات الحيوية، وتواصل الشركة سعيها لاستكشاف فرص جديدة لاغتنام التكنولوجيا، من أجل تطوير أنظمتنا، وجعلها أكثر كفاءة ومرونة، لتلبية الاحتياجات المتغيرة، مما يعود بالنفع على متعاملينا ومجتمعنا، بل وكوكبنا بأكمله. مُلتزمون بدعم وتبني التقنيات الجديدة والمبتكرة في قطاعي المياه والطاقة وبنيتهما التحتية، ليس من أجل تزويد المستهلكين بتلك الخدمات الأساسية فحسب، وإنما أيضاً لدعم جهود دولتنا في تحقيق الاستدامة المنشودة، والحفاظ على كوكبنا للأجيال المقبلة.
* الرئيس التنفيذي لشركة الاتحاد للماء والكهرباء

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا